في واحدة من الكوارث الاقتصادية التي تكشف عن استمرار الفشل الحكومي والإداري المريع، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن أرقام صادمة حول العجز التجاري في مصر.
فقد ارتفعت قيمة العجز في الميزان التجاري لمصر في أغسطس الماضي بنسبة 21.3% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات عابرة،
بل تمثل مؤشراً خطيراً على استمرار انهيار الاقتصاد المصري بسبب سياسات الحكومة الفاشلة والمستوى المخيف من الفساد الذي يضرب مفاصل الدولة.
ارتفاع العجز التجاري إلى مستوى كارثي
بحسب البيان الذي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن العجز في الميزان التجاري لمصر قد بلغ 4.88 مليار دولار في شهر أغسطس 2024، مقارنة بـ 4.03 مليار دولار في نفس الشهر من العام الماضي، مما يعني زيادة مذهلة في العجز بلغت قيمتها 0.85 مليار دولار.
هذه الزيادة في العجز التجاري ليست مجرد أرقام على الورق، بل هي نتيجة حتمية للسياسات الاقتصادية الكارثية التي تتبعها الحكومة، التي تواصل إهمالها لاحتياجات الشعب وتغض الطرف عن الهدر المستمر في الموارد.
انخفاض صادرات مصر بصورة مروعة
أما في ما يتعلق بالصادرات المصرية، فإن الوضع لا يقل كارثية. حيث شهدت الصادرات المصرية انخفاضاً فاق التوقعات، فقد تراجعت قيمتها بنسبة 7.2% في أغسطس 2024 لتصل إلى 3.45 مليار دولار مقارنة بـ 3.72 مليار دولار في نفس الشهر من العام السابق.
هذا التراجع في الصادرات يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على عدم قدرة الحكومة المصرية على دعم الصناعة الوطنية أو تسويق المنتجات المحلية في الأسواق العالمية.
الفشل الذريع في تحسين جودة الصادرات أو التنويع في المنتجات يشير إلى عدم وجود استراتيجية اقتصادية واضحة أو حتى محاولات جادة لتحسين الوضع.
زيادة مفزعة في الواردات
لكن الأوضاع لا تتوقف عند هذا الحد، بل تزداد سوءاً مع زيادة مروعة في الواردات، حيث ارتفعت قيمتها بنسبة 7.6% في أغسطس 2024 لتصل إلى 8.34 مليار دولار مقارنة بـ 7.75 مليار دولار في نفس الشهر من العام الماضي.
هذا الارتفاع في الواردات يفضح عجز الحكومة عن دعم الإنتاج المحلي، ويؤكد على الاعتماد المستمر على الاستيراد من الخارج حتى في السلع الأساسية.
الأمر الذي يعني زيادة في استنزاف العملة الأجنبية وضعف في القدرة على تلبية احتياجات الشعب من السلع الأساسية.
تفاصيل مرعبة حول السلع الأكثر تأثيراً
فيما يخص الأسباب الكامنة وراء هذه الزيادة في العجز، يلفت جهاز الإحصاء إلى تراجع صادرات بعض السلع المهمة، حيث انخفضت صادرات البترول الخام بنسبة 52.7%.
وفي ذات الوقت، تراجعت صادرات الدائن بأشكالها الأولية بنسبة 0.1%، كما انخفضت صادرات العجائن والمحضرات الغذائية المتنوعة بنسبة 10.4%، في حين انخفضت صادرات الفواكه الطازجة بنسبة 0.4%.
هذا التراجع في الصادرات لا يعكس فقط ضعف السياسة الاقتصادية، بل يؤكد على غياب الجهود الجادة من الحكومة لتطوير قطاعات حيوية قد تساهم في زيادة الدخل القومي.
أما في ما يتعلق بالواردات، فقد شهدت مصر زيادة مروعة في استيراد بعض السلع الأساسية، التي تكشف الفشل الذريع للحكومة في تحقيق الاكتفاء الذاتي أو حتى تقليص الاعتماد على الخارج.
ارتفعت واردات منتجات البترول بنسبة 81.2%، فيما قفزت واردات الغاز الطبيعي بنسبة 234.7%، وزادت واردات القمح بنسبة 26.5%. الأرقام تشير إلى أن الحكومة فشلت في تحقيق أبسط أهدافها في تحسين الأوضاع الاقتصادية، بل على العكس، ساهمت في تفاقم الأزمة.
الفشل الحكومي يتسبب في تدهور الاقتصاد
في ظل هذه الأرقام المفزعة، يصبح من الواضح أن الحكومة المصرية لا تملك استراتيجية حقيقية للتعامل مع الأزمات الاقتصادية المتتالية، بل تواصل سياسة التراخي والتقاعس في اتخاذ قرارات مصيرية قد تحد من هذه الكوارث.
إذا كانت الحكومة تتوقع أن الوضع سوف يتحسن من تلقاء نفسه، فإنها تخطئ في الحسابات بشكل كارثي. من الواضح أن الحكومة الحالية تستمر في تعميق الجرح الاقتصادي الذي يعيشه المواطن المصري بشكل يومي.
فساد الحكومة: المشكلة الحقيقية وراء هذه الأزمات
المشكلة الأكبر التي تقف وراء هذه الأزمات الاقتصادية هي الفساد المستشري في كل أركان الحكومة. فبدلاً من أن تحاول الحكومة تحسين وضع الصادرات أو تقليل الاعتماد على الواردات، نجد أن كبار المسؤولين في الدولة يواصلون استغلال المناصب لتحقيق مكاسب شخصية على حساب مصالح الشعب.
هذا الفساد المدمر يشل القدرة على اتخاذ قرارات حكومية سليمة ويمنع أي تحسن حقيقي في الوضع الاقتصادي.
ماذا يعني العجز التجاري؟
في النهاية، لا يمكن تجاهل الدلالة الخطيرة التي تحملها هذه الأرقام. العجز التجاري يعني ببساطة أن الدولة تنفق أكثر مما تجني. في حالة مصر، يعني العجز التجاري أن الحكومة فشلت في توفير العملة الأجنبية اللازمة لتغطية احتياجات البلاد من السلع الأساسية.
وهذا يفضح حقيقة وضعف الأداء الحكومي الذي لا يستطيع تحسين الوضع حتى في ظل الدعم الدولي والمساعدات التي تحصل عليها مصر من الخارج.
أين الحكومة من هذا كله؟
لا شك أن الحكومة المصرية في حالة فشل ذريع، وأرقام العجز التجاري تظهر بوضوح كم أن سياساتها الاقتصادية فاشلة وغير قابلة للاستمرار.
فبدلاً من معالجة الأسباب الحقيقية وراء هذا التدهور، تواصل الحكومة تجاهل الحقائق وتتجاهل حقيقة أن الفساد المستشري في المؤسسات هو العامل الرئيسي الذي يعوق أي إصلاح اقتصادي حقيقي.