فساد الحكومة المصرية يفضح كارثة حوادث الطرق والقطارات المدمرة 5861 قتيل و71016 مصاب
في مشهد كارثي يتكرر بشكل مروع، تعيش مصر واحدة من أسوأ فترات الأزمات في قطاع النقل، وسط تفشي حوادث الطرق والقطارات بشكل أصبح حديث الساعة في كل مكان.
على الرغم من مليارات الجنيهات التي تم اقتراضها في السنوات الأخيرة لتطوير البنية التحتية للنقل، إلا أن هذه الأموال تبخرت في الهواء ولم تُحقق أي نتائج ملموسة على أرض الواقع، ليظل المواطن المصري ضحية لفساد حكومي غير مسبوق.
وفي تقرير مقلق أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مايو الماضي، تبيّن أن حوادث الطرق في 2023 خلفت ورائها 5861 قتيلاً، ولكن ماذا عن الإصابات؟ الرقم هنا هو الأفظع، حيث بلغ عدد المصابين في حوادث الطرق 71016 شخصاً، وهو ارتفاع صادم بنحو 27% مقارنة بالعام السابق 2022، الذي شهد 55991 إصابة.
هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي مؤشرات قوية على فشل ذريع من قبل الحكومة المصرية التي لطالما تذرعت بالإصلاحات التي لم تُنفذ. بل يكشف الواقع المرير عن فساد جليّ في التعامل مع هذا الملف الحيوي.
وفي أحدث الحوادث المروعة التي لم تكن سوى حلقة جديدة في مسلسل الكوارث، شهد طريق المطرية بورسعيد تصادمًا مروعًا بين أتوبيس وحافلة نقل وسيارة أجرة، مما أسفر عن مصرع 13 شخصًا وإصابة 22 آخرين.
هذا الحادث ليس مجرد حادث مروري عابر، بل هو نتيجة مباشرة لإهمال الحكومة وفشلها الذريع في تطوير بنية النقل الأساسية، رغم الاستثمارات الضخمة التي قيل إنه تم ضخها في هذا القطاع.
هذا الحادث الأليم، الذي أودى بحياة هؤلاء الأبرياء، يبرز حقيقة أن الأرواح المصرية لا تساوي شيئاً في نظر المسؤولين الذين يُسمح لهم بالاستمرار في مناصبهم رغم فسادهم المستشري.
من المسؤول عن هذا الانهيار؟ في قلب المأساة يقف وزير النقل الحالي، المهندس كامل الوزير، الذي يبدو أنه فشل فشلاً ذريعًا في اتخاذ خطوات حقيقية للحد من هذه الكوارث.
ففي الوقت الذي كانت تروج فيه الحكومة عن خطط لتطوير البنية التحتية للنقل، نجد أن الأرقام تتحدث عن واقع مختلف تمامًا. من يقف وراء هذا الفشل؟
هل هي السياسات الفاشلة أم هو الفساد الذي يغطي كل جوانب العمل الحكومي؟ من المؤكد أن هذه الأسئلة تظل بلا إجابات حقيقية.
ويواصل الجهاز المركزي للإحصاء تقديم الأرقام الصادمة، حيث تظهر أرقام الحوادث في قطاعات أخرى تفشيًا خطيرًا في كل جانب من جوانب قطاع النقل.
ومن ضمن ذلك تزايد الحوادث على السكك الحديدية، إذ سجلت الحوادث المرتبطة بالقطارات ارتفاعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، ليتساقط الضحايا بين قتلى ومصابين، دون أن ترى الحكومة أن هناك حاجة ماسة للتحرك بشكل جدي لإنقاذ ما تبقى من أرواح المصريين.
ورغم مرور أكثر من خمس سنوات على إعلان الحكومة عن خطط تطوير قطاع النقل، يظل المواطن المصري يعاني من الإهمال الذي يؤدي إلى مقتل وإصابة الآلاف.
كانت وزارة النقل قد أعلنت عن خطط للحد من حوادث الطرق، بل وتم اقتراض مليارات الجنيهات من أجل تجديد وتوسيع شبكة الطرق. لكن للأسف، يبدو أن هذه الأموال قد سُرِقت أو تم تبديدها في مشروعات وهمية لا طائل منها.
فحتى الطرق التي قيل إنها قد تم تحسينها ما زالت تشهد حوادث مميتة بشكل مستمر، وكأن الحكومة لم تحسن إدارة هذا الملف الحيوي.
وفي وقتٍ تتحدث فيه الحكومة عن مشروعات عملاقة لتحسين البنية التحتية، نجد أن أولى أولوياتها هي الفساد المالي والتعاقدات المشبوهة التي تستنزف خزينة الدولة.
وبدلاً من استخدام الأموال في خدمة المواطن، يبدو أن هناك اهتمامًا أكبر بتخصيص الأموال للمقربين وأصحاب المصالح الخاصة.
أما من جهة الأجهزة الأمنية، فقد أظهرت التقارير الخاصة بحوادث الطرق الأخيرة عجزًا كبيرًا في قدرتها على التعامل مع هذه الحوادث بشكل سريع وفعال.
فعلى الرغم من تلقي الأجهزة الأمنية لإخطار بوقوع الحادث على طريق المطرية بورسعيد، إلا أن عملية الوصول إلى مكان الحادث استغرقت وقتًا طويلاً، ما زاد من معاناة الضحايا الذين كانوا في حاجة ماسة إلى الإسعاف الفوري.
هذا التأخير يضاف إلى سلسلة من الأخطاء التي لا حصر لها، ويؤكد مرة أخرى أن هناك خللاً في كل جوانب النظام.
من المثير للدهشة أن هذا الوضع الكارثي لم يحرك أي مسؤول حكومي. لماذا لا يُحاسب وزير النقل؟ لماذا لا يتحمل أحد مسؤولية هذه الدماء التي تُراق كل يوم؟ يبدو أن الحكومة قد اعتادت على السكوت على المأساة وتجاهل الألم الذي يعيشه المصريون يومًا بعد يوم.
وكلما تحدثت الحكومة عن الخطط المستقبلية، زادت الحوادث، وزاد عدد الضحايا، في حلقة مفرغة تؤكد فشلًا ذريعًا.
ماذا ينتظر المواطن المصري إذن؟ هل سيظل فريسة لهذه السياسات الفاشلة؟ وهل ستظل الحكومة تغمض عينيها عن هذه الكوارث المستمرة؟
بكل تأكيد، الوقت قد حان لفتح تحقيقات شاملة ومحاسبة كل من يقف وراء هذا الإهمال المروع، ولكن هل ستتخذ الحكومة خطوة جادة؟ لن يكون الأمر مفاجئًا إذا تم تجاهل هذه النداءات، لكن المؤكد أن الشعب لن يظل صامتًا أمام هذه المآسي.