نيابة أمن الدولة تلاحق هدى عبد المنعم مجددًا بعد انتهاء عقوبتها بالكامل
في تطور خطير يعكس استمرار سياسة القمع والتنكيل بحق المعارضين في مصر، استدعت نيابة أمن الدولة المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم للتحقيق معها في قضية جديدة رغم قضائها عقوبتها في قضية سابقة، مما يسلط الضوء على حجم التجاوزات والانتهاكات التي تمارسها السلطات المصرية.
هدى عبد المنعم، التي تمت محاكمتها في قضايا عديدة وتعرضت للاعتقال على مدار سنوات، لم تكتفِ السلطات بسجنها لمدة خمس سنوات، بل ألقت بها في الحبس الاحتياطي لما يزيد عن 13 شهراً في قضية أخرى. ورغم أن هذه العقوبات قد نفذت بشكل كامل، فإن الأجهزة الأمنية لا تزال متمسكة بملاحقتها عبر القضايا المفتوحة، في محاولة لإسكات صوتها المدافع عن حقوق الإنسان في مصر.
القضية الثالثة التي استدُعيَت فيها هدى عبد المنعم للنيابة تعد دليلاً آخر على تنامي قمع الحريات في البلاد. فقد أكد أحد المحامين المتابعين للقضية أن هذا الاستدعاء يأتي في سياق سياسة انتقامية ممنهجة ضد كل من يرفع صوته ضد السلطة الحاكمة. ويرى المراقبون أن هذه الاستدعاءات المتتالية، بعد قضاء عقوبتها القانونية، تمثل تعديًا سافرًا على الحقوق القانونية لأي مواطن مصري، وتعكس بوضوح عقلية النظام الحاكم الذي لا يتوانى عن الضغط على المعارضين بكل الوسائل المتاحة.
تتزامن هذه الحملة ضد هدى عبد المنعم مع موجة متزايدة من الاعتقالات التي تطال المحامين والنشطاء السياسيين في مصر. فهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها النيابة باستهداف المحامين الذين يتجرأون على الدفاع عن حقوق المعتقلين أو الانتصار لقضايا الحريات العامة. الحملة الحالية، التي تشمل العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، تجعل من كل يوم مرير اختباراً جديداً لكل من يرفض الانصياع لرغبات السلطة.
لكن ما يزيد من خطورة الوضع هو أن هذه المحاكمات والتحقيقات تأتي في وقت يشتد فيه الضغط الدولي على مصر بسبب سجلها الحقوقي الذي يزداد سوءًا. ورغم ذلك، فإن الحكومة المصرية تتجاهل تمامًا هذه الانتقادات، بل تتبع سياسة من المماطلة والتعنت في التعامل مع أي قضية تتعلق بالحريات العامة أو حقوق الإنسان.
المثير للدهشة هو أن النيابة لم تكتفِ بالتحقيق مع هدى عبد المنعم في قضية واحدة، بل تم فتح قضايا جديدة ضدها بشكل متتالٍ. وكأن السلطات تسعى لإظهار قدرتها على التنكيل بأي شخص يجرؤ على التفكير في معارضة النظام. فالقضية الجديدة التي فتحت ضدها تشير إلى محاكمة سياسية بحتة لا علاقة لها بأي انتهاك قانوني حقيقي، وهو ما يزيد من الاتهامات الموجهة للنظام المصري في محاكمة النشطاء الحقوقيين.
إن استمرار احتجاز هدى عبد المنعم وتوجيه القضايا المتلاحقة ضدها هو مجرد حلقة في سلسلة طويلة من محاولات الحكومة لتصفية الحسابات مع كل من يعارضها. أما السجون والمعتقلات في مصر، فقد أصبحت مليئة بالمعتقلين السياسيين الذين يعتبرون مجرد ضحايا لقرارات تعسفية لا تستند إلى أي منطق قانوني.
وعلى الرغم من مرور السنوات على الحبس الأول لهدى عبد المنعم، فإن الحكومة المصرية لم تتوقف عن ملاحقتها بشكل مستمر، في تعبير واضح عن روح القمع التي تمسك بها السلطة. الأغرب من ذلك هو تجاهلها التام لحقوق الإنسان، وهو ما دفع المجتمع الدولي إلى توجيه انتقادات لاذعة للسلطات المصرية التي تواصل تضييق الخناق على المدافعين عن الحقوق والحريات.
من جانب آخر، فإن هذا الاستدعاء الجديد لهدى عبد المنعم يأتي في وقت حساس تمر به البلاد، حيث يتصاعد السخط الشعبي ضد الحكومة بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد.
إلا أن النظام المصري لا يلتفت إلى هذه القضايا الاجتماعية والاقتصادية، بل يركز في ملاحقة معارضيه وإسكات كل صوت يطالب بالتغيير أو بالعدالة الاجتماعية.
إن التحركات القانونية الأخيرة ضد هدى عبد المنعم تشكل علامة فارقة في مسار الحقوق والحريات في مصر، فهي تبرهن على أن النظام الحاكم لم يعد يتورع عن استخدام كل الوسائل للقضاء على أي نوع من المعارضة، حتى وإن كانت عبر القضاء والممارسات القانونية.
وفي خضم هذا الواقع القاتم، يقف الشعب المصري في حيرة أمام حالة من الانقسام الداخلي، بين من يرفض الاستمرار في السكوت عن هذه الممارسات وبين من يسعى للبقاء بعيدًا عن الأنظار خوفًا من الوقوع تحت طائلة القمع. ويبقى السؤال الأهم: هل ستستمر الحكومة المصرية في انتهاك حقوق مواطنيها أم سيأتي اليوم الذي يحاسب فيه المسؤولون عن هذه الجرائم بحق الناس؟
ويبقى الوضع على حاله ما دامت الأجهزة الأمنية تواصل حملاتها الممنهجة ضد المعارضين، وما دامت الحكومة المصرية تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تخفي معالم الفساد والانتهاكات المستمرة بحق الأفراد في مصر.