إيران تؤجل ضربة حاسمة لإسرائيل بعد فوز ترامب في الانتخابات
في خطوة مثيرة، أكدت مصادر مطلعة أن طهران قررت تأجيل ردها المتوقع ضد إسرائيل بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.
قرار التأجيل هذا يأتي بعد إشارات سابقة من السلطات الإيرانية بشأن تنفيذ عملية عسكرية كبرى ضد إسرائيل التي كانت معروفة باسم “الوعد الصادق 3”.
وحسب تلك المصادر، فإن إيران كانت قد أعدت نفسها لتنفيذ العملية في وقت قريب ولكن قرار الفائز في الانتخابات الأمريكية دفعها إلى إعادة النظر في توقيت هذه الضربة.
منذ فوز ترامب، سادت حالة من الترقب في الأوساط السياسية والعسكرية حول ما إذا كانت إيران ستسارع في تنفيذ تهديداتها ضد إسرائيل. فقد كان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي قد حذر في وقت سابق من رد قاسٍ سيطال كل من الولايات المتحدة وإسرائيل على إثر الأفعال التي اعتبرها مؤامرات ضد إيران ودول محور المقاومة. تعهد خامنئي الذي ظل يؤكد على ضرورة الانتقام من تلك الدول جراء ما وصفه بتدخلاتها المستمرة في الشأن الإيراني، يضع قضية الرد العسكري في صدارة الأولويات بالنسبة لنظام طهران.
ومع هذا التوجه الإيراني نحو الرد العسكري، كانت هناك تطورات متلاحقة تشير إلى أن التصعيد أصبح أمراً وشيكاً. وتضمنت تلك التطورات الهجوم الذي نفذته إسرائيل في 26 أكتوبر الماضي ضد أهداف إيرانية في سوريا. الهجوم الذي وصفه الناطق الرسمي باسم الحرس الثوري الإيراني علي محمد نائيني بأنه “عمل شرير جديد”، أثار موجة من الغضب في طهران وأدى إلى تصاعد الخطاب العسكري الإيراني الذي طالما أكد على ضرورة الرد القاسي على أي اعتداءات ضد مصالحها في المنطقة.
وكانت إيران قد وضعت خططاً لمواجهة هذا التصعيد العسكري عبر توجيه ضربات استباقية ضد إسرائيل، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الرد مشابهاً في قوته لما تعرضت له مصالحها. إذ إن الحرس الثوري الإيراني كان قد صرح مراراً بأن أي استهداف إسرائيلي للأراضي الإيرانية أو قواتها في سوريا لن يمر دون حساب. وقد أُعلن عن تلك الخطة التي حملت اسم “الوعد الصادق 3” بأنها عملية عسكرية شاملة كانت تستهدف ضرب نقاط استراتيجية إسرائيلية تزامناً مع تصعيد سياسي في المنطقة.
ولكن بعد فوز ترامب الذي يعبر عن استمرار السياسة الأمريكية المعادية لطهران، أصبح واضحاً أن هناك توازنات جديدة في المنطقة قد تدفع القيادة الإيرانية لإعادة النظر في توقيت تنفيذ هذه الضربة. فقد كانت السياسة الأمريكية تحت حكم ترامب قد اتسمت بالتشدد ضد إيران، الأمر الذي فرض على القيادة الإيرانية أن تعيد حساباتها في التعامل مع هذا الواقع الجديد.
القرار الإيراني بتأجيل الرد العسكري على إسرائيل يعكس وجود حسابات معقدة في طهران. فبينما كانت هناك دعوات للتصعيد السريع، تبين أن هناك معوقات لا يمكن تجاهلها في هذا السياق. الطابع العسكري المبالغ فيه الذي كان من المتوقع أن تسلكه إيران لم يكن ليتم دون مخاطر عواقب غير محمودة على المدى الطويل، خاصة في ظل الدعم الغربي المستمر لإسرائيل. ومع تحسن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تحت إدارة ترامب، بدت إيران بحاجة للتريث قبل اتخاذ أي خطوة قد تزيد من تأجيج الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
يضاف إلى ذلك أن الحكومة الإيرانية تعرف جيداً أن أي عملية عسكرية واسعة النطاق ضد إسرائيل قد تكون لها تبعات كبيرة على أمن المنطقة بأكملها. فالضغوط السياسية الداخلية والخارجية على طهران تزايدت في الآونة الأخيرة، ما يفرض على القيادة الإيرانية توخي الحذر في اتخاذ أي قرارات قد تؤدي إلى انفجار إقليمي. وعليه، فإن إيران قد تكون بحاجة إلى مزيد من الوقت لدراسة ردود الفعل الدولية على أي تصعيد محتمل، فضلاً عن التقلبات المستمرة في المشهد السياسي العالمي.
التأجيل الإيراني لم يكن مفاجئاً للبعض الذين يتابعون عن كثب تطورات الأوضاع في المنطقة. فقد كانت طهران قد أظهرت استعداداً لإعادة تفعيل ما أسمته بـ “المقاومة” في مختلف أشكالها العسكرية والسياسية. وفي الوقت ذاته، كانت الرسائل الإيرانية تتوالى بالتأكيد على أن ردود الفعل ستتسارع بشكل تدريجي في حال لم تتوقف الهجمات الإسرائيلية.
من جهة أخرى، فإن الإعلان عن تأجيل “الوعد الصادق 3” يثير العديد من التساؤلات حول الاستراتيجية الإيرانية المستقبلية. فهل ستختار إيران تصعيد المواقف العسكرية في المستقبل القريب؟ أم أنها ستعمد إلى الاستفادة من حالة عدم الاستقرار الإقليمي لتكثيف ضغوطها السياسية والاقتصادية؟ كما أن هناك أسئلة ملحة حول كيفية تأثير الانتخابات الأمريكية على سياسات طهران في المستقبل. هل ستتمكن إيران من التعامل مع هذا المستجد السياسي، أم أن التحديات التي ستواجهها ستكون أكبر من قدرتها على التكيف؟
ويبدو أن تأجيل إيران للرد العسكري على إسرائيل بعد فوز ترامب يشير إلى تحول حاسم في استراتيجيتها في التعامل مع الضغوط الإقليمية والدولية. فإن كان التأجيل قراراً تكتيكياً أو استراتيجياً، فإنه يؤكد على أن طهران لا تزال تسعى للحفاظ على توازن دقيق في مواجهتها مع إسرائيل والولايات المتحدة، رغم تهديداتها المستمرة بالانتقام.