في خطوة صادمة تكشف حجم الفشل الحكومي والفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة، أعلن جهاز تنظيم الاتصالات بقيادة محمد شمروخ عن موافقته لشركات المحمول الأربعة على رفع أسعار المكالمات وخدمات الإنترنت.
هذا القرار الكارثي الذي يأتي في وقت تعاني فيه جموع الشعب المصري من ضغوط اقتصادية شديدة هو بمثابة ضوء أخضر للمزيد من الاستغلال ورفع الأعباء عن المواطنين في ظل فشل الحكومة المستمر في حماية حقوقهم.
أسباب هذا القرار، حسب تصريحات المسؤولين في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، تتمثل في “ارتفاع تكاليف التشغيل” التي تواجهها شركات المحمول.
هذه الحجة التي تكرر استخدامها كغطاء من قبل الحكومة للتغطية على أخطائها الإدارية والفساد المستشري داخل أجهزة الدولة، تبرز في سياق غريب وغير مقبول، حيث لا يُعقل أن يتحمل المواطن البسيط تبعات سوء الإدارة والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الشركات الكبرى.
وبالرغم من أن هذه الشركات تستفيد بشكل واضح من احتكار السوق، فإنها وجدت في هذه الموافقة الحكومية دعماً لرفع الأسعار دون أي رقيب أو حساب.
القرار الذي سيزيد العبء على المواطن
وفي سياق هذه الموافقة المريبة، أكدت المصادر أن الزيادة المرتقبة في الأسعار ستشمل المكالمات الصوتية وخدمات الإنترنت، وهو ما سيجعل الحياة اليومية للمواطن المصري أكثر صعوبة.
في حين تتذرع الشركات بارتفاع تكاليف التشغيل، نجد أن هذه الشركات الأربعة، والتي تتحكم في السوق بشكل شبه كامل، لم تعلن عن أية خطوات فعلية للتخفيف عن المواطنين أو تحسين الخدمة مقابل الزيادة في الأسعار.
في الوقت نفسه، يواصل جهاز تنظيم الاتصالات تحت قيادة محمد شمروخ إظهار موقفه الضعيف أمام هذه الشركات الكبرى التي لا تبدي أدنى اهتمام بمصلحة المواطن.
الذريعة الضعيفة لرفع الأسعار
التفسير الذي يقدمه جهاز تنظيم الاتصالات لهذه الزيادة، وهو ما يُسمى “ارتفاع تكاليف التشغيل”، يبدو وكأنه محاولة ساذجة لتبرير الفشل الذريع في إيجاد حلول واقعية للمشاكل التي تواجهها الشركات.
إن التذرع بزيادة التكاليف لا يمكن أن يكون مبرراً لرفع الأسعار بهذه الطريقة المجحفة، خاصة وأن هذا القرار جاء في وقت كان فيه المواطن المصري يواجه تدهوراً في أوضاعه المعيشية نتيجة لارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية.
ومن الغريب أن جهاز تنظيم الاتصالات، الذي من المفترض أن يكون الجهة المسؤولة عن حماية مصالح المواطنين في السوق، قد غابت عنه هذه المصلحة تماماً في قراره.
دور الحكومة في تعزيز الفساد والتقاعس
إن موقف جهاز تنظيم الاتصالات لا يعدو كونه تجسيداً لفساد أكبر وأعمق يضرب قلب الحكومة المصرية. فالحكومة التي تقف عاجزة عن محاسبة الشركات الكبرى، بل وتدافع عن مصالحها، تواصل نهجها في تحميل المواطن المزيد من الأعباء، متغاضية عن دورها في توفير الحلول الحقيقية للأزمات الاقتصادية.
هذه الحكومة التي فشلت في توفير البدائل والضوابط المناسبة لتجنب مثل هذه الزيادات، تساهم في تعميق الأزمة الاقتصادية بشكل أكبر، بدلاً من العمل على تخفيف الضغوط عن المواطنين الذين يعانون منذ سنوات من تدهور الأوضاع.
المواطن هو الضحية الوحيدة
أكبر ضحايا هذه السياسات الفاشلة هم المواطنون الذين سيواجهون المزيد من التضخم في أسعار الخدمات الأساسية التي يحتاجونها في حياتهم اليومية.
في حين أن الشركات الكبرى تتنعم بالأرباح، فإن المواطن المصري يدفع الثمن بشكل غير عادل. وإذا كانت الحكومة تشجع على رفع الأسعار بدلاً من مراقبتها وفرض الضوابط على الشركات، فإن هذا يعكس بوضوح تام غياب الرقابة والمحاسبة، وهشاشة النظام الاقتصادي في مصر.
رفع الأسعار بلا مبرر واقعي
وتشير التقارير إلى أن جهاز تنظيم الاتصالات لم يقدم أي حلول بديلة أو تدابير تهدف إلى تخفيف وطأة الزيادة على المواطنين.
ففي وقت كان من المتوقع أن يعمل الجهاز على وضع حد لهذا الاستغلال، جاء القرار ليعزز مواقف شركات المحمول، والتي بدورها ستقوم بتعديل أسعار المكالمات وخدمات الإنترنت في الأيام القادمة، وهو ما يشير إلى أن هذه الزيادة ستكون على غرار الزيادات المتتالية التي شهدتها مختلف الخدمات الأخرى في مصر خلال السنوات الأخيرة.
التوقعات القادمة: المزيد من المعاناة
وفقاً لما تم تسريبه من مصادر مطلعة، فإن شركات المحمول الأربع ستقوم قريباً بإعلان تفاصيل الباقات الجديدة، والتي ستكون بلا شك أكثر تكلفة مما هي عليه الآن.
ومن المتوقع أن يشمل هذا التعديل زيادة في أسعار المكالمات والإنترنت، وهو ما يعني المزيد من الأعباء على المواطن المصري. ومع غياب أي سياسة حكومية لحماية الفقراء أو الفئات ذات الدخل المحدود، فإن هذه الزيادات قد تضع مزيداً من الضغوط على المواطنين، وتزيد من حدة المشكلات الاقتصادية التي يعانون منها بالفعل.
مواصلة الفشل الحكومي: معضلة لا تنتهي
إن سياسة جهاز تنظيم الاتصالات برئاسة محمد شمروخ هي مجرد حلقة جديدة في سلسلة الفشل الحكومي التي لا تنتهي. هذه الحكومة التي اختارت الوقوف في صف الشركات الكبرى على حساب المواطن، تؤكد يوماً بعد يوم أنها غير قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية الحقيقية.
وكلما حاول المواطن المصري أن يتنفس قليلاً، تأتي الحكومة لتزيد من معاناته بقراراتها اللامسؤولة والمُعتمدة على مصالح الشركات فقط.
إلى متى ستظل الحكومة المصرية تتجاهل معاناة الشعب وتضع مصالح الشركات الكبرى فوق حقوق المواطنين؟ هذا السؤال الذي لا يبدو أن له إجابة واضحة في الأفق، في ظل هذا السكوت المخزي عن الفساد المستشري والموافقة على المزيد من الزيادات التي ستسهم في إفقار المصريين أكثر.