اقتصادتقارير

الحكومة المصرية تُهمل وتغض الطرف عن جشع الشركات وزيادات أسعار الزيت المدمرة

منذ بداية الشهر الحالي، أعلنت عدد من شركات زيت الطعام عن رفع أسعار منتجاتها بنسبة 18.5%، ليصل سعر العبوة سعة اللتر الواحد إلى 77 جنيهاً بدلاً من 65 جنيهاً في الشهر الماضي، وهو ما يزيد الأعباء على المواطنين الذين يعانون من ارتفاع تكاليف الحياة بشكل غير مسبوق.

هذه الزيادة ليست مبررة من وجهة نظر الخبراء والمختصين في مجال المواد الغذائية، الذين يرون أنَّ هناك تقاعساً حكومياً كبيراً في التعامل مع هذه الأزمة المتصاعدة.

لم يكن هناك أي تغيّر جوهري في الأسعار العالمية أو أي زيادة ملموسة في تكاليف الإنتاج تبرر هذا الارتفاع الفاحش، مما يطرح العديد من التساؤلات حول السبب الحقيقي وراء تلك الزيادة المريبة.

الارتفاع القياسي لأسعار الزيت

تُسجل أسعار زيت الطعام في مصر اليوم مستويات قياسية لم تشهدها من قبل، حيث قفزت أسعار زيت دوار الشمس من 65 جنيهاً إلى 77 جنيهاً للعبوة سعة اللتر، وهو ما يعكس أرقاماً غير مسبوقة في السوق المصري.

وإذا نظرنا إلى الأصناف ذات الجودة الأعلى، مثل زيت كريستال وعافية، نجد أن الأسعار ارتفعت من 72 جنيهاً إلى 85 جنيهاً. أما الزيت الأكثر حجماً، الذي يبلغ 1.6 لتر، فقد وصل سعره إلى 130 جنيهاً بعد أن كان يتراوح في حدود 110 جنيهات.

وتُظهر هذه الأرقام ارتفاعاً غير مبرر يتجاوز في بعض الأحيان الـ18%. لكن هذا ليس كل شيء، فالمواطن المصري فوجئ بزيادة أخرى في أسعار العبوات الأكبر سعة، حيث ارتفعت أسعار الزيت سعة 2.2 ليتر من 157 جنيهاً إلى 185 جنيهاً.

زيت الذرة يرتفع أيضاً بشكل صادم

لم تتوقف المفاجآت عند زيت دوار الشمس فقط، بل شهدت أسعار زيت الذرة أيضاً زيادات غير مسبوقة، حيث ارتفعت أسعار العبوة سعة 1.6 لتر من 127 جنيهاً إلى 150 جنيهاً. أما العبوة سعة 2.2 ليتر، فصعدت أسعارها من 182 جنيهاً إلى 215 جنيهاً.

ولا تتوقف الزيادة عند هذا الحد، إذ وصل سعر العبوة سعة 3.5 ليتر إلى 345 جنيهاً بعد أن كانت لا تتجاوز 290 جنيهاً. أما العبوة سعة 5 ليترات، فقد قفزت أسعارها بشكل صادم من 415 جنيهاً إلى 490 جنيهاً.

هذا التضخم الجنوني في أسعار زيت الطعام يكشف عن واقع مؤلم يعاني منه المواطن المصري بشكل يومي، في ظل غياب الرقابة الحكومية الفعالة.

حقائق مرعبة حول الاستيراد وأسعار الزيوت العالمية

تشير الإحصائيات إلى أن مصر تعتمد بشكل رئيسي على استيراد زيت الطعام من الخارج، حيث أن 97% من احتياجاتها السنوية تأتي من الأسواق العالمية.

هذا الاعتماد المفرط على الاستيراد في ظل الغياب التام للسياسات الحكومية الرشيدة يجعل مصر عرضة للارتفاعات العالمية في أسعار السلع الأساسية.

وعلى الرغم من زيادة أسعار زيت دوار الشمس عالمياً بنسبة 20% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من 850 دولاراً للطن إلى 1025 دولاراً للطن، إلا أن هذه الزيادة العالمية لا تفسر تماماً الارتفاعات المحلية الضخمة في الأسعار.

فلا يخفى على أحد أن هناك تلاعباً من الشركات الكبرى، التي تستغل هذه الظروف لرفع الأسعار بشكل تعسفي دون أي مبرر حقيقي.

الحكومة المصرية تتجاهل وتؤجل الحلول

من الواضح أن هناك تقاعساً واضحاً من الحكومة المصرية في التعامل مع هذه الأزمة. فبدلاً من فرض رقابة صارمة على الأسعار وضبط الأسواق، يواصل المسؤولون في الحكومة تجاهل شكاوى المواطنين من ارتفاع الأسعار، وكأن الأمر لا يعنيهم.

وفي الوقت الذي تتسارع فيه معدلات التضخم ويزداد الضغط على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، لا نرى أي خطط حقيقية لتحسين الوضع الاقتصادي أو لتوفير البدائل المناسبة للمواطنين.

في هذا السياق، أشار حازم المنوفي، عضو شعبة المواد الغذائية، إلى أن الزيادة الأخيرة في أسعار زيت الطعام لا مبرر لها على الإطلاق، ولا توجد أية تغييرات في الأسعار العالمية أو أي ظروف اقتصادية تستدعي تلك الزيادة.

وأضاف أن هذا التصرف من الشركات هو نتاج الفوضى الحاصلة في السوق المصري والتراخي الحكومي في اتخاذ الإجراءات الحاسمة لضبط الأسعار.

التضخم في ارتفاع مستمر والحكومة تواصل تجاهل الأزمة

معدل التضخم السنوي في مصر شهد بدوره ارتفاعاً ملحوظاً، حيث سجل في شهر أكتوبر 26.3% مقارنةً بنسبة 26% في شهر سبتمبر الذي قبله.

وهذا التزايد في التضخم يعكس الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يمر بها المواطن المصري نتيجة الارتفاعات المتتالية في الأسعار، وهو ما ينذر بكارثة اقتصادية حقيقية قد تكون أكثر تأثيراً في المستقبل القريب.

ورغم هذا التصعيد المخيف في التضخم، لا تزال الحكومة تكتفي بالمراقبة والتصريحات العامة التي لا تُترجم إلى أفعال حقيقية على الأرض.

هل تتحمل الحكومة المصرية المسؤولية؟

مما لا شك فيه أن التقاعس الحكومي هو السبب الرئيسي وراء هذه الأزمة المستمرة. ففي وقت تعاني فيه الأسواق من الارتفاعات الجنونية في الأسعار، نجد الحكومة تتفرج، غير قادرة على اتخاذ خطوات ملموسة للحد من هذه الظاهرة أو على الأقل تخفيف آثارها على المواطنين.

الشركات ترفع الأسعار بلا رقيب، والمستهلك المصري يدفع الثمن في كل مرة، بينما تواصل الحكومة سياسة الصمت والتجاهل. هذا المشهد الكارثي لا يمكن أن يستمر، وما لم تتحرك الحكومة بشكل عاجل وواضح، فإن الأزمة ستزداد تعقيداً وستتسارع معاناة المواطن المصري.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button