تقاريرمحافظات

الأزمة المظلمة في ساقية القاضي تتصاعد والسلطات تغض الطرف عن معاناة الأهالي

تعاني قرية ساقية القاضي في مركز نقادة بمحافظة قنا من أزمة كهربائية خانقة وتدهور في مستوى الخدمات الأساسية على مر السنين في ظل غياب الحلول الجذرية أو حتى أي تدخل حكومي حقيقي يخفف من معاناة سكانها، فالمشكلة التي بدأت صغيرة مع مرور الوقت تحولت إلى كارثة يصعب تجاوزها، تتزايد تبعاتها في كل يوم وبشكل يهدد استقرار حياة المواطنين.

التيار الكهربائي في هذه القرية لم يعد مجرد مشكلة تقليدية، بل أصبح تحديًا يهدد الحياة اليومية للسكان فالأجهزة الكهربائية لم تعد تعمل بكفاءة، بل تعرضت للتلف بشكل مستمر بسبب ضعف التيار.

المحول الكهربائي الوحيد الذي يغذي القرية أصبح عاجزًا عن تلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان خاصة مع تزايد الأحمال عليه، فما كان يعاني منه المواطنون في الماضي أصبح اليوم جزءًا من حياة الناس، فلا يكاد يمر يوم دون أن تتعرض أجهزة المنازل للتلف، أو يشهد المحول أعطالًا تصل أحيانًا إلى حد اشتعال النيران في داخله بسبب الضغط الكبير عليه.

لقد حاول أهالي القرية مرارًا وتكرارًا رفع شكاوى إلى الجهات المختصة، بل قاموا بتوجيه مناشدات عدة عبر القنوات الرسمية، لكن جميع تلك المحاولات لم تثمر عن أي تحرك جاد من قبل السلطات. كان رد الفعل الحكومي دائمًا يشوبه الصمت والتجاهل، مما جعل الحلول المؤقتة تزداد في القرية بشكل غير رسمي. ولتخفيف الأزمة، قامت السلطات بتقسيم القرية إلى جزئين، إذ تم تزويد جزء من المنازل بالكهرباء عبر المحول الحالي، بينما تمت إضافة جزء آخر إلى محول كهرباء في قرية مجاورة، لكن ذلك لم يحل الأزمة بل زاد من تذبذب التيار الكهربائي، مما جعل الوضع أكثر سوءًا.

ومع ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف، زادت الأعطال بشكل ملحوظ حتى وصلت إلى حد انفجار المحول، وهو ما يعكس حجم الفشل الحكومي في توفير الحلول أو حتى الصيانة اللازمة لمحطات الكهرباء. أزمة الكهرباء ليست الوحيدة التي يعاني منها سكان ساقية القاضي، بل إنها جزء من مشكلة أكبر تمس كافة مناحي حياتهم اليومية. المرافق الأساسية الأخرى من إنارة الطرق إلى مراكز الرعاية الصحية تعيش أزمة مشابهة.

كشافات الإنارة في شوارع القرية معطلة بالكامل، وتحتاج إلى صيانة عاجلة، وبعض الطرق التي كانت تتمنى أن تجد فيها مصابيح على الأقل أصبحت مظلمة تمامًا. طريق مدخل القرية وحتى منطقة الشيخ عطية لا يوجد به أي كشافات على الإطلاق، مما يزيد من معاناة المواطنين وخصوصًا في أوقات الليل، حيث يصبح المرور في هذه الطرق أمرًا بالغ الخطورة.

أما مشكلة مصل العقرب فحدث ولا حرج، فالأهالي يواجهون خطرًا حقيقيًا إذا تعرض أحدهم للدغة عقرب. البديل الوحيد للحصول على المصل هو السفر إلى مستشفيات بعيدة في قوص أو نقادة، مما يشكل تهديدًا إضافيًا لحياة المرضى الذين يحتاجون إلى علاج فوري. فبدلاً من أن تحل الحكومة هذه المعضلة، فإنها تواصل غض الطرف عن هذه الأزمة، تاركة الناس يواجهون مصيرهم دون أي تدخل جاد.

تحت هذه الظروف القاسية، خرجت أصوات المواطنين تطالب بتبطين الترعة التي تمر عبر القرية وتربطها بمناطق أخرى في مركز نقادة، إذ إن هذه الترعة أصبحت مصدرًا إضافيًا للمخاطر. بالإضافة إلى ذلك، ناشد الأهالي بتسريع تنفيذ مشروعات “حياة كريمة” التي أُعلن عنها منذ فترة طويلة. ومع أن هذه المبادرة قد تم الترويج لها باعتبارها الحل الشامل لتحسين حياة المواطنين في القرى، إلا أن قرية ساقية القاضي تبدو وكأنها غير موجودة على أجندات المسؤولين، أو أن الحكومة تتعمد إهمالها وسط هذا الغياب الكامل للمبادرات التي من المفترض أن ترفع من مستوى الحياة.

ورغم الإعلانات المتكررة عن المشاريع التنموية والمساعدات الحكومية، إلا أن الواقع على الأرض لا يعكس أي تحسن ملموس في حياة الأهالي، بل إن الأوضاع تزداد سوءًا مع مرور الوقت. الحكومة التي تفتخر بمشاريعها لا تبذل أدنى جهد لحل المشاكل الحقيقية التي تواجه المواطنين في الأماكن النائية. فما يحدث في ساقية القاضي هو نتيجة مباشرة للإهمال المتواصل من قبل الحكومة التي تفضل تغطية عجزها بالإعلانات الإعلامية، بدلاً من تقديم حلول حقيقية للأزمات.

هذه ليست مجرد مشاكل صغيرة، بل هي مظاهر كارثية لواقع مرير يعيشه المواطنون في ظل تقاعس الحكومة عن أداء واجباتها. فالتقاعس الحكومي عن إصلاح الأوضاع في قرية ساقية القاضي يعكس صورة فاضحة لفشل ذريع في إدارة الموارد وحل مشاكل المواطنين الذين باتوا يشعرون بأنهم مهملون وغير مرئيين في حسابات الحكومة. فهل من أمل في تغيير هذا الواقع الكارثي أم أن المعاناة ستظل مستمرة دون أي بوادر لتحسن يذكر؟

إذا كان هذا هو حال قرية ساقية القاضي التي تقع في قلب محافظة قنا، فما هو حال باقي القرى في أنحاء الجمهورية التي تعيش نفس المأساة لكن بدون أن تجد من ينقذها أو يلتفت لمعاناتها؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button