قصف مدفعي وقصف جوي يدمران شمال غزة ومخيم جباليا في فوضى عارمة
منذ ساعات الفجر الأولى كان صوت المدافع الإسرائيلية يشق السماء على غير المعتاد في شمال قطاع غزة حيث تساقطت القذائف المدفعية بشكل كثيف على مناطق متعددة من القطاع وعلى وجه الخصوص المناطق السكنية المتاخمة للمناطق الحدودية مع الأراضي المحتلة التي أصبحت أشبه بساحات حرب مفتوحة الأفق تكتظ بالدمار والخراب
تصاعدت وتيرة القصف المدفعي في شمال غزة بشكل ملحوظ هذا اليوم مع تواصل الهجمات العنيفة على منطقة جباليا التي تعتبر واحدة من أكبر وأهم المخيمات الفلسطينية في المنطقة حيث استهدفت القوات الإسرائيلية عدداً من الأحياء السكنية بشكل مباشر وساوت معها الأرض حيث تم تدمير منازل متراصة كانت تآوي أسرًا تعيش حياة صعبة في الأصل ثم أصبحت ضحية القصف المستمر الذي لا يميز بين مدنيين أو مسلحين ولا يعير للشرائع الإنسانية أي اعتبار
مشاهد مرعبة لم يتوقعها أحد كانت ماثلة للعيان، فخلال دقائق قليلة، كانت الجرافات العسكرية الإسرائيلية تساند المدفعية الثقيلة في تمزيق المباني وتدمير المنازل على رؤوس أصحابها حتى أنهم لم يجدوا الوقت الكافي للهروب من موتهم المحتم الذي حل بهم بسبب غارات الاحتلال العشوائية والعنيفة
لا يمكن وصف حجم المأساة التي وقعت في مخيم جباليا إذ أن الحصار الخانق على القطاع كان قد حوله بالفعل إلى سجن كبير بينما جعلت الهجمات الإسرائيلية الوضع أكثر مأساوية حيث تجمع الآلاف من السكان في نقاط مأوى ضيقة لا تقيهم من الموت المحقق أو القصف المستمر الذي لا يرحم
وفي حين كانت غزة تنزف تحت وطأة القصف المدفعي كان الاحتلال يوسع من دائرة الهجوم الجوي في مناطق أخرى من القطاع حيث كانت الغارات الجوية الإسرائيلية تدك ضواحي بيروت الجنوبية في لبنان بشكل مفاجئ ومع تصاعد الغارات الجوية على مناطق غنية بالسكان والمرافق الحيوية تتوالى التقارير التي تشير إلى حجم الدمار الذي تسببت فيه الهجمات العنيفة
الطائرات الحربية الإسرائيلية اخترقت السماء وهاجمت أهدافاً في ضاحية بيروت الجنوبية مما أدى إلى تدمير عدد من الأبنية وتدمير البنية التحتية في المناطق المستهدفة التي كانت تسعى لتفادي مصير مشابه لما عانته غزة في الأيام الماضية
هذه الغارات لم تقتصر على تدمير المنشآت المدنية فحسب بل تجاوزتها لتستهدف البنية التحتية للمدينة والمنشآت الحيوية التي يعتمد عليها السكان في حياتهم اليومية بل وامتدت لتشمل المخازن والأسواق التجارية بما يعكس حالة من الهلع والفوضى التي طغت على المكان
لا يكاد يمر يوم دون أن ترتكب آلة الحرب الإسرائيلية جرائم جديدة في حق الأبرياء المدنيين حيث تتواصل الانتهاكات في ظل غياب أي رادع دولي أو عقوبات رادعة على هذا الاحتلال الغاشم الذي لا يعير اهتماماً للمواثيق الدولية ولا يقيم وزناً لحقوق الإنسان فالمجازر الإنسانية تتكرر بشكل يومي وعلى مرأى ومسمع من الجميع دون أن تحرك القوى الكبرى ساكناً
تعيش بيروت ومناطق أخرى في لبنان أوقاتاً عصيبة بين قصف متواصل وتحليق للطائرات الحربية التي تشن غارات مكثفة على أهداف مدنية وآمنة في ضربات تهدف لترويع السكان وزعزعة الاستقرار الداخلي للبلاد في سياق متواصل من الحرب التي لا تميز بين صغير وكبير أو بين مدنيين ومسؤولين
الأصوات المتساقطة من السماء في غزة وبيروت توحد معاناة الشعوب المكلومة فالقصف الجوي والمدفعي لم يعد مجرد حوادث متفرقة بل أصبح جزءًا من واقع يومي يتجرعه المدنيون في كل لحظة بل وأصبح السلاح الاحتلالي يهدد كل مظهر من مظاهر الحياة اليومية في المناطق الفلسطينية واللبنانية
إن ما يحدث في غزة ولبنان ليس مجرد تصعيد عسكري بل هو قصف ممنهج يستهدف الإنسان والحياة في أبسط صورها حيث باتت الأبنية تتساقط على رؤوس السكان كما تتساقط الأمطار في الأيام العاصفة وكأنها أقدار مجهولة تنتظر كل من يجرؤ على التنقل في شوارع مدينته أو يلجأ إلى بيته في بحث عن ملاذ آمن
ولكن السؤال الأهم هو متى يتوقف هذا النزيف؟ ومتى سيتوقف هذا الاحتلال عن تعميق جراح الشعب الفلسطيني في غزة واللبناني في بيروت؟ فالدماء التي تراق لا تبدو على وشك التوقف في ظل هذه الهجمات المستمرة التي تعكس حجم اللامبالاة الذي تنتهجه القوات الإسرائيلية في مواجهتها مع الشعب الفلسطيني واللبناني في جريمة متواصلة ضد الإنسانية
لم يعد الأمر محصورًا في الدفاع عن النفس بل تحول إلى محاولات للقضاء على الأبرياء وتقويض آمالهم في الحياة لكن الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني لا يزالان صامدين في وجه قوى الاحتلال والدمار التي تحاول محو معالم إنسانيتهم وحقوقهم الأساسية