القتلى على أبواب المدارس مشاجرات بين الطلاب تحول الحياة إلى مأساة
في مشهد مرعب يكشف عن كارثة متكررة تعصف بمؤسسات التعليم في مصر، يشهد المجتمع حادثة وفاة جديدة لطالب، إثر مشاجرة بينه وبين زميله أمام مدرسته في منطقة شبرا بالقاهرة.
الحادثة التي وقعت للمرة الثانية في أقل من أسبوع تضع علامات استفهام كبيرة حول ما يحدث داخل جدران المدارس، وتثير تساؤلات ملحة عن غياب الرقابة وتفشي العنف بين الطلاب.
حادثة اليوم تكشف مجددًا عن مدى هشاشة الوضع الأمني داخل المدارس، فالمشاجرة التي بدأت بسبب خلاف بسيط تحولت إلى كارثة انتهت بوفاة طالب في لحظات، وترك زملاءه في صدمة وحيرة.
تفاصيل الواقعة تشير إلى أن الطالبين تشاجرا أمام مدرستهما، حيث أقدم أحدهما على تسديد لكمة قوية لزميله في صدره، ما أدى إلى سقوط الأخير على الأرض جثة هامدة قبل أن يُنقل إلى المستشفى.
بعد الحادث، قامت أجهزة الأمن في القاهرة بإلقاء القبض على الطالب المتهم، الذي اعترف بحدوث خلافات سابقة بينه وبين زميله، لكنه نفى أن يكون قد قصد قتله.
ورغم إنكاره العمد، فإن ضربته القاتلة لم تترك مجالًا للشك في مدى الخطورة التي وصل إليها مستوى العنف بين الشباب داخل المدارس.
هذه الحادثة ليست إلا جزءًا من مسلسل طويل من الأحداث المأساوية التي تعصف بالمؤسسات التعليمية في مصر.
المفارقة الأكبر تكمن في أن هذه الحوادث ليست منعزلة، بل باتت تتكرر بشكل مقلق في العديد من المدارس في أنحاء مختلفة من البلاد. ففي مدينة بورسعيد، وعلى بعد مئات الكيلومترات من القاهرة، كان المشهد مشابهًا حيث قام طالب في مدرسة بورسعيد الميكانيكية بطعن زميله بسلاح أبيض، ما أدى إلى وفاته.
هذا الحادث يأتي ليؤكد أن العنف في المدارس لم يعد مجرد تصرفات فردية، بل أصبح ظاهرة تتسع بشكل متسارع، تترك وراءها ضحايا أبرياء في سن لا ينبغي لهم أن يحملوا أثقال الموت.
إن ما يجري داخل المدارس المصرية اليوم ليس مجرد شجار بين طالب وآخر، بل هو انعكاس لحالة من الانهيار الأخلاقي والغياب التام للرقابة والتوجيه السليم. من الواضح أن هناك أزمة حقيقية في التعامل مع هذه الأزمات، إذ لا يبدو أن هناك خططًا فعلية للحد من هذا العنف المتفشي.
في الوقت الذي يحتاج فيه الطلاب إلى بيئة آمنة للتعلم والنمو، يجدون أنفسهم في مواجهة خطر دائم، يهدد حياتهم ويقضي على أحلامهم.
لقد أصبح من الواضح تمامًا أن هذه الحوادث ليست مجرد تصرفات فردية غير مسؤولة، بل هي نتاج لمنظومة فاشلة تتراكم فيها أسباب العنف، بدءًا من غياب التوجيه الأسري وضعف الرقابة في المدارس وصولًا إلى قلة الوعي لدى الطلاب بأن العنف لا يولد إلا الدمار. إن الظاهرة تتطلب تدخلًا حاسمًا من قبل المسؤولين في الدولة، سواء على مستوى الوزارة أو على مستوى الإدارات التعليمية، وذلك باتخاذ إجراءات صارمة تهدف إلى تغيير هذا الواقع المأساوي.
الأمر لا يتوقف عند مجرد الحوادث التي نسمع عنها، بل إنها تشكل تهديدًا مستمرًا لأرواح الطلاب وأمنهم النفسي. ما نراه اليوم في المدارس هو انفجار لعدة قنابل موقوتة، بعضها يختبئ وراء مشاجرات بسيطة، ولكن يتصاعد ليصل إلى أحداث دامية لا يمكن السكوت عنها. لابد من تغيير جذري في سياسة إدارة هذه المؤسسات التعليمية، وتوفير حماية فورية للطلاب من هذا العنف المتصاعد الذي بات يهدد مستقبلهم.
فإن ما شهدته مدينة شبرا في القاهرة من مشهد مأساوي ليس حادثًا استثنائيًا، بل هو مؤشر على أزمة كبيرة تحتاج إلى حلول حقيقية وسريعة. إن الكارثة ليست في وقوع الحادث، بل في تجاهل الجميع لعواقب هذا العنف المدمر. فمتى تتحرك السلطات المختصة لوضع حد لهذه الفوضى؟ ومتى سيتوقف هذا العبث الذي يهدد حياة الأبرياء؟