في واحدة من أكبر الكوارث المالية التي تشهدها السوق المصرية، تراجعت مؤشرات البورصة بنهاية جلسة تعاملات اليوم الأحد، في بداية أسبوع جديد، لتكمل بذلك سلسلة من التراجعات التي لا تعكس سوى الانهيار المخيف للاقتصاد المصري، الذي يعاني من تخبط الحكومة المصرية في إدارة الملفات الاقتصادية.
هذا التراجع المدوي يفضح بوضوح حجم الفشل الحكومي في الحفاظ على استقرار السوق المالية، ويتكشف من خلاله التقاعس المريع في مواجهة السياسات المالية العشوائية.
خلال هذا اليوم، شهدت السوق المصرية خسائر فادحة إذ تراجع رأس المال السوقي للأسهم بمقدار 8.4 مليار جنيه ليصل إلى مستوى 2.272.8 تريليون جنيه، وهو رقم يعكس بشكل واضح حالة الهبوط الحاد في الاقتصاد المصري، ويؤكد أن هناك تراجعًا كبيرًا في الثقة التي يفترض أن تكون محورية في دعم البورصة المصرية.
أما عن المؤشرات، فقد أظهرت تدهورًا غير مسبوق، حيث سجل مؤشر إيجي أكس 30، الذي يقيس أداء أنشط ثلاثين شركة في البورصة، انخفاضًا بنسبة 0.67% ليغلق عند مستوى 31252 نقطة، ما يعكس حالة من الارتباك الشديد وغياب الرؤية الاستراتيجية لدى الحكومة المصرية.
تزامن هذا الانخفاض مع تراجع آخر في مؤشر إيجي أكس 70، الذي يقيس أداء الأسهم الصغيرة والمتوسطة، حيث انخفض بنسبة 0.04% ليغلق عند مستوى 8403 نقطة.
لا شك أن هذه الأرقام الصادمة تكشف عن حجم الانحدار الذي وصلت إليه البورصة المصرية، وهو نتيجة حتمية لغياب السياسات المالية المدروسة، وأيضًا نتيجة لاستمرار الحكومة في تجاهل الواقع الاقتصادي، بل وإصرارها على عدم اتخاذ خطوات حقيقية وفعالة لإنقاذ السوق.
أما عن مؤشر إيجي أكس 100 الأوسع نطاقًا، الذي يضم الشركات المكونة لمؤشري إيجي أكس 30 وإيجي أكس 70، فقد سجل انخفاضًا بنسبة 0.19% ليغلق عند مستوى 11644 نقطة.
يضاف هذا التراجع إلى السجل الأسود للحكومة المصرية في التعامل مع الأزمات الاقتصادية التي تكشف عن فشل ذريع في السيطرة على الاقتصاد الوطني.
ومن اللافت أن تراجعات السوق جاءت في وقت شهدت فيه التعاملات الأجنبية ضغطًا كبيرًا، حيث فضّل المستثمرون الأجانب البيع وسط تداولات تقدر بحوالي 2.8 مليار جنيه.
هذا التصرف يفضح بشكل قاطع حقيقة الفشل الحكومي في جذب الاستثمارات الأجنبية، بل ويعكس صورة سلبية للغاية عن البيئة الاستثمارية في مصر، والتي تفتقر إلى الثقة اللازمة لتمكين الشركات الأجنبية من المشاركة الفعالة في الاقتصاد المصري.
وفي المقابل، وعلى الرغم من هذه الأرقام الكارثية، اتجهت تعاملات المصريين والعرب نحو الشراء، ما يشير إلى وجود نوع من الدعم المحلي في ظل استمرار تراجع السوق.
ولكن هل يمكن الاعتماد على هذه المشتريات المحلية في مواجهة الانهيار الأجنبي؟ الأرقام لا تشير إلى ذلك، بل تؤكد أن هناك خللاً عميقًا في التوازن الاقتصادي داخل السوق.
وصلت صافي مشتريات المصريين والعرب إلى 3.9 مليار جنيه، وهو رقم قد يبدو إيجابيًا على سطحه، لكن في الواقع هو مجرد استجابة لتراجع السوق، حيث يظل السوق في حالة ركود يصعب معه تحقيق أي مكاسب ملموسة على المدى الطويل.
إن هذه المؤشرات المروعة تُظهِر فشل الحكومة المصرية بشكل فاضح في التعامل مع الأزمة الاقتصادية الراهنة. الحكومة التي يُفترض بها أن تكون في صدارة من يتخذون القرارات الإستراتيجية لإنقاذ الاقتصاد الوطني، لكن في واقع الأمر، نجدها تُقَادُ من قبل قوى مستفيدة من الفساد المالي والإداري، ما يحول دون اتخاذ أي خطوة حقيقية نحو الإصلاح.
لا أحد يستطيع أن يغض الطرف عن هذا الانحدار الكبير، الذي يعتبر نتيجة مباشرة لسياسات الحكومة الفاشلة في إدارة موارد الدولة.
ما يعمق الأزمة ويزيد من قسوتها هو استمرار الفساد في الحكومة المصرية، الذي يُعتبر أحد الأسباب الرئيسية التي ساهمت في هذه الكارثة.
منذ سنوات والحكومة المصرية تفتقر إلى الشفافية، ويتم تهميش الحسابات الاقتصادية، مما يجعل السوق المالية عرضة للتقلبات الحادة ويؤدي إلى فقدان الثقة لدى المستثمرين.
ما حدث في هذه الجلسة ليس حادثًا عابرًا، بل هو امتداد لحالة من التدهور المستمر، التي لن تنتهي إلا عندما تتخذ الحكومة خطوات جادة لمحاربة الفساد المالي والإداري.
لقد أثبتت هذه الجلسة أن هناك أزمة ثقة حقيقية في السوق المصري، وأن الحكومة عاجزة عن كبح جماح هذه التراجعات التي تُنذر بمستقبل غامض للاقتصاد المصري.
إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإننا مقبلون على كارثة اقتصادية كبرى قد يكون من الصعب الخروج منها بسهولة.
لا يخفى على أحد أن الفشل الحكومي وصل إلى مرحلة متقدمة، وأنه إذا لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة لإصلاح الأوضاع، فإن مصر ستظل في دائرة الخطر الاقتصادي، وهو ما سيجعل أي حديث عن التنمية الاقتصادية ضربًا من الخيال.