الكونجرس تحت الهجوم الإلكتروني: مكتبة الكونجرس تكشف اختراقًا هائلًا لبياناتها
في تصعيد خطير للهجمات السيبرانية التي تتعرض لها المؤسسات الحكومية الأمريكية أبلغت مكتبة الكونغرس المشرعين عن تعرضها لاختراق إلكتروني ضخم استهدف نظامها التقني من قبل خصم مجهول
التفاصيل الواردة تكشف عن أن الهجوم تمكّن من الوصول إلى اتصالات البريد الإلكتروني الحساسة بين بعض مكاتب الكونغرس وموظفي المكتبة وهو ما يثير قلقًا كبيرًا حول مستوى الأمن الرقمي داخل المؤسسات الأمريكية
هذا الاختراق الذي تم في فترة تمتد من يناير إلى سبتمبر 2024 يُعتبر تحديًا جديدًا لأمن المعلومات في البلاد حيث أوضحت المكتبة أن الهجوم استهدف فترة طويلة ما يعني أن الخصم كان يتمتع بالقدرة على مراقبة وتسجيل الاتصالات دون أن يتم اكتشافه لمدة تقارب تسعة أشهر كاملة
في ظل هذه المدة الطويلة قد تكون المعلومات التي تم الحصول عليها شديدة الحساسية وذات طابع سري للغاية وهو ما يدعو للتساؤل عن كيفية حدوث مثل هذا الاختراق الواسع دون رصد مبكر أو تحذير
تأتي هذه المعلومات في تقرير صادر عن مكتبة الكونغرس إلى المشرعين حيث أحالت المكتبة القضية إلى سلطات إنفاذ القانون لبدء تحقيقات شاملة في الحادث ورغم أن المكتبة لم تقدم معلومات واضحة حول هوية المهاجم أو الجهة التي قد تكون وراء هذا الهجوم إلا أن التكتم حول هذا الجانب يثير تساؤلات عديدة هل هو هجوم داخلي أم خارجي هل هناك دول أو منظمات ذات طابع سياسي أو إجرامي وراء هذا الهجوم وكيف استطاع المهاجم اختراق نظام مؤسسي على هذا المستوى من الأهمية
شبكة “NBC News” كانت أول من كشف النقاب عن تفاصيل هذا الهجوم المثير للقلق مؤكدة في تقريرها أن مكتبة الكونغرس حاولت معالجة الثغرة الأمنية التي استغلها المهاجم لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل ولكن هذا التطمين قد لا يكون كافيًا في ظل التطورات السريعة في مجال الهجمات السيبرانية خصوصًا وأنه لم يتم الإفصاح عن التفاصيل التقنية المتعلقة بكيفية معالجة هذه الثغرة وما إذا كانت الحلول التي تم اتخاذها كافية لضمان عدم تكرار هذا النوع من الهجمات
ورغم خطورة الحادث إلا أن المكتبة أكدت في إخطارها أن شبكات تكنولوجيا المعلومات في مجلسي النواب والشيوخ لم تتعرض للخطر بأي شكل من الأشكال في محاولة لطمأنة المشرعين والجمهور على أن المؤسسات التشريعية الأمريكية لم تتأثر بشكل مباشر بهذا الهجوم إلا أن هذا التوضيح قد لا يكون مطمئنًا بدرجة كافية حيث أن الهجوم استهدف بالفعل اتصالات بين مكاتب الكونغرس وبعض موظفي مكتبة الكونغرس مما يعني أن المعلومات التي تم تبادلها بين الجانبين قد تكون قد وقعت في يد المهاجم وهو ما يعزز المخاوف حول مدى حساسية المعلومات التي تم الوصول إليها وتأثيرها على سير العمل التشريعي في البلاد
المثير في هذا الحادث أن رسائل البريد الإلكتروني التي تم اختراقها شملت رسائل بين مكاتب الكونغرس وخدمة أبحاث الكونغرس وهي الجهة التي تقدم الدعم البحثي للمشرعين وتزويدهم بالمعلومات والتحليلات اللازمة لاتخاذ القرارات التشريعية وبالتالي فإن هذه المعلومات قد تكون ذات طابع حساس للغاية وربما تحتوي على مواد تتعلق بمشروعات قوانين أو سياسات قيد المناقشة وهو ما يرفع من مستوى الخطورة في هذا الاختراق
في ضوء هذه المعطيات يبقى السؤال المطروح هو إلى أي مدى كانت المكتبة قادرة على احتواء هذا الهجوم ومنع المزيد من التسريبات في ظل التهديدات المستمرة التي تواجهها المؤسسات الأمريكية من هجمات إلكترونية متنوعة سواء من قبل دول معادية أو منظمات إجرامية متطورة خصوصًا في وقت تتزايد فيه وتيرة هذه الهجمات على مستوى العالم حيث أن التقنيات المستخدمة في الهجمات السيبرانية أصبحت أكثر تعقيدًا وتطورًا مما يجعل التصدي لها تحديًا كبيرًا حتى للمؤسسات الأكثر تقدمًا على مستوى البنية التحتية التقنية
ورغم أن المكتبة قد أعلنت عن اتخاذ خطوات لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل إلا أن هذه التصريحات تبقى غير كافية دون وجود إجراءات ملموسة وواضحة يتم الإعلان عنها للحد من هذه المخاطر وتعزيز القدرات الأمنية للمؤسسات الحكومية خصوصًا أن الولايات المتحدة باتت مستهدفة بشكل متزايد في السنوات الأخيرة من قبل خصوم سيبرانيين متنوعين يستخدمون تقنيات حديثة لاختراق الأنظمة الحكومية والمالية بهدف الحصول على معلومات حساسة أو إلحاق الضرر بالاقتصاد والبنية التحتية الحيوية للبلاد
في هذا السياق يبدو أن مكتبة الكونغرس لا تواجه فقط تحدي الكشف عن هوية المهاجم أو الجهة التي تقف وراءه ولكنها تواجه أيضًا تحديًا أوسع يتمثل في استعادة الثقة في قدراتها الأمنية وطمأنة المشرعين والجمهور على أن الأنظمة الحكومية محمية بشكل كاف من الاختراقات السيبرانية الخطيرة التي قد تهدد الأمن الوطني بشكل مباشر
وتظل هذه الواقعة مجرد حلقة جديدة في سلسلة الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها المؤسسات الأمريكية والتي تستدعي ضرورة مراجعة شاملة للبنية التحتية الأمنية للمؤسسات الحكومية بما في ذلك تعزيز إجراءات الحماية وتطوير تقنيات جديدة لرصد الهجمات في وقت مبكر بالإضافة إلى ضرورة تعزيز التعاون بين المؤسسات الحكومية المختلفة وسلطات إنفاذ القانون لضمان التحقيق الشامل والكشف عن الجهة التي تقف وراء هذا الهجوم