القنطرة شرق تغرق في الفساد والتجاهل الحكومي .. كارثة مستمرة بلا حلول
سيطرت حالة من الاستياء والغضب العارم على أهالي مدينة القنطرة شرق بمحافظة الإسماعيلية، بعدما شعروا بأن مشاكلهم الحقيقية تم إخفاؤها عمدًا في الاجتماع الذي تم عقده بمجمع المصالح الحكومية في المدينة.
الاجتماع الذي كان يهدف إلى عرض هموم المواطنين على المسؤولين تحول إلى مسرحية هزلية حيث تم تجاهل قضايا جوهرية تهدد حياة آلاف المواطنين وتعرقل عجلة التنمية في المنطقة.
منذ زمن بعيد، يئن أهالي القنطرة شرق تحت وطأة أزمة مياه الصرف الصحي التي أصبحت تشكل تهديدًا خطيرًا على حياتهم.
في ظل هذه الظروف المأساوية، كان الجميع يأمل في أن يتم عرض معاناتهم في هذا الاجتماع الهام، إلا أن المسؤولين فاجأوا الجميع بعدم إدراج هذه القضايا على جدول الأعمال، بل تم التغاضي عنها تمامًا.
حيث كانت مشكلة البرك الناتجة عن مياه الصرف الصحي التي تغمر الشوارع وتزداد تفاقمًا مع مرور الوقت، تمثل قنبلة موقوتة تهدد استقرار الحياة في المدينة.
الكارثة الأكبر التي لم يتم التطرق إليها في هذا الاجتماع تتعلق بالمياه الجوفية التي تتسرب إلى الأراضي الزراعية والمناطق السكنية، مما أصبح يشكل تهديدًا واضحًا على مشاريع التنمية التي تُنفذها الدولة في المنطقة.
هذه المياه الجوفية، التي كانت في السابق مجرد مشكلة بسيطة، أصبحت الآن تؤثر بشكل سلبي على البنية التحتية وتعرقل المشاريع الاقتصادية الكبرى التي كانت تأمل المدينة في تحقيقها.
وفي وقت كان فيه المواطنون يتوقعون أن يتم الاهتمام بحل هذه المشاكل، كان الاجتماع يركز على عرض صورة مغلوطة عن المدينة وكأنها لا تعاني من أي مشكلة.
بل تم تجاهل واحدة من أهم القضايا التي تمثل نقطة محورية في أزمة المدينة وهي تعطل مصانع المنطقة الصناعية التي كانت تمثل مصدرًا رئيسيًا للوظائف في القنطرة شرق.
فبدلاً من أن يتم فتح هذا الملف ومناقشة أسباب توقف هذه المصانع، تم الترويج لمصنع واحد فقط يعمل بشكل جزئي، بينما تقبع المصانع الأخرى مغلقة بلا فائدة.
هذا التهميش المتعمد للمشاكل الاقتصادية، يأتي في وقت تعاني فيه المدينة من نسب بطالة مرتفعة، خاصة بين الشباب، الذين يعانون من صعوبة العثور على فرص عمل في ظل هذه الأوضاع المزرية.
ومن جانب آخر، لم تتطرق الكلمات التي قيلت في هذا الاجتماع إلى أضرار الصرف الصحي في المناطق السكنية مثل عزبة الصحة وحي التوفيق.
فالمواطنون كانوا يأملون أن يتم إلقاء الضوء على المشاكل اليومية التي يعانون منها نتيجة تراكم المياه الملوثة خلف المباني السكنية. هذه المياه الجوفية التي تملأ الشوارع وتغرق الأراضي المحيطة بالمساكن، تمثل تهديدًا حقيقيًا لسلامة سكان المنطقة.
وبالرغم من أن بعض المواطنين في تلك المناطق قاموا برفع الشكاوى والنداءات من أجل حل هذه الأزمة، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي خطوات عملية على أرض الواقع. وبدلاً من أن يتم تخصيص وقت لهذا الموضوع، مر الاجتماع وكأن هذه الكوارث لا تستحق أن يُنظر إليها.
أما في ما يتعلق بمناطق مثل السبع عمارات، التي شهدت انهيارات وصيانة سيئة بسبب تسربات الصرف الصحي، فقد كانت المأساة في انتظار حل جذري يضع حدًا لهذه الفوضى.
لكن على ما يبدو، تم إخفاء هذه الحقائق عن أنظار المسؤولين، وتم تصوير الصورة العامة وكأن المدينة تعيش في رخاء وهدوء بينما هي في الواقع غارقة في مشاكل بنيوية وصحية تحتاج إلى حلول عاجلة.
التقاعس الحكومي في معالجة هذه القضايا أصبح أمرًا غير قابل للإنكار. فالمسؤولون الذين زاروا المنطقة في مناسبات سابقة لم يكترثوا بمشاكل المواطنين، بل كانوا يتجنبون الحديث عن الحقائق المؤلمة التي يعيشها الأهالي.
ولم تتوقف محاولات التغطية على الأزمات عند هذا الحد، بل تمت محاولة ترويج صورة مغايرة للواقع بشكل فاضح. فبدلاً من مواجهة الحقيقة، تم الانشغال بتجميل الأمور وتقديم عرض دعائي لما يعتقد المسؤولون أنه سيكون ملامح المدينة المثالية.
مع كل هذه الأزمات المتراكمة، كان الجميع يأمل في أن يتخذ المسؤولون خطوات حقيقية وفعالة لمعالجة هذه القضايا. لكن تبين أنه لا أمل في وجود حلول حقيقية في ظل الحكومة الحالية التي تكتفي بالتحدث دون تنفيذ أي من الوعود التي تقدمها.
فهل ستظل القنطرة شرق تغرق في بحر من المشاكل الصحية والاقتصادية، أم أن هناك من سيستمع لصوت أهالي المدينة ويعمل على إيجاد حلول جذرية لهذه الكوارث؟ حتى الآن، يبدو أن الإجابة الوحيدة هي الفشل الذريع في تلبية احتياجات المواطنين، مما يزيد من يأسهم ويضاعف من معاناتهم في مواجهة هذا التقاعس المدمر.
المواطنون في القنطرة شرق يستحقون أكثر من الوعود الفارغة والشعارات الزائفة. فهم يطالبون بحلول واقعية ومنهجية للتخلص من مشاكل الصرف الصحي والمياه الجوفية وفتح المصانع المغلقة وتوفير فرص العمل لأبناء المنطقة.
إن تجاهل هذه القضايا أو محاولة التستر عليها ليس إلا عبثًا بمستقبل المدينة وأهلها، في وقت يتزايد فيه اليأس والاحتقان بين المواطنين الذين لم يجدوا من يسمع شكواهم بشكل جاد.