مجلس الأمن يندد بالاعتداءات على قوة يونيفيل في لبنان ويطالب بحماية قواتها
في خطوة قوية تعكس قلقًا متزايدًا من الأوضاع في لبنان أدان مجلس الأمن الدولي بشدة الهجمات التي تعرضت لها قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان المعروفة بيونيفيل خلال الأسابيع الأخيرة هذه الاعتداءات التي طالت القوات الدولية المتمركزة في لبنان ليست مجرد حوادث عابرة بل تمثل تصعيدًا خطيرًا يهدد أمن المنطقة برمتها ويعكس تدهورًا في الأوضاع الأمنية والاستقرار في الجنوب اللبناني
وقد أكد أعضاء مجلس الأمن في بيان شديد اللهجة صدر يوم الأربعاء أن أفراد يونيفيل لا يجب أن يكونوا هدفًا لأي هجوم تحت أي ظرف مشددين على ضرورة حماية هذه القوات الدولية التي تعمل في ظل ظروف صعبة للغاية وأكد المجلس بشكل قاطع أن على كل الأطراف المتصارعة في لبنان احترام سلامة وأمن أفراد يونيفيل والمقرات التي يعملون منها وأي اعتداء على هذه القوات يعتبر تعديًا على المجتمع الدولي بأسره
وطالب المجلس جميع الأطراف المعنية في لبنان باتخاذ كل التدابير الضرورية لضمان أمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إذ أن أي تهديد يتعرض له هؤلاء الجنود الأمميين هو بمثابة تهديد مباشر للاستقرار في لبنان والمنطقة وفي ذات السياق شدد البيان على أهمية استمرار قوات يونيفيل في أداء مهمتها لدعم الاستقرار الإقليمي والحد من التوترات المتصاعدة بين مختلف الأطراف المتصارعة
مجلس الأمن أعرب عن تقديره الكبير للدول التي تسهم بقوات في يونيفيل مقدرًا ما تقدمه من جنود وخبرات من أجل الحفاظ على السلام في منطقة معقدة وخطيرة هذا التقدير يعكس الاعتراف بالدور الحيوي الذي تلعبه القوات الدولية في منع تصاعد النزاع إلى مستويات أشد خطورة وفي نفس الوقت فإن هذا التقدير يترافق مع دعوة واضحة لكل الأطراف في لبنان لضمان أن يونيفيل قادرة على القيام بمهمتها دون خوف من التعرض للاعتداءات
من ناحية أخرى عبر مجلس الأمن عن قلقه البالغ إزاء الأوضاع الإنسانية في لبنان إذ أشار إلى الخسائر الفادحة التي لحقت بالمدنيين نتيجة للصراع الدائر هناك وتدمير البنية التحتية المدنية بشكل واسع الانتشار كما أشار المجلس إلى الدمار الذي لحق بمواقع التراث الثقافي في لبنان والذي يعرض تاريخ البلاد الثري للخطر وأوضح أن هذه الاعتداءات على التراث الثقافي تشمل مواقع مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو مثل بعلبك وصور
هذا الدمار الثقافي يمثل ليس فقط خسارة للبنان بل للإنسانية جمعاء إذ أن هذه المواقع التاريخية تحمل إرثًا ثقافيًا وحضاريًا لا يمكن تعويضه كما أكد مجلس الأمن أن الاستمرار في هذه الاعتداءات يشكل تهديدًا لتاريخ وحضارة منطقة الشرق الأوسط بأسرها
وفي خضم هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة سجل مجلس الأمن ارتفاعًا كبيرًا في أعداد النازحين داخليًا داخل لبنان إذ أن مئات الآلاف من العائلات أجبرت على الفرار من منازلها بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة لتعيش في ظروف صعبة ومؤلمة مع نقص كبير في الاحتياجات الأساسية والخدمات الضرورية وهذا يشكل أزمة إنسانية جديدة تعقد من الوضع القائم في البلاد وتزيد من التحديات التي تواجه المجتمع اللبناني
وفي هذا الإطار دعا مجلس الأمن كل الأطراف المتصارعة إلى الالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي مشددًا على أن استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية يعد جريمة حرب لا يمكن السكوت عنها وحث المجلس جميع الأطراف على التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 والذي يعد الإطار القانوني الأساسي لضمان الاستقرار في جنوب لبنان
ويهدف هذا القرار إلى نزع سلاح الميليشيات غير النظامية في لبنان ووقف الأعمال العدائية المتبادلة بين الأطراف المتصارعة وتوسيع نطاق السيطرة الحكومية على كافة الأراضي اللبنانية بما في ذلك الجنوب كما يطالب القرار بوقف إطلاق النار والالتزام بحدود واضحة بين لبنان وإسرائيل تحت إشراف القوات الدولية
إن مجلس الأمن يدرك تمامًا أن تطبيق قرار 1701 يواجه تحديات كبيرة على الأرض لكن المجلس شدد في بيانه على أن التنفيذ الكامل لهذا القرار ضروري لضمان استقرار دائم في لبنان وحماية المدنيين والقوات الدولية
إن الرسالة التي وجهها مجلس الأمن هذه المرة واضحة وقوية وهي أن المجتمع الدولي لن يتسامح مع أي اعتداءات على قوات يونيفيل أو المدنيين في لبنان وأن على الأطراف المتنازعة احترام التزاماتها الدولية والامتناع عن أي أعمال تؤدي إلى تصعيد العنف أو تعريض حياة الأبرياء للخطر
فإن الوضع في لبنان بات يمثل اختبارًا حقيقيًا لإرادة المجتمع الدولي في الحفاظ على السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط وإذا لم يتم اتخاذ خطوات جادة لحماية قوات يونيفيل وضمان تطبيق القانون الدولي فإن التداعيات ستكون كارثية ليس فقط على لبنان بل على المنطقة بأسرها