حزب الوفد، الحزب الذي طالما كان رمزا للنضال الوطني منذ ثورة 1919، يعيش اليوم أحلك فتراته وأكثرها بؤسا تحت قيادة الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس الحزب الحالي، الذي يبدو وكأنه يجر الحزب نحو الهاوية.
ففي احتفالية عيد الجهاد الوطني التي نظمها الحزب مؤخرًا، برزت مظاهر الفساد والإهمال والتقاعس التي باتت تميز عهد يمامة، ما أثار استياء العديد من القيادات الحزبية التي حضرت الحدث، وأشارت بوضوح إلى حجم الإخفاقات التي تلاحق الحزب.
احتفال مخيب للآمال
في الاحتفالية التي شهدت حضور عدد من قيادات الحزب مثل الدكتور ياسر الهضيبي، السكرتير العام للحزب، والمهندس حسين منصور، نائب رئيس الحزب، والنائبة الوفدية أمل رمزي، وعدد آخر من الشخصيات البارزة في الحزب، كانت الأجواء مملة وبعيدة تمامًا عن الحماس الذي كان يميز احتفالات الوفد في الماضي.
ولم يستطع يمامة أن يخفي مدى إحباطه من وضع الحزب الحالي، حيث أعرب عن عدم رضاه عن نسبة الوفد في البرلمان التي بلغت 3٪ فقط، مؤكدا أن هذه النسبة لا تليق بتاريخ الوفد وطموحاته. ولكن هل حقًا يملك يمامة أي قدرة على تغيير هذا الوضع؟
محاولة فاشلة لاستعادة الشعبية
يمامة، الذي بدا وكأنه يحاول بشتى الطرق مداعبة أحلام أعضاء الحزب وإيهامهم بقدرته على تحسين الأوضاع، لم يقدم أي خطة حقيقية للنهوض بالوفد. بل على العكس، تصريحاته التي تضمنت وعودًا بالحصول على نسبة أكبر من المقاعد في البرلمان المقبل بدت فارغة وعديمة الجدوى.
فوفقًا لما يراه المراقبون، يمامة لن يتمكن من تحقيق حتى نسبة 2٪ في الانتخابات المقبلة، سواء في مجلس الشيوخ أو النواب.
الأكثر إثارة للسخرية، هو ما يتداوله البعض من أن يمامة يراهن على تعيينه كنائب في مجلس الشيوخ من قبل الرئيس، وهو أمر يبدو بعيد المنال في ظل الأداء المخيب الذي قدمه الحزب تحت قيادته.
فلا يبدو أن أي جهة رسمية ستمنحه هذا الامتياز بناءً على ما أظهره حتى الآن من عجز وفشل في إدارة الحزب.
الفساد يغتال روح الوفد
الحقيقة المرة التي يعاني منها الوفد اليوم هي أن قيادته الحالية، بزعامة يمامة، قد شوهت تاريخ الحزب وأضعفت شعبيته إلى حد غير مسبوق.
فمنذ انتخاب يمامة كرئيس للحزب، تدهور الوضع الداخلي بشكل كارثي. فقد قام يمامة بتجميد عمل اللجان العامة، ولجان المرأة والشباب، ما عطل العمل السياسي والتنظيمي داخل الحزب.
بل إنه أبدع في تزوير الجمعية العمومية وتعمد تعطيل اجتماعات الهيئة العليا والمكتب التنفيذي، وهو ما أدى إلى شلل تام في العمل التنظيمي.
الفساد لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن الاحتفالات والمناسبات التي كانت في السابق مصدر فخر لأعضاء الوفد، تحولت إلى مناسبات هزيلة لا تمت بأي صلة لتاريخ الحزب النضالي.
احتفالية عيد الجهاد الوطني لعام 2024، والتي كانت تُقام في السابق وسط أجواء حماسية تستحضر أمجاد الزعيم سعد زغلول، أصبحت اليوم تحت قيادة يمامة مجرد استعراض فارغ وممل.
فبدلًا من إحياء الروح الوطنية التي ارتبطت بهذه المناسبة، تحول الحفل إلى تجمع هزيل لا يتجاوز عدد حضوره بضع مئات، تحت قيادة إعلامية هزيلة يقودها شريف عارف، المستشار الإعلامي للحزب ومدير معهد الدراسات السياسية، الذي فشل في تقديم أي جديد.
تراجع خطير في تاريخ الوفد
احتفال الوفد بعيد الجهاد الوطني كان دائمًا مناسبة يستعرض فيها الحزب قوته وجماهيريته، ولكن ما جرى في عهد يمامة يعتبر نكسة بكل المقاييس.
ففي السنوات الماضية، كانت احتفالات الوفد تملأ شوارع القاهرة وتجمع آلاف المواطنين للاستماع إلى خطب قادة الحزب، حيث كان فؤاد باشا سراج الدين، الرئيس الأسبق للوفد،
يهاجم الحكومة بقوة ويستعرض إنجازات الحزب. أما اليوم، فإن عيد الجهاد أصبح مجرد تذكير بالأيام الخوالي التي لن تعود.
الوفد الذي خرج منه قادة مثل سعد زغلول ووقفوا في وجه إمبراطورية بريطانيا العظمى، أصبح اليوم مجرد ظل باهت لتاريخه، بفضل سياسات يمامة التي لا تراعي لا تاريخ الحزب ولا نضالاته.
بدلاً من النضال من أجل استعادة مكانة الحزب، انشغل يمامة بتوزيع المناصب على المقربين منه وجعل مقر الحزب مكانًا لتناول الطعام وتبادل النكات، حيث تحول “قصر الوفد” إلى مطعم لتقديم سندوتشات الجبن الرومي والفطير المشلتت.
مستقبل مظلم للوفد تحت قيادة يمامة
إن كان هذا هو الوضع اليوم، فما الذي يمكن أن ننتظره من مستقبل الوفد؟ الواضح أن الحزب يعيش أسوأ فتراته السياسية والتنظيمية تحت قيادة يمامة.
فالتردي ليس فقط على مستوى الشعبية، بل أيضًا على مستوى الإدارة الداخلية للحزب، حيث أصبحت الاجتماعات تعقد وسط أجواء متوترة يسودها الشجار والشتائم، في ظل وجود “بلطجية” لحماية يمامة نفسه.
يبدو أن الحزب الذي كان رمزًا للنضال الوطني أصبح اليوم مختطفًا، ولا أمل في استعادة عافيته إلا برحيل يمامة، الذي ثبت أنه غير قادر على قيادة الحزب نحو أي نجاح.
فمستقبل الوفد، إن بقي يمامة على رأسه، لا يبشر بأي خير، بل قد ينتهي الحزب إلى أن يصبح مجرد صفحة من صفحات التاريخ، بعد أن كان في يوم من الأيام قائدًا للحركة الوطنية.
فإن الدكتور عبدالسند يمامة، الذي باتت ممارساته تشكل خطرًا حقيقيًا على مستقبل الوفد، يجب أن يرحل فورًا قبل أن يُكمل على ما تبقى من هذا الحزب العريق.