مقالات ورأى

وليد عبدالحي يكتب: هل يستيقظ مناحيم بيغن

تكشف جميع استطلاعات الرأي العام الغربية وغير الغربية ان هناك اغلبية مطلقة في الرأي العام العالمي لم تعد تنظر لاسرائيل النظرة الايجابية التي عملت على تكريسها عالميا، ولعل التقرير الذي اوجزته مجلة تايم يشير الى ان استطلاعا واسعا جرى في 43 دولة (تضم حوالي 80% من سكان العالم تقريبا) اظهر تراجع في معدل التأييد لاسرائيل بأكثر من 18% في معدله العام

وبعض الدول تراجع التأييد فيها لاسرائيل تراجعا حادا كما هو الحال في اليابان او كوريا الجنوبية او بريطانيا أو اسبانيا او بلجيكيا … الخ.

ولعل اهم بعدين من ابعاد هذا التغير يتمثلان في :
أ‌- ان صورة اسرائيل المسالمة والديمقراطية التي تعيش في اقليم غير حضاري ومتوحش قد تهشمت بشكل لا لُبس فيه بسبب ما تنقله وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي الذي كسر احتكار الاعلام الرسمي، ناهيك عن قرارات الهيئات القضائية الدولية التي اعتبرت اسرائيل دولة احتلال وطالبت بمحاكمة نيتنياهو ووزير دفاعه ، وهو ما يضعهما في قائمة المجرمين مثل ميلوزيفتش اليوغسلافي وكامبندا الراوندي او بينوشي التشيلي او غومبو الكنغولي وكينياتا الكيني وعمر البشير السوداني..وغيرهم.
ب‌- ان تأييد الحكومات الغربية لاسرائيل لا يتسق مع التحولات في توجهات مجتمعات هذه الدول تجاه اسرائيل ، وهو ما نلاحظه في دول مثل بريطانيا والمانيا والولايات المتحدة واسبانيا وايطاليا وفرنسا … الخ، وبخاصة القبول الواسع في الرأي العام الدولي لفكرة حل الدولتين( بغض النظر عن جدواها او امكانيات تحقيقها)، فهي فكرة سائدة بشكل واسع في الحوارات الدبلوماسية وتوجهات الرأي العام الدولي وقرارات منظمات دولية واقليمية .. الخ.

ويبدو ان ظلال هذه النتائج بدأت تحث هيئات صنع القرار الاسرائيلي للبحث في كيفية استعادة الصورة السابقة، وبخاصة ان فكرة “حل الدولتين” اصبحت طاغية في اغلب الدوائر العالمية ،

وهو ما يشير الى ان اسرائيل قد تتجه نحو أداتين من أدوات إدارة الصراع في المستقبل المتوسط والبعيد وهما:
أ‌- محاولة تنظيم عمليات عنف ترتبها جهات استخبارية اسرائيلية داخل دول غربية اوغير غربية ، ثم الصاق التهمة بقوى معاداة السامية ، وقد يتم ترتيب هذه العمليات بكيفية ملتبسة بهدف فتح النافذة للشك في عرب او اسلاميين او تنظيمات فلسطينية او جماعات اوروبية مساندة للفلسطينيين ، وتستهدف هذه العمليات استعادة أدبيات معاداة السامية لامتصاص قدر من التحول في الرأي العام العالمي، ولعل وجود ملايين العرب والمسلمين في الدول الغربية او غير العربية يساعد في تنظيم هذا “الالتباس”، لخلق حالة قلق بين اليهود في اوروبا وامريكا وحثهم للهجرة الى اسرائيل ، ثم لخلق صور مشوهة للنضال العربي وللمؤيدين للنضال الفلسطيني من قوى التحرر في العالم ومن المستنيرين في هذه الدول، وهو ما يحيي شعار معاداة السامية.

لقد ذكر مناحيم بيغن في كتابه الثورة انهم كانوا يلقون قنابل في الاحياء اليهودية في المدن العراقية (قبيل انشاء اسرائيل) ثم يوزعون بيانات باسم تنظيمات تنادي “بتحرير العراق من الغرباء” وبالتحديد اليهود، وكشفت وثائق للسفارة الالمانية في حينها عن هذه المخططات وتنفيذها، وهو ما يعني ان هناك احتمال لايقاظ مناحيم بيغن من قبره .

ذلك يعني ان تلاميذ مناحيم بيغن قد يستيقظون ليعيدوا الكرة في دول العالم ، لجذب المهاجرين وتشويه النضال الفلسطيني تحت يافطة معاداة السامية، وهي العبارة التي يرددها نيتنياهو ليل نهار.

ب‌- تدرك اسرائيل ان اي قبول فعلي وحقيقي لحل الدوليتن يعني خلع المستوطنات من الضفة الغربية ،وهو امر قد يفتح الباب لحرب اهلية بين المستوطنين وانصارهم وبين اجهزة الدولة وانصارها،

لذا يبدو ان التوجه في هذه المسألة يسير باتجاهين :
1- اتجاه المسارعة لضم الضفة الغربية ووضع العالم امام واقع يصعب تغييره ، وهو ما عبر عنه بشكل واضح وزير المالية الاسرائيلي الحالي بان الضم سيكتمل في العام القادم.
2- اتجاه آخر، هو الاعلان عن قبول حل الدولتين استرضاء لبعض الدول العربية ، ثم ادخال التفاوض حول طبيعة وبنية هذه الدولة في متاهات التجزئة بالكيفية التي جرت في أوسلو، بتجزئة الموضوعات والاطراف والمراحل الزمنية ، بحيث يتم افراغ مضمون الدولة الفلسطينية وتحويلها تدريجيا الى نوع من الإدارة المحلية ، ثم وضع خطط طويلة الاجل للتفريغ السكاني العربي منها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى