تقارير

كارثة النقل في أبوحمص: الحكومة تتخلى عن مواطنيها والمستقبل مفقود

في واحدة من أكبر الكوارث التي يشهدها مركز أبوحمص بمحافظة البحيرة، يعاني السكان من تدهور غير مسبوق في خدمات النقل والمواصلات.

وبالرغم من كون المركز أحد أهم المراكز الزراعية في المحافظة ويمتاز بتنوع الأنشطة المهنية المرتبطة بمراكز ومدن عديدة، مثل إدكو والمحمودية ودمنهور وكفر الدوار وأبوالمطامير وحوش عيسى، إلا أن هذه المنطقة الحيوية تجد نفسها عالقة في أزمة مرورية خانقة تؤثر على حياة الآلاف يوميًا.

منطقة أبوحمص، التي تبعد فقط 40 كيلومترًا عن مدينة الإسكندرية، وهي نقطة جذب لعدد كبير من أبناء المركز للعمل في المدينة الساحلية، باتت الآن تعاني من أزمة مواصلات حادة تهدد استقرار حياة المواطنين.

ورغم أن هذه المنطقة تعد من بين أهم النقاط الاقتصادية في المحافظة، إلا أن الحكومة المحلية فشلت بشكل فاضح في توفير الحد الأدنى من الخدمات التي يحتاجها سكانها، ما يجعل الوضع أشبه بكارثة مستمرة لا حلول لها.

نقص حاد في وسائل النقل

المشكلة تبدأ من الأساس مع النقص الحاد في وسائل النقل العامة. فالأهالي في أبوحمص يعانون من تدهور كبير في البنية التحتية لطرق المركز وعدم وجود صيانة كافية للأعمدة الكهربائية، ما يجعل التنقل بين المدن والمراكز الأخرى أمرًا بالغ الصعوبة.

ولعل أكثر ما يلفت النظر في هذه الأزمة هو انتشار المواقف العشوائية، والتي لا يتم تنظيمها بشكل صحيح، بالإضافة إلى عدم وجود مواقف محددة للمركز تساهم في تنظيم حركة النقل بشكل يخفف من معاناة المواطنين.

ورغم أن المركز يشهد ازديادًا مستمرًا في عدد السكان، إلا أن وسائل النقل باتت شبه معدومة، مما يضطر العديد من الأهالي إلى البحث عن حلول بديلة تتطلب منهم وقتًا وجهدًا كبيرين.

وفي ظل هذا الوضع المتدهور، نجد أن أصحاب المركبات قد قرروا الهجرة إلى المراكز والمدن الأخرى بحثًا عن فرص عمل أفضل، ما يعكس فشل الحكومة في توفير بيئة ملائمة للخدمات الأساسية.

تجزئة الخطوط وزيادة المعاناة

في ضوء غياب الرقابة التامة من الجهات المعنية، يقوم السائقون على الخطوط الرئيسية في المركز بتجزئة الرحلات من أجل الحصول على أموال أكثر، ما يزيد من معاناة المواطنين.

فبدلاً من أن تكون الرحلة من أبوحمص إلى وجهتها المحددة، يتم تقسيمها إلى عدة رحلات جزئية، مما يجعل الوصول إلى أي مكان يتطلب وقتًا أطول بكثير ويزيد من إجهاد الركاب.

وعندما يحاول أحد الركاب الاعتراض على هذا الوضع، لا يجد أمامه سوى التعنيف من السائق أو حتى إجباره على النزول من السيارة في وسط الطريق.

هذه الممارسات الفوضوية تحدث في ظل غياب تام للرقابة، لا من رجال المرور ولا من الوحدة المحلية المسؤولة عن إدارة المركز. وهو ما يسبب استياءً عامًا بين الأهالي، الذين أصبحوا ضحايا للتسيب والفساد الذي ينخر في مفاصل الإدارة المحلية.

تحكم السائقين في المواقف وتجاهل المعاناة

السائقون، الذين يستغلون غياب التنظيم والرقابة، يواصلون ممارسة أعمالهم بحرية كاملة، تاركين الركاب في وضع مقلق ومربك. فالأهالي لا يعرفون متى سيصلون إلى مقاصدهم ولا أي طرق سيتخذون للوصول إليها.

في وقت كان من المفترض أن توفر فيه الحكومة مواقف ثابتة ومنظمة، نجد أن الوضع في أبوحمص عبارة عن فوضى عارمة، حيث لا توجد أية محاولات جدية لتحديد وتنظيم خطوط النقل أو ضمان توفير وسائل مواصلات آمنة ومريحة للمواطنين.

ومن المفارقات العجيبة أن أعداد السكان في المركز في تزايد مستمر، ما يعني أن الحكومة على علم تام بهذه الأزمة الخطيرة التي تهدد حياة الجميع، ومع ذلك لا نجد أية خطوات حقيقية للتصدي لهذا الواقع المؤلم.

ورغم المناشدات المتكررة من قبل الأهالي والعديد من الجهات المحلية لتحسين خدمات النقل وإنشاء مواقف ثابتة، فإن الحكومة تظل متقاعسة بل غير مبالية بمصير هؤلاء المواطنين الذين لا يجدون من ينصفهم.

الفساد وسوء الإدارة يفاقمان المشكلة

الأوضاع الحالية في أبوحمص ما هي إلا نتيجة طبيعية للفساد المستشري وسوء الإدارة الذي يعصف بمرافق الحياة اليومية.

وفي الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من غياب التنظيم والخدمات الأساسية، يتضح جليًا أن الحكومات المحلية لم تبذل أي جهد جاد لإصلاح الوضع. إذ لا يكاد يمر يوم دون أن تزداد معاناة الأهالي بسبب الإهمال الواضح في التعامل مع هذا الملف الحساس.

في ظل غياب الرقابة والمتابعة، تتفاقم معاناة المواطنين، والذين باتوا يعيشون في فوضى لا تنتهي، بينما تواصل الحكومة صمتها غير مبرر. إذا كانت هناك أية نية للإصلاح، لكان قد تم التدخل بشكل عاجل لإنهاء هذه الكارثة قبل أن تتفاقم أكثر وتخرج عن السيطرة.

الواقع المرير والحلول الغائبة

في النهاية، يبقى السؤال الأهم: إلى متى سيظل أهل أبوحمص يعيشون في هذا الجحيم المتواصل؟ وعلى الرغم من مطالبات المواطنين المستمرة لحل أزمات النقل، لا تزال الحكومة تلتزم الصمت وتغض الطرف عن معاناتهم.

يتساءل الجميع: هل هناك أي أمل في أن تنقذ الحكومة هذه المنطقة من كوارثها المتلاحقة؟ أم أن الحكومة ستظل في سباتها العميق حتى يخرج الوضع عن نطاق السيطرة؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى