إيران على حافة الهاوية: الفرصة الأخيرة لإنقاذ الدبلوماسية النووية
في تصريح صادم وغير متوقع، أكد عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني أن هناك فرصة ضئيلة لحل قضية البرنامج النووي الإيراني عبر الدبلوماسية، محذرًا من أن هذه الفرصة قد تكون محدودة للغاية.
جاء ذلك عقب الزيارة الرسمية التي قام بها مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى إيران، وهي زيارة تزامنت مع مساعي دبلوماسية أوروبية متوقعة بخصوص الأنشطة النووية الإيرانية.
تصريحات عراقجي حملت إشارات تحذير واضحة حول الموقف الإيراني الذي يبدو أنه يسير على حافة الهاوية بين الانفتاح الدبلوماسي والتمسك بالقوة النووية.
وفي حديثه مع التلفزيون الرسمي الإيراني، شدد عراقجي على أن بلاده لا تزال تأمل في التوصل إلى حل دبلوماسي رغم ضيق الوقت، حيث قال “هناك فرصة محدودة لحل المسألة دبلوماسيًا، لكنها ليست كبيرة.” هذه الكلمات ليست مجرد تصريحات دبلوماسية بل هي بمثابة نداء استغاثة للعالم لالتقاط الفرصة الأخيرة قبل أن تصبح الأزمة النووية الإيرانية خارج السيطرة.
غروسي في طهران: التفتيش في قلب الغموض النووي
خلال الزيارة التي قام بها غروسي إلى إيران، كان التركيز على المواقع النووية التي يتم الإشراف عليها من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. شملت الزيارة زيارة محطة نطنز النووية وموقع فوردو المحفور في جبل، الذي يعد من أخطر وأهم المواقع النووية في إيران، والذي يقع على بعد حوالي 100 كيلومتر جنوب طهران.
ورغم أن هذه المواقع كانت تحت أنظار العالم لأشهر، إلا أن الزيارة لم تقدم تفاصيل إضافية حول الأنشطة المشبوهة التي قد تكون تجري خلف الأبواب المغلقة. وبينما كانت وسائل الإعلام الرسمية تذكر الزيارة بتفاصيل محدودة، كانت الأنظار تتوجه نحو ما قد يحمله غروسي من مفاجآت.
رغم محاولات إيران تقديم نفسها كداعم للدبلوماسية، يبدو أن التوترات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتصاعد يومًا بعد يوم. فالعلاقات بين الطرفين تشهد صراعات كبيرة حول مجموعة من القضايا الحساسة التي كانت قيد النقاش لفترة طويلة.
منها منع إيران دخول خبراء الوكالة المسؤولين عن تخصيب اليورانيوم، ورفضها تقديم تفسير مقنع حول وجود آثار يورانيوم في مواقع لم تكشف عنها. هذه الأمور تجعل من الصعب بناء الثقة بين الطرفين في ظل تصاعد الشكوك الدولية حول نوايا طهران الحقيقية.
هل تنجح أوروبا في انتشال المفاوضات؟
فيما يتعلق بمستقبل المفاوضات، وجه وزير الخارجية الإيراني انتقادات مباشرة للاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أنه في الوقت الراهن، “الكرة في ملعب الاتحاد الأوروبي الترويكا الأوروبية.”
هذه الإشارة تعني أن القوى الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) ستكون مسؤولة عن قيادة الجهود الدبلوماسية لإيجاد حلول للأزمة النووية. لكن هذه التحركات الأوروبية تأتي في وقت حساس للغاية، حيث يستعد دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، مما يضيف مزيدًا من التعقيد للمشهد السياسي.
لكن التحدي الأكبر يكمن في قدرة أوروبا على التأثير في إيران، التي ترفض الاستسلام للضغوط الغربية. لقد اعتبرت طهران مرارًا أن برنامجها النووي هو حق سيادي ولا يمكن التفاوض عليه تحت أي ظرف من الظروف. وبالتالي، تبدو فرص التوصل إلى اتفاق شامل بين الطرفين ضئيلة في ظل هذه المواقف المتصلبة.
إيران بين الدبلوماسية والتهديد النووي
من جانبها، تؤكد إيران على استعدادها لإيجاد حلول لأي نزاع عالق بشأن برنامجها النووي، لكنها لا تقبل بأن تكون تحت ضغط. هذه المواقف تعكس حقيقة الوضع المعقد الذي يواجهه العالم في التعامل مع طهران. فإيران لا تبدي استعدادًا حقيقيًا للتخلي عن برنامجها النووي، بل تبدو أكثر إصرارًا على مواصلته مهما كانت العواقب.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال الأكبر: هل سيكون بإمكان القوى الكبرى في العالم إقناع إيران بتعديل مسارها النووي قبل فوات الأوان؟ أم أن إيران ستواصل تحديها للمجتمع الدولي، مما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد الذي سيؤثر بشكل سلبي على الاستقرار في المنطقة والعالم؟
من الواضح أن إيران لن تكون بسهولة تحت الضغط، وهو ما يزيد من تعقيد التفاوض معها. ولكن في الوقت نفسه، فإن فرص إيقاف برنامجها النووي قد تصبح أقل فأقل مع مرور الوقت، ما يجعل القضية أكثر تعقيدًا. وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فقد تتجه الأمور إلى مرحلة لا يستطيع فيها أي طرف تقديم حلول فعلية قد تضمن سلامًا دائمًا في المنطقة.
الوقت ينفد: التحدي النووي الإيراني يقترب من خط النهاية
وإن ما نراه اليوم في المفاوضات النووية الإيرانية هو سباق مع الزمن. في ظل الفرص المحدودة المتاحة للتوصل إلى اتفاق، فإن العالم يقف على شفير الهاوية.
فهل يستطيع المجتمع الدولي انتهاز الفرصة المتبقية لإيجاد حل دبلوماسي، أم أننا على وشك مواجهة صراع نووي جديد يعصف بالاستقرار العالمي؟