منذ زمن بعيد، تتنازع الأندية الرياضية في مصر على قمة الهرم الرياضي، لكن ليس كل ما يلمع ذهبًا. كرهتُ فكرة الحديث عن نادٍ بعينه وكأنّه هو الأوحد في تاريخ كرة القدم المصرية، ولم أكن أتوقع أن أرى اليوم الذي يُسوق فيه البعض لنفسه على حساب التاريخ والعقل.
اليوم، يتحدث البعض عن نادي الزمالك وكأنّه الأكبر والأعظم في مصر، بينما تظهر الأرقام والتاريخ عكس ذلك تمامًا. فهل أصبح التغني بالكلام الخالي من الحقيقة هو مقياس النجاح؟ وهل أن أصبحت الكرة المصرية مجرد مساحة لتصفية الحسابات والافتراءات؟
لا، ولن يكون ذلك في وعيي، لا أتحدث من منطلق عنصري أو تهجم، بل من منطلق أرقام وحقائق لا يمكن إخفاؤها مهما حاول البعض اللعب على العواطف.
أولاً، حسين لبيب رئيس النادي الذي كان حديثه الأخير عن “الزمالك أكبر قلعة رياضية في مصر” يدعو للدهشة.
الزمالك من الأندية العريقة ولا شك في ذلك، لكنه لا يستطيع بأي حال أن يتفوق على الأهلي في عدد البطولات أو الإنجازات القارية والمحلية. نحن نتحدث عن نادي حصل على الدوري المصري 44 مرة، أي ضعف ما حققته جميع الأندية المصرية بما فيهم نادي الزمالك ” 20 بطولة “.
هذا ليس كلامًا عاطفيًا، هذه أرقام معترف بها في سجلات تاريخ كرة القدم المصرية. وفيما يخص بطولات كأس مصر، الأهلي حقق 39 بطولة مقابل 28 للزمالك، والسوبر المصري، يتفوق الأهلي أيضًا بـ 15 مرة مقارنة بـ 5 مرات فقط للزمالك.
أما على مستوى السوبر الإفريقي، فالأهلي حقق 8 مرات بينما الزمالك فاز بها 5 مرات. وحتى في دوري الأبطال، الأهلي يحتفظ بلقب البطولة 12 مرة بينما الزمالك فاز بها 5 مرات فقط. دعونا نتحدث عن الأرقام، ولا نحيد عن الحقيقة.
ثانيًا، عمرو الدرديري لا يحتاج إلا إلى مسح الذاكرة الرياضية، ليتوقف عن إطلاق التصريحات التي يخلط فيها بين الحقائق والخيال.
في حديثه عن بطولة “نصف أندية العالم”، أشار إلى أن الزمالك حصل عليها في 1986، بينما الواقع يثبت أن النادي الأهلي هو الذي حقق هذا اللقب في نفس العام، حين فاز ببطولة أندية العالم في القارات.
الدرديري لا يعترف بتلك الحقيقة، لكن الفيفا، جهة الاختصاص، هنأ الأهلي بذلك الإنجاز، ووضع شارة الفيفا على الميداليات. لذا، نُعد تلك التصريحات محض وهم لن يغير من الواقع شيئًا.
ثالثًا، أحمد حسام ميدو، الذي يحاول بجد أن يظهر الزمالك كأنّه النادي الوحيد الذي يستحق البطولات، يصرّح أن النادي “لا يملك المال لدفع مكافآت للاعبيه بعد الفوز بـ3 بطولات.”
لكن، هل يمكن مقارنة ثلاث بطولات مع 27 بطولة في موسم واحد؟ لا أعتقد أن هذا يحتاج إلى تعليق إضافي. بالطبع، هذا لا ينفي إنجازات الزمالك، لكن المقارنة هنا واضحة وصريحة.
لا يمكن أن تتحدث عن نادي كبير في الوقت الذي يبدو فيه هذا النادي عاجزًا عن مكافأة لاعبيه بالشكل اللائق. هل يُعقل أن يتحقق النجاح مع هذه الأوضاع المالية المتردية؟ بالطبع لا.
رابعًا، عفت نصار الذي حاول أن يُحمل الأهلي “فوزًا بالحكام”.
إذا كان الأهلي قد حصل على 154 بطولة في تاريخه، هل يعقل أن يكون الفوز بالحكام هو السبب؟ هذا أمر يثير السخرية. فالأهلي حقق كل هذه البطولات بفضل الأداء القوي على أرض الملعب،
بينما الزمالك، الذي يردد البعض حديثه عن الحكام، يجب أن يعترف بحقيقة أن الأخطاء التحكيمية تحدث في جميع المباريات، وآن الأوان لإنهاء الأسطوانة المشروخة هذه.
وفي النهاية، هناك من يدّعي أنّ تاريخ الزمالك يُجسد العظمة، وأنّ الأهلي، مع كل إنجازاته، يعاني من الحظ السيء. لكن هل الحظ سيحقق لك 27 بطولة في موسم واحد؟
هل الحظ سيجعلك تسيطر على القارة الإفريقية على مر السنين؟ لا، بل هي الجدارة والعرق والإنجازات التي لا يمكن لأي تصريف إعلامي أن ينكرها.
وأنا أكتب هذه الكلمات، لا أريد أن أظهر بمظهر المعادي للزمالك أو التقليل من شأنه، لكنني في الوقت ذاته لا أقبل بأي محاولة لتزوير الحقائق أو التفوق على حساب الحق. فالتاريخ لا يرحم، والأرقام هي الأصدق، وكل كلمة نقولها يجب أن تحمل بين طياتها أمانة وثقة.
الرياضة قبل كل شيء هي شرف، وهي إنجاز، وهي كفاح على أرض الملعب. فلتتوقف تلك التصريحات المضللة، ولندع الأرقام تتحدث.