حكومة الفساد تترك المواطنين فريسة لاستغلال سائقي الأجرة في فوضى مروعة
تعيش مواقف سيارات الأجرة في العديد من المحافظات المصرية حالة من الفوضى العارمة التي جعلت حياة المواطنين والطلاب مهددة يوميًا نتيجة غياب تام للرقابة الحكومية على تعريفة الأجرة وتقسيم خطوط السير.
في غياب تام للمسؤولين وفي ظل سكوت مريب من الحكومات المحلية، أصبحت تلك المواقف بيئة خصبة لاستغلال المواطنين الذين لا يجدون وسيلة للهرب من جشع سائقي الميكروباصات الذين يفرضون تعريفة عشوائية.
دمياط: غياب الرقابة وجشع السائقين
في محافظة دمياط، وبعد مرور شهر كامل على إعلان التعريفة الجديدة لسيارات الأجرة عقب زيادة أسعار الوقود، تفاقمت معاناة المواطنين بسبب عدم التزام السائقين بالأسعار المقررة.
ورغم محاولات محافظة دمياط في البداية لتطبيق التعريفة وضبط المواقف، فإن الشكاوى من المواطنين تتزايد يومًا بعد يوم بسبب الزيادة الفاحشة في الأجرة.
فقد أصبح سائقو الميكروباصات يقومون بتقطيع المسافات إلى خطوط سير قصيرة لرفع الأجرة بشكل غير قانوني.
وصف أحد سكان المدينة ما يحدث بـ “مافيا الميكروباصات” حيث يقوم السائقون بتقسيم الخطوط إلى مسافات متعددة لزيادة الأجرة، ما يثقل كاهل الركاب بشكل كبير.
في حين يضطر المواطنون لدفع أجرة مرتين أو ثلاث للحصول على خدمة واحدة. ورغم الشكاوى المتكررة لمكتب محافظ دمياط، لا تجد هذه الشكاوى أذنًا صاغية من المسؤولين.
المنوفية: استفحال الأزمة وزيادة غير مبررة في الأسعار
في المنوفية، يعيش المواطنون حالة من الاستياء العارم نتيجة لتصرفات سائقي الميكروباصات الذين لا يتقيدون بالتعريفة المقررة.
ورغم قرار مجلس الوزراء بزيادة أسعار السولار والبنزين بنسبة 15% في معظم أنحاء الجمهورية، فإن السائقين في المنوفية استغلوا الأزمة لرفع الأجرة بشكل مبالغ فيه، ما أثار موجة من الغضب بين المواطنين.
أحد المواطنين في المنوفية أفاد بأن الزيادة التي فرضها السائقون على الأجرة لم تتوقف عند النسبة المحددة، بل تجاوزتها لتصل إلى 25 جنيهًا بدلًا من 22 جنيهًا، ما يتسبب في صراعات يومية بين الركاب والسائقين بسبب تحكم السائقين في الأسعار على مزاجهم.
وأحد الركاب المنتظمين على خط “تلا السادات”، أكد أن الأجرة كانت في البداية 20 جنيهًا، ثم ارتفعت تدريجيًا إلى 26 جنيهًا بسبب تقسيم الخطوط وزيادة غير مبررة.
البحيرة: مواقف عشوائية تحت سمع وبصر المسؤولين
أما في محافظة البحيرة، فقد تعمقت الأزمة بسبب غياب الرقابة، حيث تسيطر مافيا السيارات على الشوارع، مما أدى إلى انتشار مواقف عشوائية للميكروباصات، مما أثقل كاهل المواطنين وأدى إلى زيادة الازدحام.
في مدينة الدلنجات، على سبيل المثال، تحولت الشوارع إلى أسواق للخضار والفاكهة، في حين لا توجد أي مراقبة أو تنظيم من قبل مجلس المدينة أو إدارة المرور.
فقد قام أحد سكان المدينة، وصف الوضع بأنه لا يختلف عن “قانون سكسونيا” حيث يسيطر الفساد على إدارة الشوارع والمواقف.
وفي ظل هذا الوضع، لم تكن الإدارة المحلية لتتخذ أي إجراء جاد لإعادة النظام، بل كانت تكتفي بمراجعة تقارير المكافآت المالية بدلاً من توفير وسائل نقل مريحة للمواطنين.
وهذا الوضع، كما يرى كثيرون، يهدد حياة المواطنين وأمنهم في هذه المناطق التي عانت طويلًا من الإهمال الحكومي.
الإسكندرية: المواقف تتحول إلى قنابل موقوتة
في الإسكندرية، أصبحت مواقف سيارات الأجرة ساحة حرب حقيقية بين المواطنين والسائقين. يضطر آلاف المواطنين في مناطق مثل “محطة مصر” و”أبيس” للوقوف ساعات طويلة في انتظار الميكروباصات التي نادرًا ما تأتي في الوقت المحدد.
الحافلات القليلة المتاحة لا تكفي لتلبية احتياجات المواطنين، ما يؤدي إلى حدوث مشاجرات يومية. ولأن الوضع أصبح لا يحتمل، لجأ بعض الركاب إلى ركوب التوك توك والتروسيكل رغم المخاطر الصحية والبيئية التي يشكلها هذا النوع من المواصلات في المناطق المزدحمة.
قنا: فوضى المواقف وتفشي الاستغلال
وفي محافظة قنا، تعيش المواقف حالة من الفوضى غير المسبوقة نتيجة لتقاعس الحكومة عن فرض النظام. هناك نقص حاد في عدد سيارات الأجرة،
مما يجعل الركاب، وخاصة النساء والطلاب، عرضة للاستغلال من قبل السائقين الذين يرفعون الأجرة على هواهم. في بعض الأحيان، تتفاوت الأجرة نفسها داخل نفس الموقف من سائق لآخر، ما يضاعف معاناة الركاب.
المشاكل في قنا لا تقتصر فقط على غياب السيارات، بل تمتد إلى تقسيم الخطوط ورفع الأجرة بشكل غير قانوني. وقد وصل الأمر إلى حد أن أجرة النقل بين قنا ونجع حمادي وصلت إلى 30 جنيهًا رغم أن التعريفة المقررة لا تتجاوز 20 جنيهًا.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أصبح السائقون يفرضون “التعريفة” الجديدة وفقًا لمزاجهم الشخصي، ما يجعل الركاب في موقف لا يحسدون عليه.
الاستغلال المستمر: هل من مجيب؟
من دمياط إلى قنا، ومن المنوفية إلى الإسكندرية، لا تزال معاناة المواطنين تتفاقم. في كل زاوية من هذه المحافظات، لا يلتزم السائقون بالتعريفة المقررة ولا تتخذ الجهات المسؤولة أي خطوات حقيقية لوقف هذا الاستغلال الفاحش. وهذا الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، حيث تتزايد شكاوى المواطنين دون أن تجد آذانًا صاغية.
في غياب الرقابة الفعالة، أصبح المواطنون في قبضة السائقين الذين يتحكمون في حياتهم اليومية دون رادع. وأصبحت مواقف سيارات الأجرة، التي كانت يومًا ما أماكن لتقديم خدمة عامة، مرتعًا للفساد والاستغلال. فهل ستظل الحكومة تتجاهل هذا الوضع المأساوي؟ أم أن هناك من سيقف في وجه هذا الفساد المستشري؟