تقاريرمصر

حكومة مصر تماطل في أزمة الإيجارات القديمة: الفوضى على الأبواب

قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار بولس فهمي بحكم تاريخي يقلب موازين العلاقة بين المالك والمستأجر في الإيجارات القديمة، وهو الحكم الذي يُنتظر أن يُحدث تحولًا جذريًا في سوق الإيجارات السكنية بمصر.

هذا القرار الذي جاء بعد فترة طويلة من الجمود القانوني، أعلن عن عدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية للأماكن السكنية الخاضعة لقانون الإيجار القديم، مما طرح تساؤلات هامة بشأن مستقبل الإيجارات، وكيفية تأثير هذا الحكم على الملايين من المستأجرين والملاك على حد سواء.

السلطة التشريعية: ضياع الوقت وإهدار الفرص

الحكومة المصرية التي كانت قد تراجعت عن العديد من محاولات الإصلاح في هذا الملف الشائك، تجد نفسها اليوم أمام مفترق طرق.

بينما كان من المتوقع أن يسارع البرلمان إلى إصدار تشريع جديد لتطبيق حكم المحكمة، إلا أن المماطلة والتأجيل باتا سمة بارزة في تعامل الحكومة مع هذه القضية العاجلة.

مجلس النواب الذي يرأسه المستشار حنفي الجبالي، التزم بالسكوت حتى اللحظة الأخيرة، بل فشل في إصدار قانون يُنظم العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل عادل.

حتى بعد قرار المحكمة، لا يزال التشريع الجديد يراوح مكانه، ما يفتح الباب أمام فوضى قانونية وبلبلة في الشارع المصري، وسط توقعات بزيادة الدعاوى القضائية.

الغضب في الشارع: الملاك يضغطون والمستأجرون يترقبون

يأتي هذا التأخير في وقت يتزايد فيه الغضب بين المستأجرين من الإيجارات القديمة، الذين يشعرون بتزايد الضغط من الملاك. هؤلاء الملاك الذين عارضوا النظام القديم، مطالبين بسرعة إصدار قانون جديد لتعديل الأجرة السنوية بما يتماشى مع الوضع الاقتصادي المتدهور.

وفقًا لتوقعات جمعية المضارين من قانون الإيجار القديم، فإن الملاك يترقبون زيادة كبيرة في قيمة الإيجار قد تصل إلى نصف الأجرة السوقية الحالية، وهو ما سيكون بمثابة الحل الأفضل بالنسبة لهم مقارنة بالقيم المتدنية للأجرة التي يتقاضونها حاليًا.

في المقابل، ترى روابط المستأجرين أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية لا يتطرق إلى مسألة طرد المستأجرين أو إنهاء العلاقة الإيجارية، بل يقتصر فقط على تعديل قيمة الإيجار بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية.

وفي الوقت ذاته، تحذر هذه الروابط من أن أي محاولة لتطبيق قانون يضمن طرد المستأجرين لن يُكتب لها النجاح، حيث يظل القضاء على موقف المستأجرين الرافضين لمثل هذه التعديلات في صالحهم.

المحكمة الدستورية: حكم تاريخي يضع القوانين تحت المجهر

في حكمها الذي أصدرته، أكدت المحكمة الدستورية أن تثبيت القيمة الإيجارية في الإيجارات القديمة يضر بحقوق الملاك ويضر أيضًا بحق الملكية، حيث يصبح من المستحيل الحفاظ على قيمة العائد الاستثماري في ظل التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.

القرار كان بمثابة صدمة للعديد من المستأجرين الذين اعتقدوا أن المحكمة ستسعى لحمايتهم بشكل كامل من زيادات الإيجارات، ولكن الواقع كان مخالفًا لتوقعاتهم.

وقد نصت المحكمة على ضرورة تدخل المشرع لإحداث توازن بين الطرفين، حيث لا يمكن للمؤجر أن يستغل حاجة المستأجر للحصول على مسكن مناسب، وفي ذات الوقت لا يجوز أن يتم تجاهل حقوق الملاك الذين يعانون من تدني الأجور المتحصلة من الوحدات السكنية القديمة.

القرار جاء ليضع المشرع أمام مسؤولية كبيرة، لكنه في ذات الوقت وضع الأعباء على الحكومة التي تأخرت في إيجاد حلول حاسمة.

البرلمان: صمت قاتل أمام أزمة متفاقمة

على الرغم من الضغوط الكبيرة التي تمارسها جمعية المضارين من قانون الإيجار القديم، إلا أن البرلمان المصري بقي صامتًا لفترة طويلة، ولم يُصدر أي خطوات ملموسة لتنفيذ توصية المحكمة الدستورية العليا.

في الوقت الذي كان يجب على البرلمان أن يتخذ إجراءات سريعة لوضع قانون جديد يضمن العدالة بين الملاك والمستأجرين، لم يتحرك إلا ببطء، ما فتح المجال أمام الملاك لرفع الدعاوى القضائية ضد المستأجرين، بل وتوجيه تهديدات بالطرد في حال عدم إصدار القانون الجديد.

مستقبل العلاقة بين المالك والمستأجر: غموض يهدد الاستقرار الاجتماعي

إذا استمر البرلمان في تجاهل الملف، فإننا مقبلون على مرحلة خطيرة قد تشهد تصعيدًا بين الملاك والمستأجرين، مع ما يترتب على ذلك من مشاكل اجتماعية كبيرة.

في ظل غياب العدالة الاجتماعية وحل المشاكل القانونية بشكل عادل، سيكون القطاع العقاري في مصر مهددًا بالانهيار الاجتماعي. وتدعو العديد من الأطراف الفاعلة إلى ضرورة عقد حوار مجتمعي شامل، يشارك فيه جميع الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى حلول توافقية تراعي مصلحة الجميع.

وضرورة تنظيم حوار مجتمعي واسع للوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف، وكذلك ضرورة صياغة قانون يتسم بالعدالة والموازنة بين مصلحة الملاك والمستأجرين.

ويجب على هذا القانون أن يأخذ في الاعتبار تزايد معدلات التضخم والظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها المواطنون.

فوضى قادمة إذا لم يتحرك البرلمان فورًا

في خضم هذا الصراع الحاد، تتسارع الأحداث وتتكشف الحقائق حول فساد المنظومة التشريعية التي لم تُقدم الحلول منذ بداية الأزمة، مما يضع ملايين المصريين في مهب الريح.

البرلمان المصري مطالب اليوم بتحمل المسؤولية التاريخية وإصدار تشريع يضمن حقوق كافة الأطراف، وذلك قبل فوات الأوان.

فإن تأخر البرلمان عن اتخاذ خطوات جدية فسيواجه المجتمع المصري أزمة قانونية واجتماعية قد تضر بمستقبل القطاع السكني برمته، وتخلق المزيد من التوترات بين المواطنين.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى