نقطة تحول مأساوية في المعمورة: إهمال الحكومة يودي بحياة بريئة في قلب الإسكندرية
سادت حالة من الفزع والهلع في قلب منطقة المعمورة بشرق الإسكندرية بعد أن شهد سكان المنطقة حادثًا مأساويًا راح ضحيته طفلة بريئة، وترك خلفه العديد من المصابين.
حادثٌ يبدو أنه نتيجة إهمالٍ مستمر وتقاعسٍ صارخ من قبل الحكومة المصرية، الذين طالما أهملوا حياة المواطنين في مواجهة الفساد المستشري.
قبل أن تصدموا أكثر، دعونا نستعرض تفاصيل هذه الكارثة التي كانت سببًا في معاناة عائلة كاملة. ففي صباح يومٍ عادي، انهار جزء من عقار قديم في منطقة المعمورة البلد، سابحًا في الظلام أرواحًا كانت تنتظر الحياة.
الحادث وقع عندما انهارت شرفة الطابق الأول في العقار الواقع في شارع صيدلية العائلة، حيث كان الأطفال يلعبون في الشارع القريب، وهذا الحادث المروع أسفر عن موت الطفلة “فرحة إسلام محمد” البالغة من العمر عشرة سنوات، كما أصيبت شقيقتها “سما إسلام محمد” ذات الإثني عشر ربيعًا، بالإضافة إلى إصابة أخرى تمثلت في “خديجة محمد أحمد” 17 سنة، وهي إحدى الشابات التي شهدت الكارثة، جميعهم نقلوا على وجه السرعة إلى المستشفى لتلقي العلاج.
أنقاض الفساد: معاناة سكان المعمورة في وجه الإهمال
بحسب شهود العيان، سمع سكان المعمورة صوت انهيار مفاجئ، تلاه ارتطام شديد وسقوط حجارة وجدران تهدم بعضها البعض. ولم يكن أمام المواطنين سوى الهروب بأرواحهم بعد أن انتشرت التصدعات والخراب في العقار، ليبدأ السكان على الفور في إخلاء المبنى خوفًا من الموت تحت الأنقاض.
فهل كانت هذه الأرواح الزكية تستحق أن تكون ضحية للفساد الحكومي؟ أليس من غير المعقول أن تحدث مثل هذه الكوارث في ظل غياب الرقابة وعدم معالجة مئات من العقارات المتهالكة؟
لقد أكد المسؤولون عن الأمن في الإسكندرية أن العقار كان متهالكًا للغاية، حيث كان يتكون من ثلاثة طوابق قديمة تحتاج إلى إصلاحات عاجلة.
ويستمر التحقيق في الحادث بعد أن استدعت النيابة العامة المعنيين لفحص ملف العقار من حي المنتزه، رغم أن الحقيقة واضحة أمامنا: العقار كان يعاني من التصدعات والشقوق، والجهات المعنية كانت على علم بهذا الوضع الخطير، إلا أن التقاعس والفساد أعمى بصيرتهم.
هل سيقف المسؤولون عند حدود التحقيق أم أن الفضيحة ستذهب كما غيرها من الحوادث؟
من المؤسف أن الحادث ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة من الإهمال الذي أصبح جزءًا من حياتنا اليومية. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل سيتحرك المسؤولون فعلاً لاتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة هذه الظاهرة؟ أو ستظل الوعود مجرد حبر على ورق، دون أن يتخذوا أي إجراءات عملية؟
لننتقل إلى دور الأجهزة المعنية مثل قوات الحماية المدنية، الذين انتقلوا بسرعة إلى موقع الحادث، كما فعلت الإسعاف لنقل المصابين إلى مستشفى أبوقير العام.
ورغم الجهود المبذولة من تلك الأطقم، إلا أن الحادث أظهر عجزًا واضحًا لدى الحكومة في التعامل مع مثل هذه الأحداث.
من يتحمل المسؤولية؟ الحكومة أم الفساد؟
لقد أكدت المصادر الأمنية، وبما لا يدع مجالًا للشك، أن حادث انهيار العقار جاء نتيجة لإهمال واضح في عمليات التفتيش الدوري على المباني القديمة والمتهالكة.
ومع ذلك، لا يمكننا أن نتجاهل حقيقة أن فساد المسؤولين هو السبب الرئيسي وراء تفشي هذه المشكلة. كان من الممكن تجنب هذا الحادث لو تم العمل على فحص المباني القديمة وإصلاحها بشكل منتظم، لكن للأسف، بدلاً من الحفاظ على أرواح المواطنين، فضل المسؤولون الحفاظ على مراكزهم ومناصبهم، تاركين الفقراء والعائلات في مواجهة مصيرهم المجهول.
ومن الواضح أن هؤلاء المسؤولين يسيرون في طريق مليء بالفساد؛ فكيف لهم أن يهتموا بحياة المواطنين بينما هم غارقون في صراعاتهم الداخلية وأهدافهم الشخصية؟ متى سيستيقظ هؤلاء ويتوقفون عن تقديم الأعذار؟
متى يتم وضع حد لهذا الإهمال المتواصل؟
من خلال هذا الحادث، أصبح الأمر جليًا: الحكومة فشلت في كل شيء. لم تراعِ حقوق المواطن، ولم تكترث لمصيره. في ظل غياب الرقابة الحقيقية، أصبح الفساد جزءًا من حياة المواطن اليومية. هذا الحادث المأساوي يكشف الحقيقة المرة: الحكومة لا تحمي الشعب، بل تساهم في تعميق معاناته. وكل يوم يمضي يزيد من حجم الكارثة.
لذلك نوجه هذا السؤال الحارق: كم من الأرواح ستضيع بعد هذه الحادثة؟ كم من المواطنين سيظلوا في خطر؟
لقد حان الوقت ليتحمل كل مسؤول عواقب أفعاله. إن استمرار هذه الكوارث في ظل هذا الإهمال المتعمد هو دليل صارخ على فشل الدولة في حماية مواطنيها.
إلى متى سيظل المواطن المصري عرضة للقتل بسبب فساد وإهمال المسؤولين؟