تقاريرمحافظات

كارثة حكومية في الإسكندرية: فساد وفشل يهددان حياة المواطنين

في خطوة غامضة وتثير العديد من التساؤلات حول الشفافية والإدارة الحكومية، أعلنت محافظة الإسكندرية عن بدء أعمال صيانة وقائية بمرافق حيوية في المدينة بشكل مفاجئ ودون تحذيرات كافية.

كان الخبر كما لو أنه نقطة جديدة في مسلسل الإهمال المتواصل من الحكومة المصرية، حيث كشفت بيانات المحافظة عن تنفيذ أعمال صيانة في محطة الفلترة والقياس لشركة العامرية للصناعات الدوائية، إضافة إلى المحطة المغذية لمنازل العامرية، لكن العجيب في الأمر هو توقيت هذه الصيانة وأثرها المزعوم على السكان.

الأسئلة الحارقة: هل من المعقول إبلاغ المواطنين في اللحظة الأخيرة؟

ووفقًا لما أعلنه البيان الحكومي، تبدأ أعمال الصيانة في تمام الساعة الثامنة صباح السبت، ولكن ما لم يتم ذكره هو التحذيرات المسبقة أو خطط الطوارئ التي يجب على السلطات اتخاذها لحماية السكان من أي خطر قد ينتج عن هذه الأعمال.

البيان المحبط يتحدث عن انبعاث “رائحة غاز” قد تشعر بها المناطق المحيطة، ويطلب من المواطنين “عدم الانزعاج” وعدم القلق إذا انتشرت تلك الرائحة الكريهة في الأرجاء.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا يتم القيام بهذه الأعمال في ظروف غامضة وبدون توعية كافية؟ هل يتم تعريض حياة المواطنين للخطر من أجل مشاريع غامضة لا يبدو أنها تخضع لرقابة أو مهنية؟

فضيحة “الغاز” تتكرر في ظل صمت رهيب

المثير للسخرية أن البيان اكتفى بتطمين المواطنين بعدم القلق، دون تقديم أي ضمانات واضحة على سلامتهم أو معالجة حقيقية لهذه الظاهرة.

هل نحن أمام حكومة تتعامل مع المواطن كرقم، وتتركه يواجه ما يصعب تحمله من مشاكل وتلوث؟ وهل هذه هي الشفافية التي يدعيها المسؤولون في كل مرة؟

في وقت سابق، وفي حادث مماثل، تحدث العديد من سكان المنطقة عن تكرار هذه الظاهرة بانتظام، ولكنهم لم يتلقوا أي رد أو تحرك جاد من الحكومة.

إهدار الأموال في مشاريع دعائية فارغة: “مبادرة بداية جديدة”

من ناحية أخرى، وضمن مسلسل الإهمال الحكومي ذاته، أعلنت شركة الصرف الصحي بالإسكندرية عن إطلاق برنامج توعوي لطلاب الجامعات في إطار “مبادرة بداية جديدة” التي أطلقها رئيس الجمهورية.

المبادرة، التي لم يكن لها أي تأثير ملحوظ حتى الآن، تهدف إلى توعية طلاب الجامعات حول أهمية المحافظة على الموارد المائية في مصر.

وعلى الرغم من النوايا الطيبة التي قد تبدو في ظاهر الأمر، فإن تنفيذ البرنامج يعكس تجاهلاً مريباً لحجم المشاكل الحقيقية التي يواجهها المواطنون في الإسكندرية وعموم المحافظات.

بروتوكولات التعاون الفارغة: توقيع عقيم يلاقي صمتاً لا ينتهي

وأكد اللواء محمود نافع، رئيس شركة الصرف الصحي، في بيانه المثير للجدل أن الشركة قامت بتوقيع بروتوكول تعاون مع جامعة الإسكندرية لتنفيذ البرنامج التوعوي، متعهدًا بتنظيم ندوات توعية لطلاب مختلف الكليات بالجامعة.

فهل حقًا كان توقيع البروتوكولات هو الحل الوحيد لهذه الأزمة؟ هل يمكن لحوار أكاديمي حول المعالجة الحديثة لمياه الصرف الصحي أن يحل مشكلة التلوث المستشري في المدينة؟

الإجابة على هذه الأسئلة تكشف أن ما يحدث ليس أكثر من مجرد محاولة لتلميع صورة الحكومة في وقت تحتاج فيه الإسكندرية إلى حلول حقيقية.

التعليم تحت مرمى الإهمال: الحلول غائبة في مواجهة الفساد المستشري

المفارقة المذهلة هي أن الطلاب الذين يتم استهدافهم في هذه الندوات لا يلمسون أي تغيير حقيقي على الأرض. فالمنطقة بأسرها تفتقر إلى البنية التحتية الحديثة التي تؤهلها لمواجهة أزمات المياه والصرف الصحي.

في الوقت الذي يتحدث فيه اللواء محمود نافع عن “زيارات ميدانية” لمحطات المعالجة، يعيش السكان في المناطق المحيطة بتلك المحطات وسط الأزمات التي لا تنتهي، والمشاكل التي تتفاقم مع كل يوم يمر.

الوقائع تتحدث عن فساد يضرب عمق النظام

نعم، إنه الفساد المتجذر الذي يهدد مستقبل الأجيال القادمة. فكيف يمكن للحكومة المصرية أن تضع خططًا دعائية فارغة بينما تعاني مناطق بأكملها من تدهور بنيوي يفاقم من معاناة المواطنين؟

كيف يُعقل أن يتم إخبار السكان فجأة بوجود “رائحة غاز” غريبة في محيطهم دون أن تتم دراسة آثار هذا الغاز على صحتهم؟

وهل حقًا يمكن لدورات توعوية عن “المعالجة الحديثة” أن تحل مشكلة الصرف الصحي المتفاقمة؟ هذه الأسئلة هي جزء من منظومة كبيرة من الفشل الحكومي، التي تتستر وراء شعارات رنانة دون تقديم حلول عملية حقيقية.

الإسكندرية تستغيث: أين الحلول؟

في ظل صمت الحكومة المستمر، يبدو أن الإسكندرية تواجه تحديات كارثية لا تجد أذناً صاغية. فالمشاريع الحكومية تفتقر إلى الرؤية الواضحة، والإجراءات الوقائية تقتصر على تقارير فارغة لا تساوي الحبر الذي كتبت به.

الحلول المتوقعة لا تتجاوز حدود الوعود التي لا تتم ترجمتها إلى واقع ملموس، والمواطنون يدفعون الثمن باهظًا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button