تقاريرحقوق وحريات

قوانين كارثية ومؤامرات تشريعية: ماهينور المصري تدق ناقوس الخطر

في تطور صادم يعكس تقاعساً شديداً من الحكومة المصرية وعجز البرلمان عن تحمل مسؤولياته تجاه الشعب، خرجت المحامية الحقوقية الجريئة ماهينور المصري لتفضح مخططات الحكومة في تمرير حزمة من القوانين الكارثية التي تهدد حقوق المواطنين وتمس حياتهم اليومية بشكل مباشر.

ومن أخطر هذه القوانين هو مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي يعد سابقة غير مسبوقة في التضييق على الحريات العامة، إضافة إلى قانون العمل الجديد الذي وُصف بأنه “أسود” بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فضلاً عن قانون لجوء الأجانب الذي يثير الريبة والشكوك حول نوايا الحكومة تجاه الفئات الأكثر ضعفاً.

في ظل هذه التطورات، تتسارع وتيرة التشريعات المشبوهة مع اقتراب انتهاء دورة البرلمان، مما يكشف عن خطة ممنهجة لتمرير قوانين تقوّض أسس العدالة الاجتماعية وتؤسس لنظام قمعي جديد.

ما يزيد الأمر سوءاً هو تزامن هذه التشريعات مع فترة حرجة للغاية، حيث يسعى البرلمان إلى تسريع وتيرة مناقشة وتمرير هذه القوانين قبل انتهاء دورته، في محاولة واضحة للتعتيم على مضمونها وتأثيرها الكارثي.

وبدلاً من التحلي بالشفافية والنقاش المجتمعي، تتجه الحكومة والبرلمان نحو تمهيد الطريق لتشريعات تهدد الحريات الفردية وتفرض قيوداً مشددة على حقوق الإنسان.

وعلى رأس هذه التشريعات يأتي مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي يواجه انتقادات لاذعة من كافة الأوساط القانونية والحقوقية.

هذا القانون، الذي يروج له البعض تحت ستار “الإصلاح القضائي”، ليس سوى قناع آخر لتوسيع نفوذ السلطة التنفيذية على حساب العدالة.

ويتيح مشروع القانون الجديد للحكومة ممارسات تقييدية من شأنها أن تحول القضاء المصري إلى أداة قمعية، تسمح بالاحتجاز المطول دون محاكمة عادلة وتضفي شرعية على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

كما أن مشروع القانون يمنح الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة قد تُستخدم لتصفية المعارضين السياسيين وكم الأفواه.

وليس قانون الإجراءات الجنائية وحده هو الذي يثير الغضب. فهناك قانون العمل الذي يصفه النقاد بـ”القانون الأسود”، وهو قانون يعكس خضوع الحكومة لرغبات رأس المال على حساب حقوق العمال.

يمنح هذا القانون أصحاب الأعمال سلطات مطلقة، ويقلل من حقوق العمال في ظروف عمل إنسانية، فضلاً عن تضييق الحريات النقابية والتعدي على مكتسبات العمال التي تحققت عبر سنوات من النضال.

إن هذا القانون ليس سوى تأكيد على انحياز الحكومة للمصالح الخاصة والشركات الكبرى، متجاهلة تماماً حقوق العمال الذين يشكلون العمود الفقري للاقتصاد المصري.

أما فيما يتعلق بقانون لجوء الأجانب، فإن ماهينور المصري لم تتوانَ في وصفه بأنه لا يقل كارثية عن القوانين السابقة. فهذا القانون يمثل اعتداءً صريحاً على حقوق الأجانب الذين لجأوا إلى مصر هرباً من الحروب والنزاعات في بلادهم.

في ظل غياب أي حوار مجتمعي حقيقي حول هذا القانون، نجد أن الفئات التي يستهدفها هذا القانون، وهي الفئات الأكثر ضعفاً والتي لا تمتلك أي وسيلة للدفاع عن حقوقها، ستكون هي الضحية الرئيسية لهذه التشريعات المجحفة.

ومن الواضح أن الحكومة تسعى إلى فرض قيود صارمة على حقوق اللاجئين والمهاجرين، مما يثير تساؤلات حول التزام مصر بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.

إن تمرير هذه القوانين دون حوار مجتمعي ودون إشراك كافة الأطراف المعنية في مناقشتها يمثل انتهاكاً صارخاً لأبسط مبادئ الديمقراطية.

ما يجعل الأمر أكثر سوءاً هو أن الأصوات المعارضة لهذه القوانين قليلة جداً، مما يشير إلى وجود محاولات ممنهجة لإسكات الأصوات التي تحاول الدفاع عن حقوق المواطن العادي.

وهنا تكمن الكارثة الحقيقية كيف يمكن لحكومة تدعي أنها تعمل لصالح الشعب أن تتجاهل أصوات القانونيين والحقوقيين والعمال والمهاجرين، وتمرر تشريعات لا تخدم سوى مصالح القلة على حساب الأغلبية؟

وقد دعت ماهينور المصري في تصريحاتها الأخيرة الجميع إلى الانتباه لما يحدث خلف الأبواب المغلقة في البرلمان. حيث أكدت أن الحكومة تستغل الأوضاع الراهنة لتمرير القوانين التي تضعف المواطن البسيط وتقوي النفوذ الحكومي بشكل غير مسبوق.

كما وجهت انتقادات لاذعة لأعضاء البرلمان الذين يتسابقون لتنفيذ أوامر السلطة التنفيذية دون النظر إلى العواقب الوخيمة لهذه التشريعات.

من الواضح أن مصر تواجه مرحلة حاسمة، حيث تحاول الحكومة إعادة تشكيل النظام القانوني والاجتماعي لصالح طبقة بعينها، متجاهلة مصالح الشعب الذي يعاني من الفقر والبطالة والقمع السياسي.

وعلى الرغم من هذه الظروف القاسية، فإن ماهينور المصري وآخرين مثلها لا يزالون يقفون في وجه هذه المخططات الشنيعة، محذرين من العواقب الوخيمة التي قد تنتج عن هذه القوانين في المستقبل القريب.

ما يحدث الآن ليس مجرد تشريعات جديدة، بل هو هجوم منظم على حقوق الشعب المصري وكرامته. ومن هنا، يجب أن يكون هناك وقفة حازمة من الجميع لرفض هذه القوانين الكارثية والتصدي للمؤامرات التي تحاك في الخفاء لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

إن السكوت على هذه الانتهاكات لن يؤدي إلا إلى المزيد من القمع والفقر والتهميش، ولن يبقى من خيار سوى المقاومة بكل الوسائل المتاحة للحفاظ على ما تبقى من حقوق وحريات.

الحكومة المصرية أمام مسؤولية تاريخية

وينبغي أن نذكر الحكومة المصرية أن التاريخ لا يرحم. فالشعوب لا تنسى من خانها وتواطأ على حقوقها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى