لأكثر من ربع قرن مضى، جمعتنا الحياة بتناقضاتها، فرق بيننا الخلاف بحدته. في علاقة بدأت ودودة واستمرت لدودة ••سنوات طويلة تصادمنا فيها أكثر مما تصادقنا، واختلفنا أكثر مما اتفقنا. ••لكن مع مرور الوقت، ومع تراكم التجارب والمواقف، يبدو أن ما يربط الافكار والأرواح أقوى مما تفرقه الوسائل . ••
تصالحنا أخيرًا، دون أن نتحدث أو نتهاتف. ••تصالحنا دون عتاب أو اعتذار
تصالحنا عندما تلاقينا -دون لقاء- علي موقف أخلاقي وإنساني، هو دعمنا المشترك لاهلنا واخواننا في فلسطين ولبنان، •• ربما نكون اختلفنا بسبب الكلمه ومؤكد اننا تصالحنا علي كلمة هي كلمة حق قالها ونقولها منذ عام، وهذا أضعف الإيمان. ••إنه تصالح الروح،
تصالح تصالح مع الذات تصالح يعلو فوق الكلمات والإشارات، والاتصالات ••تصالح يجعل الاختلافات في الثانويات مجرّد وجه آخر للاتفاق على الكليات فالطريق واحد وإن اختلفت معالمه.
في سنوات الخلاف الطويلة، كنت أرى المستشار مرتضى منصور بشخصيته الصاخبة وأسلوبه الحادّ، مختلفاً عني في كل شيء تقريبًا. ••كنا نتصادم كثيرًا في الأساليب، وكلٌّ منّا كان متمسكًا بطريقته. ••
لكن رغم ذلك، وبين كل الخلافات التي عصفت بعلاقتنا، جمعتنا لحظات لم نختَرها، في السجون والمعتقلات. فكما يقولون: “تعددت الأسباب والموت واحد.”
هكذا كنا، نختلف في كل شيء، لكننا اتفقنا (دون اتفاق)على سداد ثمن <الكلمة، والموقف، > حتى لو كان الطريق للوصول إليهما كل مليئًا بالتباينات.
اليوم، وأنا أشاهد المستشار مرتضى منصور في موقف أخلاقي وانساني مشرف، أجد نفسي أُكبر فيه هذه الروح.
فكيف لا أُكبر رجلاً يدافع عن قضايا الأمة بصوت جريء في زمن الصمت؟ ••كيف لا أُقدّر موقفًا يعبر فيه عن دعمه للمقاومة بالكلمة، حين أصبحت الكلمة أغلى ما يملكه المرء؟
نعم لقد أثار هذا الموقف موجة من التساؤلات والاستغراب حوله، ممن لا يعرف عنه سوي معاركه في الرياضة،
وكأن دعمه لقضايا عادله،أمر مستحدث ليس له جذور. ••أحقًا يظنون أن هذا الرجل، بما يحمله من ماضٍ طويل ومواقف لا تُنسى، يمكن أن يكون موقفه عابرًا أو عارضاً ؟
إنّ ما يحدث في غزة من تدمير منهجي، وفي لبنان من ألمٍ متكرر، يجعل الحجر يئنّ، فكيف لا تتحرك مشاعر انسان ،يجمّع حتي اشد خصومه ، أنه يحمل في رأسه شيب شيخ، وفي جوفه ،قلب طفل!!؟
في هذا المشهد، أجدني ،أنا و المستشار مرتضى منصور تقاطعنا دون ترتيب او تخطيط، لم نحتج إلى لقاء أو اتصال مباشر، ولاعناق مصالحة، أو كلمات اعتذار .
فيكفي أننا وقفنا معًا على أرض المبدأ، والموقف ونصرة للإنسانية، دعمًا لمن لا صوت لهم.
ربما كان ولا زال لكلٍّ منّا طريقته الخاصة والمختلفة في التعبير عن الرأي، لكنّي انتمي لمدرسة قد تكره القول ولا تكره القائل. ••وربما كنا نبدو وكأننا على طرفي نقيض، لكننا اليوم نلتقي في أضعف الإيمان: وهو قول الحق، وأن نساند ولو بالكلمة، اهله.
لا شيء يجعل كراهيتنا لسلوك إنسان أعظم من مواقفه، ••ولا شيء يعيد للأرواح انسجامها إلا عندما تجد نفسها متوحدة أمام قضية عادلة. هكذا وجدت نفسي محبا ومقدرا لمرتضى منصور، رغم كل ما كان بيننا، •
فتحية من القلب لرجل يستحق موقفه التحية.. لذلك، أقول شكرًا لرجلٍ أثبت أن المواقف تصنع الرجال، وأن الرجولة ليست بالصوت العالي أو المواقف المعلنة فقط، بل بثبات المبادئ حين تخور العزائم. إنه هو، المستشار مرتضى منصور. الرجل الذي قد نختلف معه كثيرًا، لكننا ننحني احترامًا حين يكون الموقف أخلاقيًا وإنسانيًا. فالرجال مواقف، وما أجمل أن تلتقي الأرواح على موقف واحد.