في خطوة تكشف عن تصعيد إسرائيلي متعمد ضد الحقوق الفلسطينية، استهدفت إسرائيل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في حملة شرسة تهدف إلى تقويض قدرة الوكالة على تقديم خدماتها الحيوية لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني.
هذه الهجمات ليست مجرد اعتداءات على مؤسسة إنسانية فحسب، بل هي استهداف مباشر للشرعية الدولية نفسها، تحت غطاء دعم أميركي واضح لإسرائيل في جرائمها ضد الفلسطينيين.
هجوم على الأونروا: بداية النهاية للحقوق الفلسطينية
أحمد أبو هولي، رئيس دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية، أكد أن الهجوم على الأونروا يمثل تصعيدًا خطيرًا ضد القضية الفلسطينية ومؤسسات الشرعية الدولية.
وبحسب أبو هولي، فإن هذه الهجمات تمثل تجاوزًا لكل القوانين والقرارات الدولية، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 2730 الذي ينص على حماية حصانة المؤسسات الأممية العاملة في فلسطين.
واعتبر أن هذه الهجمات تأتي في وقت حساس للغاية، حيث يواجه اللاجئون الفلسطينيون ظروفًا إنسانية قاسية، خصوصًا في قطاع غزة الذي يعاني من شبح المجاعة نتيجة الحصار والدمار المستمر.
الضغط الدولي وسباق الوقت لوقف القرارات العنصرية
وأكد أبو هولي أن الوقت أصبح أكثر إلحاحًا، حيث يوجد أمام المجتمع الدولي 90 يومًا فقط للتدخل ووقف القرارات العنصرية التي أقرها الكنيست الإسرائيلي بحظر عمل الأونروا في غزة.
وأشار إلى أن 123 دولة في الأمم المتحدة قد وقعت على بيان مشترك يدعم الأونروا ويدين هذه القرارات. في هذا السياق، يترقب العالم اجتماعًا هامًا سيعقد في 18 نوفمبر في جنيف،
حيث ستجتمع اللجنة الاستشارية للأونروا لمناقشة الوضع المتأزم. ويتعين على المجتمع الدولي الخروج بتوصيات وقرارات حاسمة من هذا الاجتماع، ويجب أن يتضمن ذلك قرارًا واضحًا في مجلس الأمن يضمن حماية حصانة الأونروا ويعزز حرية عملها دون تدخلات إسرائيلية أو أميركية.
التواطؤ الأميركي: دعم للجرائم الإسرائيلية ورفض للشرعية الدولية
في سياق حديثه عن المواقف الدولية، شدد أبو هولي على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته، داعيًا الدول العربية للضغط على الولايات المتحدة لوقف تنفيذ مواقفها الداعمة لإسرائيل في المحافل الدولية.
وبين أن الولايات المتحدة ترفع الفيتو في كل قضية تخص فلسطين، بينما في الوقت نفسه تتنصل من مسؤولياتها الإنسانية تجاه الأونروا، حيث قامت بقطع 365 مليون دولار من ميزانية الوكالة في خطوة غير مسبوقة تُعد بمثابة خيانة للشعب الفلسطيني.
إسرائيل تعلن حربًا شاملة على الأونروا والحقوق الفلسطينية
وتستمر إسرائيل في تنفيذ مخططاتها التوسعية عبر بناء 1440 وحدة استيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الاستيلاء على مقر الأونروا الرئيسي في القدس.
هذه الخطوات تؤدي إلى إغلاق 17 منشأة تابعة للوكالة، مما يهدد حياة أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني كانوا يعتمدون على هذه المنشآت في مجالات الصحة والتعليم.
ولم تقتصر الاعتداءات الإسرائيلية على ذلك، بل طالت تدمير 200 مدرسة ومركز صحي، مما أسفر عن حرمان 300 ألف طالب وطالبة من حقهم في التعليم، وحرم 2 مليون لاجئ من الحصول على أبسط أنواع الأدوية والمساعدات.
الجامعة العربية والمجتمع الدولي: تحركات متواصلة ضد إسرائيل
في إطار هذه الاعتداءات المستمرة على الأونروا، أبدت جامعة الدول العربية، بقيادة الأمين العام أحمد أبو الغيط، موقفًا قويًا ضد السياسة الإسرائيلية، محذرة من أن هذه التحركات تمثل تهديدًا غير مسبوق لمستقبل الفلسطينيين.
وأكد أبو الغيط أن هذه السياسات الإسرائيلية تجاوزت حدود الإجرام المعهود، معتبرًا أن الهدف النهائي منها هو تصفية القضية الفلسطينية بالكامل وإفراغها من مضمونها التاريخي والإنساني.
كما أوضح أبو الغيط أن الأمم المتحدة يجب أن تتحمل مسؤولياتها تجاه حماية المؤسسات الإنسانية العاملة في فلسطين، مشددًا على ضرورة اتخاذ مواقف صارمة ضد إسرائيل التي تسعى إلى التحلل من التزاماتها الدولية.
في هذا السياق، قدمت المملكة الأردنية الهاشمية مشروع قرار خلال اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية، يهدف إلى حشد الدعم الدولي ضد القوانين الإسرائيلية العنصرية التي تستهدف الأونروا.
الدعم العربي والدولي: خطوة نحو الوحدة ضد القوانين الإسرائيلية
وفيما يتعلق بالتعاون العربي والدولي، أشار أبو هولي إلى أن مجلس الجامعة العربية قد أصدر 13 قرارًا يطالب فيها المجتمع الدولي بممارسة الضغط على إسرائيل لوقف تهديداتها ضد الأونروا.
كما تم تكليف مندوبين عرب في نيويورك بتنظيم جلسة خاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة تداعيات القرارات الإسرائيلية وتداعياتها الإنسانية على اللاجئين الفلسطينيين.
ودعت هذه القرارات إلى تكثيف الجهود العربية لتسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المستمرة.
على المستوى الأوروبي، أبدت بعض الدول الأوروبية قلقها من تأثير هذه السياسات الإسرائيلية على عمل الأونروا، وأكدت ضرورة استمرار الدعم المالي والسياسي للوكالة لمواجهة الأوضاع الإنسانية المتدهورة.
في الوقت نفسه، كانت هناك دعوات متزايدة لدعم المبادرات العربية في هذا الصدد، مؤكدين أن الأونروا تمثل حجر الزاوية في تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في مختلف أنحاء المنطقة.
المستقبل المجهول للأونروا والشعب الفلسطيني
تظل قضية الأونروا في قلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتواجه الوكالة تحديات كبيرة في ظل هذه الهجمات المنظمة.
بينما يعاني اللاجئون الفلسطينيون من ظروف معيشية كارثية، فإن المجتمع الدولي يقف أمام اختبار حقيقي لقدرته على حماية الشرعية الدولية وحفظ حقوق الإنسان في مواجهة السياسات الإسرائيلية المدعومة أميركيًا.
إن تصاعد هذه الاعتداءات يهدد ليس فقط مستقبل الأونروا، بل يشكل أيضًا خطرًا وجوديًا على الحقوق الفلسطينية بشكل عام.
وفي هذا السياق، يتعين على الدول العربية والمجتمع الدولي توحيد جهودهم لتقديم الدعم الكامل للأونروا، حتى تتمكن من الاستمرار في أداء دورها الحيوي في تقديم المساعدات الإنسانية والتعليمية والصحية للاجئين الفلسطينيين.