كوريا الشمالية تبث رعبًا على الحدود بأصوات مرعبة تزعزع استقرار الجيران
في خطوة تصعيدية غير مسبوقة بين الجارتين، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن قيام كوريا الشمالية بتوجيه موجات من الأصوات المخيفة عبر مكبرات الصوت التي انتشرت على طول الحدود مع كوريا الجنوبية، وهو ما أثار حالة من الرعب والتوتر بين سكان القرى الحدودية الجنوبية، ليضاف هذا التصعيد إلى سلسلة من الإجراءات العدوانية التي تؤجج العلاقة بين البلدين إلى مستويات غير مسبوقة.
في ساعات الليل الأخيرة، تعرض سكان إحدى القرى الحدودية في كوريا الجنوبية لصوت مدوٍ وغريب اخترق هدوء الليل. أصوات صاخبة تُشبه دقات ناقوس عملاق يُقرع بلا توقف، ما جعل البعض يصفها كأنها نداءات مأساوية تذكّر بعواء الذئاب في أعماق الغابة أو صرخات الأشباح التي تُسمع في أفلام الرعب. لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أشار البعض الآخر إلى أنهم سمعوا أصوات مدفعية، كانت تشبه تلك التي تعقب معركة محتدمة.
هذه الأصوات التي بدت وكأنها جزء من حرب نفسية هدفها زعزعة الاستقرار، جعلت من هذه القرية الجنوبية مركزًا للمعاناة المستمرة لسكانها. وقد صرح الكثير منهم بأنهم باتوا يشعرون بالتعب والإرهاق الشديد بسبب هذه الضوضاء المتواصلة، مؤكدين أنهم أصبحوا جميعًا ضحايا لهذه الحملة النفسية التي لا تُطاق.
هذه الأصوات المخيفة التي بثتها كوريا الشمالية عبر مكبرات الصوت في الأسابيع الأخيرة، ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل هي جزء من تصعيد خطير بدأ منذ يوليو الماضي. منذ ذلك الحين، بدأت كوريا الشمالية في تكثيف استخدام مكبرات الصوت على الحدود الجنوبية، متعمقة بذلك في نشر جو من الخوف والتوتر بين سكان القرى الحدودية في كوريا الجنوبية. وفي تفاعل مع هذا التصعيد، وصف الخبراء هذا التحرك بأنه خطوة جديدة نحو تعميق الهوة بين البلدين، ليزيد من تعكير صفو العلاقات بين الجارتين ويضعها في أسوأ حالاتها منذ سنوات.
الجيش الكوري الجنوبي لم يترك هذا الأمر دون رد. ففي يوليو الماضي، أعلن عن اكتشافه لوجود مكبرات الصوت المنتشرة على طول الحدود، مشيرًا إلى أنها تمثل تهديدًا إضافيًا من قبل كوريا الشمالية، ويُحتمل أن يكون الهدف من ورائها هو تشويه صور الجارة الجنوبية وزرع الخوف في قلوب سكان القرى الحدودية.
هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها الحدود بين البلدين تصعيدًا مستمرًا. ففي وقت سابق من هذا العام، أطلقت كوريا الشمالية مئات من بالونات القمامة عبر الحدود، في استجابة لمنشورات دعائية مناهضة لها أرسلها نشطاء من كوريا الجنوبية عبر الحدود. هذه الأعمال التي تعتبر استفزازية في جوهرها تشير إلى أن كوريا الشمالية لا تكتفي بالتهديدات العسكرية فقط، بل تلجأ إلى أساليب أخرى غير تقليدية في حربها النفسية ضد الجارة الجنوبية.
ما تفعله كوريا الشمالية الآن عبر مكبرات الصوت يشكل تطورًا جديدًا في أساليب الضغط النفسي على كوريا الجنوبية، إذ أنها قد تكون محاولة لإضعاف الروح المعنوية لسكان المناطق الحدودية، وزرع الشكوك والخوف في نفوسهم تجاه حكومتهم. كما أن هذا التصعيد لا يتوقف عند الصوت المزعج، بل قد يمتد إلى تصعيد عسكري محتمل في المستقبل القريب، في ظل الأوضاع المتوترة بين البلدين.
يشير الخبراء إلى أن هذا النوع من التحركات هو جزء من استراتيجية طويلة الأمد لكوريا الشمالية تهدف إلى زيادة الضغط على كوريا الجنوبية. بالإضافة إلى ذلك، يُظهر هذا التصعيد أن كوريا الشمالية تسعى إلى إجبار الجارة الجنوبية على الانصياع لمطالبها أو على الأقل إظهار ضعفه أمام المجتمع الدولي. وبالرغم من أن هذه الأصوات قد تكون مجرد خطوة نفسية، إلا أن ما يرافقها من تهديدات ضمنية يشير إلى نية واضحة من جانب كوريا الشمالية لتشديد قبضتها على الحدود.
لم تتوقف هذه الضغوط عند هذا الحد، فقد أشار المسؤولون في كوريا الجنوبية إلى أن هذا النوع من التصعيد يضر بالأمن العام ويزيد من حالة القلق بين المواطنين في المناطق الحدودية. ومع كل يوم يمر، يصبح السؤال المطروح: إلى أي مدى ستستمر كوريا الشمالية في تصعيد هذه الحرب النفسية؟ وهل سيؤدي ذلك إلى مزيد من التصعيد العسكري أو إلى تسوية جديدة في العلاقات بين الجانبين؟
الأيام المقبلة تحمل الكثير من التحديات، وسكان المناطق الحدودية في كوريا الجنوبية لا يزالون يعيشون في حالة ترقب دائم لما قد تحمله الأيام من تطورات مقلقة.