في مشهد يعكس ضعف الحكومة المصرية وغياب الرقابة الحقيقية على الأسواق، شهد قطاع الزيوت في مصر موجة من الارتفاعات غير المبررة في الأسعار، التي تسببت في قلق شديد لدى المواطنين والمنتجين على حد سواء،
حيث رفعت جميع مصانع الزيوت الأسعار في توقيت موحد وبنسب متطابقة، الأمر الذي يطرح العديد من الأسئلة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الارتفاع الكارثي.
حازم المنوفي، عضو شعبة المواد الغذائية بالغرف التجارية، خرج في تصريحات إعلامية ليكشف عن الممارسات المشبوهة التي تشهدها مصانع الزيوت في مصر، حيث أشار إلى أن جميع المصانع أصدرت قوائم أسعار جديدة بزيادة موحدة في وقت واحد، وهو ما لا يمكن تفسيره بأي شكل من الأشكال.
وقال المنوفي في حديثه: “جميع الشركات رفعت الأسعار بنفس النسبة وبنفس التوقيت، وهذا أمر غير مبرر على الإطلاق.”
لم يكن المنوفي وحده من أبدى استياءه من هذا الارتفاع المفاجئ، بل جاء اعتراضه في إطار توجيه أصابع الاتهام إلى غياب الرقابة الحكومية على هذه الزيادة الغريبة في الأسعار. وقال بحنق: “نريد أن نعرف سبب هذه الزيادة، ولا أحد يجيبنا.
هذه الزيادة غير مبررة بالمرة.” هذا الموقف يفتح الباب أمام العديد من التساؤلات التي لا تجد لها جواباً حتى اللحظة.
الزيادة التي أرهقت جيوب المواطنين والمستهلكين بلغت حوالي 18%، وهي نسبة ثابتة طبقتها جميع الشركات في مختلف أنحاء البلاد. والمثير هنا أن هذه الزيادة طرأت على جميع أنواع الزيوت، من زيوت الطهي إلى الزيوت الأخرى التي تستخدم في الصناعات المختلفة.
هذا التوحيد الغريب في الزيادة يثير العديد من الشكوك حول وجود تواطؤ غير مبرر بين الشركات المنتجة أو ربما حتى بعض الأطراف الحكومية التي تغض الطرف عن هذه الانتهاكات.
الحديث عن هذه الزيادة لم يقتصر على التصريحات الإعلامية فحسب، بل امتد ليشمل مطالبات من ممثلين عن قطاع المواد الغذائية بإيضاح الأسباب الحقيقية لهذا الارتفاع الذي جاء في توقيت غير مناسب على الإطلاق.
وطالب حازم المنوفي، أحد أبرز الأعضاء في شعبة المواد الغذائية بالغرف التجارية، بتوضيح الأسباب الحقيقية لهذه الزيادة، مشيراً إلى أن مبرر الارتفاع إذا كان يرجع إلى السعر العالمي للزيوت، فإن هذا ليس مبرراً مقبولاً على الإطلاق، خاصة إذا لم تشترِ الشركات الزيوت بالسعر العالمي الجديد.
هذا المطلب يفتح المجال أمام تساؤل آخر حول قدرة الحكومة المصرية على حماية حقوق المواطنين في ظل هذه الارتفاعات التي تزايدت بشكل مستمر في العديد من السلع الاستهلاكية.
حيث تُظهر التقارير المختلفة أن الحكومة تواصل اتخاذ موقف المتفرج في معظم الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مما يعكس عجزاً شديداً في مواجهة الممارسات الاحتكارية التي يقوم بها بعض كبار المصنعين والموردين.
ليس من المعقول أن تظل الحكومة المصرية صامتة أمام هذا النوع من الفساد الواضح، خاصة وأن زيادة الأسعار في مثل هذه السلع الأساسية تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين البسطاء.
ما يحدث الآن هو صراع مستمر بين مافيا الشركات الكبرى وبين المواطن الذي لا حول له ولا قوة. والغريب في الأمر أن الحكومة، التي من المفترض أن تكون الدرع الواقية للمواطن، تظل غير قادرة على كشف الأسباب الحقيقية لهذه الزيادة أو حتى اتخاذ إجراءات ملموسة لمحاسبة المتسببين فيها.
إن الوضع الراهن يثير القلق ليس فقط بشأن هذا القطاع، بل حول مدى قدرة الحكومة على إدارة الملفات الاقتصادية المهمة في البلاد.
فمنذ فترة طويلة، أصبح الشارع المصري يتساءل عن مصير الرقابة على الأسواق وحماية المواطنين من استغلال الشركات الكبرى التي تسعى لتحقيق أكبر قدر من الأرباح على حساب المستهلك.
إذن، أين هي الحكومة من هذه الأزمة؟ لماذا تواصل تجاهل مثل هذه الممارسات التي تضر بمصلحة المواطنين؟ كيف يمكن تفسير هذه الزيادة التي لم تُعلن عن أسبابها بشكل رسمي؟
كل هذه الأسئلة تظل معلقة دون إجابة، في الوقت الذي يواصل فيه الفقراء والطبقات المتوسطة تحمل عبء هذا الفشل الحكومي في التعامل مع الأزمات.
إن ما يحدث اليوم في قطاع الزيوت ليس مجرد زيادة في الأسعار، بل هو مؤشر على الفشل الذريع للحكومة المصرية في التعامل مع الملفات الاقتصادية الحساسة.
فمن خلال هذا التواطؤ الصامت بين الشركات الكبرى وغياب الرقابة الحكومية، يصبح المواطن المصري في مواجهة مباشرة مع الارتفاعات المستمرة في الأسعار، دون أن يجد من يوقف هذا الفساد الذي ينهش قوت يومه.
وفي ظل هذا الوضع المأساوي، لا بد من طرح العديد من الأسئلة التي تتطلب إجابات جادة من الحكومة. هل تستطيع الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في حماية المواطن؟ هل ستستمر في التغاضي عن هذه الزيادة الغير مبررة؟ أم أن هناك مؤامرة كبيرة على المواطن المصري؟
الحقيقة أن الوضع كارثي وغير قابل للتجاهل، ويجب على جميع الجهات المعنية أن تتحرك سريعاً لإيقاف هذه المهازل التي تتسبب في انهيار القدرة الشرائية للمواطنين في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من أزمات خانقة.