العفو الدولية: صرخات الحرية تتحدى القمع العالمي .. مناضلون تحت خطر دائم
في وقت تتزايد فيه الضغوط والانتهاكات في كل ركن من أركان العالم يقف أبطال حقوق الإنسان في مواجهة القوى التي تحاول سحق حرياتهم وحقوقهم لا تزال صرخات هؤلاء الشجعان تطالب بالعدالة في قضايا حرية التعبير وحقوق ذوي الإعاقة وحماية الأراضي وحقوق المرأة وحرية التجمع السلمي
منذ أكثر من عشرين عامًا كانت منظمة العفو الدولية الصوت الذي لا يخفت الداعم لهؤلاء الأفراد وقد أصدرت بيانًا يشدد على استمرار الحاجة الماسة لدعم الأشخاص الذين يعانون في صمت من أجل حقوقهم الأساسية
إن هؤلاء المناضلين لا يواجهون فقط الأنظمة القمعية بل أيضًا صمتًا دوليًا في كثير من الأحيان صمتًا يمكن أن يكون قاتلًا ومع ذلك فإن الأمل يبقى موجودًا في تلك التحركات الشعبية الصغيرة التي قد تبدو بسيطة ولكن تأثيرها كبير فهذه الرسائل والتوقيعات التي تجمع من مختلف أرجاء العالم يمكن أن تقلب الموازين وتغير مصير شخص فقد الأمل
تجربة الناشطة ريتا كاراسارتوفا هي مثال حي على هذا التأثير المذهل فريتا كانت واحدة من الأفراد الذين حُكم عليهم بالسجن ولكن التحركات الدولية التي قامت بها منظمة العفو الدولية أدت إلى تبرئتها في النهاية فقد أعربت ريتا عن امتنانها العميق قائلة إن التحركات التي بادر بها الناس من رسائل وعرائض وتوقيعات كانت فعّالة للغاية لدرجة أن المحكمة لم تتوقع اتخاذ قرار تبرئتها كان هذا القرار غير متوقع على الإطلاق ولكن الضغط الشعبي الدولي جعل المستحيل ممكنًا
هذا العام تسلط منظمة العفو الدولية الضوء على تسعة أفراد ومجموعات يواجهون تحديات ضخمة وقمعًا شديدًا لمجرد دفاعهم عن حقوق الإنسان هؤلاء الأفراد في أمس الحاجة إلى دعم المجتمع الدولي وإلى تضامن الجميع من أجل تحقيق العدالة التي يسعون إليها والوقوف في وجه القمع المستمر ضدهم
في مصر يقبع عقبة حشاد في السجن ويتعرض للتعذيب ليس لشيء إلا بسبب نشاط شقيقه الحقوقي إن هذه الممارسة المروعة التي تعتمد على معاقبة الأفراد لمجرد قرابتهم مع من يدافع عن حقوق الإنسان تبرز مدى استبداد السلطات وخرقها للقوانين والمواثيق الدولية التي تجرّم التعذيب وتمنع معاقبة الأفراد بسبب أفعال غيرهم
وفي تركيا تتعرض شيبنم كورور فينكانسي للمضايقة والاستهداف بسبب دفاعها المستمر عن حقوق الإنسان شيبنم التي لا تزال تقاوم رغم كل شيء هي رمز للصمود في وجه القمع السلطوي وتثبت أن النضال من أجل حقوق الإنسان لن يتوقف مهما كانت الضغوط
وفي المملكة العربية السعودية تقبع مناهل العتيبي خلف القضبان بسبب تعبيرها عن آرائها على وسائل التواصل الاجتماعي تهمة مناهل هي ممارسة حقها الطبيعي في حرية التعبير وهي حق منصوص عليه في كل الاتفاقيات الدولية ومع ذلك تتعرض النساء في السعودية لقمع شديد لمجرد تحديهن للمعايير الاجتماعية الصارمة والدعوة إلى إصلاحات
أما في كوريا الجنوبية فإن كيونغ سوك بارك يواجه المضايقات بسبب نضاله من أجل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إن مطالبته بحقوق أساسية للأشخاص الذين يعانون من الإعاقات تقابل بالرفض والتعنت من قبل السلطات بدلًا من الاستجابة لهذه المطالب المشروعة في تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية
وفي الأرجنتين أصيب جويل باريديس بالعمى إثر إطلاق الشرطة الرصاص المطاطي عليه خلال مظاهرة سلمية هذا التصرف الوحشي من قبل السلطات يفضح الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين السلميين ويضع علامة استفهام كبيرة حول التزام الحكومة بحماية حقوق الإنسان وحرية التعبير
أما في كندا فيتم تجريم المدافعين عن أراضي ويتسويتن الذين يطالبون بحقهم في حماية أراضيهم من الاستغلال البيئي غير العادل تتجاهل الحكومة نداءات هذه الشعوب الأصلية التي تسعى للحفاظ على تراثها وبيئتها من الشركات الكبرى التي لا تهتم إلا بالأرباح وتترك في أعقابها دمارًا بيئيًا واجتماعيًا
وفي أنغولا دفعت الناشطة نيث نهارا ثمن جرأتها في انتقاد الرئيس عبر منصة تيك توك إن اعتقالها بسبب ممارستها لحرية التعبير يكشف الوجه القمعي للسلطات التي تلاحق كل من يجرؤ على رفع صوته بالنقد أو المطالبة بالتغيير
وفي فيتنام يقبع دانغ دينه باخ في السجن بسبب دفاعه عن البيئة هذا الناشط البيئي الذي ناضل من أجل حماية البيئة من التلوث والممارسات الصناعية الضارة وجد نفسه خلف القضبان بدلًا من أن يتم تكريمه على جهوده لإنقاذ البيئة من الانهيار
وفي بيلاروسيا اختطفت ماريا كاليسنيكافا وسجنت لمطالبتها بالتغيير ماريا التي كانت واحدة من الأصوات القوية الداعية للإصلاح السياسي في بلادها تدفع الآن ثمنًا باهظًا لمطالبتها بالحرية والديمقراطية في بلد يسيطر فيه الحكم الاستبدادي
إن هؤلاء الأفراد هم رموز للصمود والشجاعة في وجه القمع والانتهاكات إنهم يواجهون أنظمة لا تعرف سوى العنف والقهر وسلاحهم الوحيد هو إيمانهم بحقوقهم وبحقوق كل إنسان في أن يعيش بكرامة وحرية ولكنهم لا يستطيعون وحدهم مواجهة هذا الطغيان لذلك علينا أن نقف معهم وندعمهم بأصواتنا وتحركاتنا علينا أن نرسل رسائل التضامن ونوقع العرائض ونعبر عن رفضنا للظلم والاضطهاد
لقد أثبتت السنوات الـ23 الماضية أن العمل الجماعي والتضامن الدولي قادر على تغيير المصائر وإنقاذ الأرواح إن دعم هؤلاء الأفراد هو واجب إنساني وأخلاقي لا يمكن التهاون فيه