القبض علي الطبيبة وسام شعيب يكشف فساد الحكومة وصمتها عن الأزمات
تواجه الحكومة المصرية اتهامات خطيرة بالتقاعس وفساد أجهزة الدولة بعد سلسلة من الأحداث الكارثية المرتبطة بالقبض علي الطبيبة وسام شعيب، طبيبة النساء والتوليد بمستشفى كفر الدوار بمحافظة البحيرة.
جاءت هذه التطورات على خلفية نشرها مقاطع فيديو تتحدث فيها عن حالات حمل غير شرعي شاهدتها خلال عملها، مما أدى إلى موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي ومطالبات بالتحقيق في القضية.
التحقيقات المستمرة وتفاصيل القضية
قررت نيابة مركز كفر الدوار بمحافظة البحيرة حبس الطبيبة وسام شعيب لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات التي قادها المستشار أحمد يسري وكيل النيابة.
تأتي هذه التحقيقات بعد نشرها لفيديو من خلال حسابها الشخصي على فيسبوك، تتحدث فيه عن مواقف صادمة شاهدتها لفتيات وسيدات أثناء عملها كطبيبة، تتعلق بحالات حمل غير شرعي نتيجة علاقات سفاح أو زيجات غير رسمية.
النيابة وجهت للطبيبة 3 اتهامات رئيسية: الإخلال بقيم ومبادئ المجتمع، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار كاذبة.
كما أفادت تقارير محلية أن الطبيبة تواجه أيضاً تهماً بتكدير السلم العام وإثارة البلبلة في صفوف الشعب المصري باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الفوضى.
ردود فعل متباينة وانتقادات للحكومة
بعد انتشار الفيديو، شغلت القضية الرأي العام وأثارت جدلاً واسعاً. العديد من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي دعوا إلى توقيف الطبيبة، متهمين إياها بتشويه سمعة المصريات من خلال التحدث عن تزايد حالات الحمل غير الشرعي.
في الوقت نفسه، يرى آخرون أن الفيديو كان يهدف إلى توعية المجتمع حول خطورة العلاقات غير الشرعية، وأن الطبيبة لم تسعَ إلى تحقيق الشهرة أو “التريند”، بل حاولت من خلال سردها للوقائع أن تسلط الضوء على ظاهرة مقلقة تشهدها المستشفيات.
الحكومة المصرية والأجهزة الأمنية تعاملت مع القضية بحزم، إذ ألقت القبض على الطبيبة بناءً على شكاوى متعددة من مرضاها الذين اتهموها بإفشاء أسرارهم الطبية.
إلا أن الطبيبة وسام شعيب نفت هذه الاتهامات، مؤكدة أنها لم تفشِ أي أسماء أو معلومات شخصية عن مرضاها، وأن هدفها كان التوعية فقط.
فساد الأجهزة الطبية والإدارية
في بيان أصدرته النيابة الإدارية المصرية، أشير إلى أن الفيديو الذي نشرته الطبيبة يعد انتهاكاً لأخلاقيات مهنة الطب، ووجهت بتشكيل لجنة من مديرية الشؤون الصحية بمحافظة البحيرة للتحقيق في سجل حالات النساء والتوليد التي أشرفت عليها الطبيبة وسام شعيب في المستشفى.
وامتد التحقيق إلى فحص عيادتها الخاصة، مما يثير تساؤلات عن عمق التحقيقات وحقيقة أن الموضوع قد يتجاوز مجرد مخالفة مهنية ليصل إلى فساد إداري أوسع.
لجنة التحقيق المكلفة من وزارة الصحة مطالبة بإعداد تقرير شامل عن نتائج الفحص تمهيداً لاستجواب الطبيبة بشأن ما ورد في مقاطع الفيديو التي نشرتها.
هذا النوع من التحقيقات المكثفة يثير الكثير من التساؤلات حول مدى شفافية النظام الطبي والإداري في مصر، وما إذا كانت هذه التحقيقات ستكشف عن فساد أوسع في المنظومة الصحية.
النقابة العامة للأطباء وازدواجية الموقف
النقابة العامة للأطباء لم تتوانَ عن إبداء موقفها الصارم تجاه الطبيبة وسام شعيب، حيث أعلنت أنها تلقت شكاوى متعددة ضدها وأحالتها إلى لجنة آداب المهنة للتحقيق.
النقابة شددت على رفضها لأي تصرفات فردية قد تسيء إلى المريض أو تشوه سمعة مهنة الطب، مشيرةً إلى أن العقوبات قد تصل إلى شطب الطبيبة من جدول النقابة، مما يمنعها من ممارسة المهنة نهائياً.
لكن النقابة نفسها تواجه اتهامات بالازدواجية في المواقف، فبينما تتخذ موقفاً صارماً ضد الطبيبة وسام شعيب،
هناك تساؤلات حول مدى جديتها في التعامل مع حالات فساد أخرى في القطاع الطبي. هل الطبيبة وسام هي الضحية الوحيدة في هذه القضية أم أن هناك ضحايا آخرين تعرضوا لنفس الظلم؟
الفساد وتورط الأجهزة الحكومية
من الواضح أن الحكومة المصرية، من خلال أجهزتها الأمنية والقضائية، تسعى لفرض سيطرة صارمة على الخطاب العام، ولا تتردد في اتخاذ إجراءات قمعية ضد أي شخص يتحدث عن قضايا حساسة تمس المجتمع المصري، مثل قضية الحمل غير الشرعي والعلاقات غير الرسمية.
لكن في الوقت نفسه، يبدو أن هناك تغاضياً عن الفساد المستشري داخل الأجهزة الحكومية، بما في ذلك القطاع الصحي.
ما يثير القلق هو مدى تورط الأجهزة الحكومية في تعميق هذه الأزمات بدلاً من حلها. فبدلاً من التحقيق في جذور هذه الظواهر المجتمعية السلبية ومعالجة الأسباب الحقيقية وراء تزايد حالات الحمل غير الشرعي، يتم التركيز على قمع الأصوات التي تجرؤ على تسليط الضوء على هذه المشاكل.
التجاهل الحكومي للأزمات المجتمعية
من المثير للاستغراب أن الحكومة المصرية لم تقدم حتى الآن أي خطة واضحة للتعامل مع هذه الظاهرة المقلقة. بل على العكس، يبدو أن هناك تقاعساً في مواجهة الواقع المرير الذي يعاني منه قطاع كبير من النساء في مصر.
وما يزيد من حدة الوضع هو استخدام السلطات وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للقمع بدلاً من أن تكون وسيلة للحوار والتوعية المجتمعية.
القضية ليست فقط قضية طبيبة تحدثت عن مشاهدات شخصية، بل تعكس أزمة أعمق متعلقة بالفساد الحكومي، وتجاهل معاناة النساء، والتعتيم على حقائق مؤلمة تواجه المجتمع المصري يومياً.