تقاريرعربي ودولى

مصر تعزز تحركاتها الإقليمية والدولية لمواجهة تحديات سد النهضة

تسعى مصر جاهدة إلى تعزيز تحركاتها الإقليمية والدولية للتعامل مع تداعيات سد النهضة الإثيوبي الذي أصبح يشكل تهديدًا استراتيجيًا لأمنها المائي ويؤثر بشكل مباشر على مصير أكثر من 100 مليون مصري.

في خطوة غير مسبوقة وضمن إطار التحركات الدبلوماسية المكثفة تواصل مصر بناء تحالفات استراتيجية مع دول حوض النيل وبينها جيبوتي والصومال من أجل تقليص النفوذ الإثيوبي في المنطقة قبل بدء تشغيل السد.

تتمحور تحركات مصر حول عدة محاور رئيسية؛ أولها توسيع شبكة التحالفات السياسية والعسكرية مع الدول الواقعة في حوض النيل والقرن الإفريقي، بما في ذلك دولة جيبوتي والصومال، في محاولة لتضييق الخناق على إثيوبيا وقطع الطريق أمامها في سعيها للحصول على منفذ بحري عبر إقليم “أرض الصومال”. هذه الخطوة تأتي في وقت حرج، حيث يزداد التوتر الإقليمي بسبب سد النهضة الذي أصبح يشكل مصدر قلق للعديد من دول المنطقة.

من جهة أخرى تبذل مصر جهودًا حثيثة لزيادة التعاون الاقتصادي والتنموي مع دول حوض النيل من خلال مشروعات مشتركة تهدف إلى تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة. تعمل مصر على تجنب أي تصعيدات قد تضر بعلاقتها مع هذه الدول، ولكنها في نفس الوقت تسعى بكل قوة إلى تقليص تأثيرات سد النهضة الإثيوبي قبل بدء تشغيله وتفعيل آثاره المدمرة على حصتها من مياه النيل.

في قلب هذه التحركات تكمن محاولات القاهرة الحثيثة لوقف أي خطوة قد تعزز من قدرة إثيوبيا على الوصول إلى الموانئ البحرية عبر أراضي دول مثل الصومال وجيبوتي. يعد هذا المنفذ البري أو البحري بمثابة نقطة استراتيجية حاسمة في نفوذ إثيوبيا الإقليمي، الأمر الذي قد يغير التوازنات في القرن الإفريقي.

على الصعيد الدولي، تجنبت مصر الوقوع في فخ المواجهات العسكرية المباشرة مع إثيوبيا، لكنها قامت بتفعيل العديد من القنوات الدبلوماسية عبر الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية مثل الاتحاد الإفريقي، من أجل تسليط الضوء على خطر سد النهضة والآثار المدمرة التي قد يسببها على استقرار المنطقة. تحركاتها في هذا السياق تتسم بالتركيز على أن سد النهضة ليس فقط قضية مائية بل قضية سياسية وأمنية تؤثر على أمن البحر الأحمر والمنطقة بأسرها.

وتستمر مصر في فتح قنوات الحوار مع جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة، من دول حوض النيل إلى القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين، لتوسيع نطاق الضغط الدولي على إثيوبيا، وحثها على احترام الحقوق المائية للدول المشاطئة. تُظهر القاهرة قوة إرادتها في الدفاع عن مصالحها، وتسعى جاهدة لتحقيق توافق دولي يضغط على إثيوبيا لتقديم تنازلات بشأن سد النهضة.

التوجه المصري نحو تنمية علاقات خاصة مع دول القرن الإفريقي ليس أمرًا جديدًا بل هو نتاج تراكم طويل من التعاون التاريخي بين هذه الدول، ومن خلال تعزيز هذه العلاقات، تأمل مصر في بناء جبهة موحدة لمواجهة أي محاولات لفرض أمر واقع يعزز النفوذ الإثيوبي في المنطقة. العلاقة مع الصومال وجيبوتي تكتسب أهمية خاصة، في ضوء الوضع الجيوسياسي المعقد في البحر الأحمر، حيث تسعى مصر لعدم ترك أي مجال لإثيوبيا للاستفادة من أي ثغرات في هذا المجال.

يبدو أن مصر تسير بثبات نحو توسيع تحركاتها الإقليمية والدولية لمواجهة التداعيات السلبية لسد النهضة، حيث تعتمد على استراتيجية متعددة الأبعاد تشمل التحالفات السياسية والدبلوماسية وتعزيز التعاون مع دول حوض النيل، مع السعي الحثيث إلى تقليص نفوذ إثيوبيا في المنطقة بشكل عام.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى