حريق في ذهبية نيلية بالأقصر يكشف فساد الحكومة وتقاعسها
في حادث صادم يكشف عن مدى الفساد الإداري والتقاعس الحكومي، اشتعلت النيران في ذهبية نيلية مكونة من طابقين، والتي كانت متوقفة عن العمل منذ فترة طويلة في أحد مراسي البر الغربي للأقصر بالقرب من الجسر في مدينة القرنة.
الحريق، الذي وقع في ساعة متأخرة من الليل، لم يسفر عن أي إصابات بشرية، لكن الدلالات التي خلفها تكشف عن مأساة أخرى تتعلق بتجاهل المسؤولين لسلامة المنشآت والمرافق العامة في تلك المنطقة السياحية الهامة.
بلاغ غرفة النجدة في الأقصر وصل سريعاً ليعلن عن اندلاع حريق في الذهبيّة النيلية التي كانت قائمة منذ سنوات طويلة في خدمة السياحة، وهي من المفترض أن تكون مركزاً حيوياً للحركة السياحية عبر النهر.
لكن ما كان لافتًا بشكل مؤلم هو أنها كانت متوقفة عن العمل، رغم أنها كانت تخضع لأعمال تجديد وإنشاء، ما يطرح العديد من الأسئلة حول حقيقة الإجراءات الحكومية في هذه المشروعات.
لحظة اشتعال النيران، تفاعل رجال الحماية المدنية بشكل سريع وهرعوا إلى مكان الحريق ليتمكنوا من إخماد النيران قبل أن تمتد إلى المباني المجاورة.
لكن هذا الحدث لم يكن ليحدث لولا إهمال واضح من قبل الجهات المسؤولة عن صيانة المنشآت السياحية والرقابة على المشاريع الحكومية.
إن ما جرى يعكس أزمة في معالجة الأزمات داخل الحكومة المصرية، فالحريق في ذاته ليس مجرد حادث عارض، بل هو نتيجة لتراخي المسؤولين وعدم اهتمامهم بتحقيق التقدم على الأرض في كافة المجالات، وخاصة في المشاريع التي تمثل جزءاً من الوجهة السياحية لمصر.
فكيف لحريق في منشأة متوقفة عن العمل أن يندلع بهذا الشكل؟ ولماذا لم تكن الإجراءات الوقائية كافية لضمان عدم حدوث أي أضرار؟ هذه الأسئلة يجب أن تجد إجابة من قبل الحكومة.
الذهبية النيلية كانت تخضع لأعمال تجديد وإنشاء، وهذه الحوادث تؤكد عدم وجود إشراف حكومي حقيقي على تلك الأعمال.
مع الأسف، هذه الحوادث ليست الوحيدة، بل هي جزء من سلسلة طويلة من الإهمال الحكومي الذي طال العديد من المنشآت الحيوية في مختلف أنحاء مصر، وبخاصة في المناطق السياحية التي تحظى باهتمام دولي.
من الواضح أن المسؤولين المحليين في الأقصر لم يتخذوا الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية هذه المنشآت، حتى بعد أن توقفت عن العمل لفترة طويلة. هناك الكثير من الأسئلة التي تطرح حول حجم الفساد الذي قد يكون وراء تأخر أعمال التجديد، وكم من الأموال العامة قد تم هدرها على مشروعات غير مكتملة أو غير فعالة.
ومن هنا يمكننا أن نتساءل: هل يعقل أن يكون الحريق ناتجًا عن تقاعس في متابعة الأعمال الإنشائية؟ أم أن هناك عوامل أخرى تتعلق بالفساد المالي والتلاعب في العقود والمشروعات؟
من المؤسف أن الجهات الحكومية المختصة لم تكتفِ فقط بإيقاف هذا المشروع المتهالك بل إن القائمين على أعمال التجديد أنفسهم لم يلتزموا بالمعايير والاحتياطات اللازمة لإنهاء الأعمال في الوقت المحدد.
ليس فقط في الأقصر، بل في جميع أنحاء البلاد، نجد أن الحكومة تتغاضى عن الصيانة اللازمة للمرافق، الأمر الذي يؤدي إلى تدهور وضعها، ويعرّضها للمخاطر المختلفة، كما شاهدنا في هذا الحريق المروع.
هذا الحريق في الذهبيّة النيلية هو مؤشر آخر على فشل الحكومة في اتخاذ قرارات حاسمة لصالح الشعب المصري. فإلى متى ستستمر هذه الأوضاع؟
فالحكومة تتجاهل تمامًا احتياجات الشعب والمشروعات الوطنية وتفضل إضاعة الوقت في القضايا الجانبية التي لا تحقق فائدة مباشرة للمواطن.
تأمل الحكومة المصرية في استقطاب المزيد من السياح إلى البلاد، لكن كيف لها أن تحقق هذا الهدف إذا كانت المنشآت السياحية تشهد حوادث مروعة مثل هذه؟ إن الحكومة التي لا تستطيع الحفاظ على منشآتها السياحية من الحريق لا يمكنها أن تروج لمصر كوجهة سياحية آمنة أو جذابة.
هذا هو واقع الحال اليوم في مصر، حيث يغرق الجميع في الفساد والإهمال، وتبقى الحوادث مثل هذه بمثابة شعلة تفضح عيوب النظام القائم.
من هنا يتضح أن المسؤولين في الأقصر، وفي الحكومة المصرية بشكل عام، لم يقدموا أي حلول فعلية لمشاكل البنية التحتية، بينما أهدرت الأموال العامة في مشروعات فاشلة، أو تم إيقافها في منتصف الطريق.
إن الحريق في الذهبية النيلية ليس سوى رأس جبل الجليد، حيث أن الفساد الإداري يسود في كافة القطاعات الحكومية، من البنية التحتية إلى المشروعات السياحية وغيرها من المجالات الحيوية التي تتطلب اهتماماً عاجلاً.
يجب على الحكومة أن تتحمل المسؤولية كاملة عن هذه الحوادث وأن تبدأ بتطبيق حلول واقعية لضمان عدم تكرارها في المستقبل. ولكن ماذا عن المحاسبة؟
هل سنرى مسؤولين يعاقبون بسبب الإهمال الواضح والتقصير في إنجاز المشروعات؟ على الأغلب لا، حيث أن نظام المحسوبية والفساد ما يزال يسيطر على مفاصل الحكومة المصرية.
تستمر البلاد في مواجهة تحديات غير مسبوقة، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في الحكام والمسؤولين الذين اختاروا التضحية بمصالح الشعب من أجل مصالحهم الشخصية.
الحريق في الذهبية النيلية ليس حادثًا عاديًا، بل هو بمثابة جرس إنذار لجميع المواطنين الذين يجب أن يتساءلوا عن أسباب استمرار هذه المهازل الحكومية.