في حادثة مثيرة للدهشة ومدعاة للتساؤل أُعلن عن اختيار هاني أبو ريدة رئيسًا للاتحاد المصري لكرة القدم مرة أخرى ولكن هذه المرة بتزكية جماعية وهو ما أثار جدلًا واسعًا حول مصير الرياضة المصرية ومستقبل كرة القدم في البلاد بعد سنوات من التدهور والوعود الكاذبة بالتحسين والنهضة
المشهد الذي تكرر نفسه لا يُبشر بأي تغيير حقيقي يذكر إذ إن الرياضيين والمسؤولين المحليين قد ترددوا كثيرًا في الحديث عن الفرصة الضائعة للانتقال إلى مرحلة جديدة من الإنجازات بعد فترة طويلة من تدهور الأداء سواء على مستوى المنتخب الوطني أو في مجال التنظيم والإدارة العامة للرياضة لكن التزكية التي جرت تثير أكثر من شكوك حول غياب الإرادة الحقيقية لإصلاح الأمور والتخلص من فوضى الإدارة المتراكمة
وكانت المفاجأة الكبرى أن هاني أبو ريدة الذي يملك تاريخًا طويلًا في رياضة كرة القدم سواء على مستوى الإدارة أو الفشل في تحقيق أي تحسن يُذكر، قد تم اختياره مجددًا لرئاسة الاتحاد في خطوة تفتقر إلى المنافسة أو حتى الشفافية الأمر الذي يطرح تساؤلات عن سبب تكرار نفس الوجوه في المناصب الرياضية رغم إخفاقاتهم المتواصلة
الاختيار المفاجئ من قبل مجموعة من الشخصيات الرياضية والتزكية الحاصلة على حد تعبير البعض تأتي في وقت حساس للغاية فبينما يعاني المنتخب المصري من أداء باهت في التصفيات القارية والمحلية مع تراجع في مستوى اللاعبين وعدم الاستقرار على مستوى الأجهزة الفنية فإن التزامهم بإبقاء نفس الشخصيات على رأس المناصب يشير إلى حالة من الجمود والتسليم بالواقع الذي تعيشه الرياضة المصرية
يقول المحامي منتصر الزيات الذي عبر عن موقفه بوضوح شديد: “مش مكتوب للرياضة المصرية تتعافى” ويضيف بأن هذه التزكية تعكس واقعًا مرفوضًا ينبئ بعدم وجود إرادة حقيقية للارتقاء بالكرة المصرية بل إن الأمر برمته يظهر تواطؤًا ضمنيًا يحافظ على الوضع الراهن بعيدًا عن أي تطور حقيقي
التعافي الذي يطالب به الزيات لم يتحقق في الرياضة المصرية على مدار السنوات الأخيرة وما زال الشارع الرياضي يشهد تخبطًا واضحًا مع تكرار نفس الأخطاء السياسية والإدارية بشكل صارخ في اختيار المناصب العليا على رأس الاتحاد وهو ما يراه العديد من الخبراء بداية لنهاية جديدة لأحلام الجماهير المصرية في الوصول إلى مستويات عالمية كما كان الحال في أيام مجد منتخب مصر
الواقع أن السياسة الرياضية في مصر يبدو أنها قد وصلت إلى طريق مسدود فالتغييرات المتسارعة في الإدارات الوزارية والاتحادات لم تصنع أي تأثير حقيقي أو ملموس على مجريات الأمور بل على العكس ساعدت على استمرار الانقسام داخل المنظومة الكروية والمشاكل التي يواجهها اللاعبون والجهاز الفني
المنتخب المصري في الوقت الراهن يعيش حالة من عدم الاستقرار الفني والإداري الذي انعكس على أدائه في التصفيات والبطولات القارية، وكان من المفترض أن يُسهم التغيير في المناصب القيادية بالاتحاد في إحداث تحولات إيجابية لكن التزكية التي حدثت تدل على أن المنظومة تعيش حالة من التراخي والقصور في إيجاد حلول حقيقية للمشاكل المزمنة
هاني أبو ريدة الذي يُفترض أن يُحسن وضع الكرة المصرية قد أثبت في فترات سابقة فشله في إحداث فرق حقيقي، بل إن فترته السابقة في رئاسة الاتحاد شهدت العديد من الأزمات الكبيرة التي لم تُحل بل زادت من تعقيد الوضع الرياضي في مصر، وهو ما جعل العديد من الأوساط الرياضية تتساءل عن الأسباب التي تجعل نفس الأشخاص في مواقع القرار رغم فشلهم الواضح في تحقيق أي تقدم ملموس
الاختيارات التي تتكرر بلا أي جديد تُسهم في تكريس الوضع القائم ولا يمكن أن تُحدث أي تغييرات جذرية في الوقت الذي تحتاج فيه الرياضة المصرية إلى سياسات جديدة تُركز على الاحترافية والنزاهة في إدارة كرة القدم بحيث تصبح المنتخب الوطني مثالًا يحتذى به في الأداء والتنظيم
الحقيقة التي يجب أن يواجهها المسؤولون هي أن الرياضة المصرية لن تعود إلى ما كانت عليه إلا إذا تم إحداث تغييرات حقيقية على مستوى الإدارات القيادية في الرياضة بكل أشكالها، وأن استمرار التزكية لن يُسهم في تحسين الوضع بل سيظل الوضع كما هو دون أي تطوير ملحوظ
منتصر الزيات لم يكن وحده في انتقاد هذه التزكية بل انضم إليه العديد من الرياضيين والخبراء الذين يعبرون عن خيبة أملهم في تغييب الشفافية وإغفال الرغبة في تحسين واقع كرة القدم المصرية، مما يهدد مستقبل الرياضة في البلاد برمتها ويرسخ لفكرة أن الأمل في التغيير قد تلاشى تمامًا
الرياضة المصرية بحاجة إلى دماء جديدة وشخصيات قادرة على فرض التغيير الجذري بعيدًا عن المصالح الشخصية والعلاقات التقليدية التي تتحكم في مراكز القرار، لذا فإن استمرار نفس الأشخاص على رأس الاتحاد المصري لكرة القدم يعني أننا بصدد المزيد من الجمود والتراجع الذي لا يمكن أن يقودنا إلى أي إنجازات قريبة.