بايدن وترامب يغرقان الشرق الأوسط في بحر من الدماء والدمار
في ظل التدمير الممنهج الذي يتعرض له قطاع غزة ولبنان يوميًا على يد الاحتلال الإسرائيلي، يأتي الكاتب البريطاني ديفيد هيرست ليحمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن كامل المسؤولية عن هذه الجرائم الوحشية.
ففي مقال مثير، يتحدث هيرست عن دور إدارة بايدن في إشعال نار الصراع في المنطقة ويؤكد أن الوضع في الشرق الأوسط أصبح أكثر تعقيدًا ودموية تحت إشرافها.
بل إن هيرست يرى أن القادم أخطر بكثير، حيث يشير إلى الفريق الذي يرافق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والذي يعد “وصفة لحرب شاملة في الشرق الأوسط” قد تقود المنطقة إلى أفق مسدود.
يرى هيرست أن الفريق الذي سيرافق ترامب في حال فوزه سيكون المحرك الأساسي لتصعيد الصراع في المنطقة. فهو لا يرى أي أمل في التوصل إلى حلول سلمية على يد هذا الفريق، بل يتوقع أن يكون الأمر بمثابة إشعال فتيل الحرب على جبهات متعددة، مع المزيد من التفجيرات السياسية في المنطقة.
يقول هيرست: “أستطيع أن أؤكد أن العالم العربي قد تغير خلال الشهور الماضية، وقد لا يترك مكانا للفريق القادم لفرض سياسات تتناسب مع ماضيهم. الوضع في المنطقة لم يعد كما كان عليه قبل ثلاث سنوات.”
وفي إطار هذه التطورات المأساوية، يبرز حديث الجنرال الإسرائيلي إتزيك كوهين الذي صرح بأن الاحتلال لا يعتزم السماح لسكان شمال قطاع غزة بالعودة إلى منازلهم.
حديثه هذا ليس مجرد تصريح عادي، بل هو بمثابة اعتراف صريح بجريمتين حربيتين: استخدام التجويع كأداة للضغط على المدنيين، والترحيل القسري للسكان الأبرياء.
ورغم محاولات المسؤولين الإسرائيليين تدارك الموقف، إلا أن التصريح يفضح سياسة الاحتلال الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين بشكل ممنهج، وهي سياسة لا تجد من يعارضها في الإدارة الأمريكية الحالية.
وفيما يخص الموقف الأمريكي الرسمي، يبدو أن قادة الديمقراطيين، بقيادة بايدن وكامالا هاريس، قد اختاروا الوقوف على الحياد أو بالأحرى دعم إسرائيل في جرائمها.
هاريس، التي تتهمها الكثير من الأوساط بأنها تساير سياسة البيت الأبيض تجاه غزة، لم تجرؤ على اتخاذ موقف مغاير أو حتى محاولة التأثير في قرارات الإدارة. هي، مثلها مثل بايدن وبلينكن، كانت حاضرة أثناء اتخاذ هذه القرارات المدمرة.
الرسالة التي بعثها هيرست لهم واضحة وصريحة: “لا تبحثوا عن السبب في مكان آخر. الهزيمة التي لحقت بكم هي نتيجة طبيعية لخياراتكم السياسية، والمرايا أمامكم هي التي تعكس تلك الحقيقة القاتمة.”
وفي السياق نفسه، يظهر دونالد ترامب كعنصر آخر في هذه المعادلة المعقدة. ورغم أن البعض يحاول تصويره كمرشح “لوقف الحرب”، إلا أن الحقيقة تكمن في أن اختيار ترامب لفريقه لم يكن إلا خطوة نحو تعزيز دعم إسرائيل واستمرار الحرب في المنطقة.
في واحدة من أكثر اللحظات السياسية المثيرة للجدل، تم تصوير ترامب وهو يلتقي بإمام من ديترويت ويتعهد بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط.
لكن الأيام التالية أثبتت أن “السلام” الذي وعد به ترامب لم يكن سوى سراب، حيث ضم فريقه إلى حكومته أشخاصاً لم يتوقفوا عن الدفاع عن السياسات الإسرائيلية الطائشة والمثيرة للدمار في المنطقة.
وبالنظر إلى هذا المشهد المتشابك بين بايدن وترامب، يتضح أن المنطقة لن تشهد أي تحسن في المستقبل القريب. فسياسات الإدارتين الأمريكية الحالية والمنتخبة تتقاطع في دعم ممارسات الاحتلال الإسرائيلي دون أي اهتمام بحياة المدنيين أو أمن المنطقة.
الحرب في غزة ولبنان، كما يتضح، لن تتوقف إلا إذا تغيرت السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط بشكل جذري، وهو أمر يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن.
يبدو أن الشرق الأوسط قد أصبح ساحة لصراع طويل الأمد، حيث لا تهتم الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلا بمصالحها السياسية، بينما يدفع الأبرياء في غزة ولبنان الثمن الأكبر.
فحتى مع تغير الفريق الرئاسي في الولايات المتحدة، يبقى أن الصراع العربي الإسرائيلي هو اللعبة التي لا تنتهي، بينما يسارع الجميع لزيادة إمدادات النار بدلاً من محاولة إطفائها.