محمد بن إبراهيم الدغيري: فسيفساء المدن .. رحلة أدبية تسكن الذاكرة
كتاب “فسيفساء المدن” للدكتور محمد بن إبراهيم الدغيري ليس مجرد كتاب في أدب الرحلات، بل هو تجربة أدبية وفكرية مميزة تمزج بين الجغرافيا والتاريخ، بين الحاضر والماضي، ليصنع من مدن العالم لوحات فسيفساء ملونة بمشاعر وأحاسيس وأفكار تعبر عن الروح الإنسانية.
الكتاب يجمع بين المغامرة والدهشة، بين الاكتشاف والتأمل، ليجعل القارئ شريكًا في رحلة داخلية وخارجية في آن واحد. الدغيري، الحائز على جائزة الملك عبد العزيز للكتاب، يقدم في “فسيفساء المدن” نصوصاً تتجاوز الوصف التقليدي للسفر، لتعبر عن حبٍ عميق للثقافة والتاريخ والإنسانية.
من هو محمد بن إبراهيم الدغيري؟
الدكتور محمد بن إبراهيم الدغيري، أكاديمي سعودي متخصص في أدب الرحلات، حاصل على جوائز عديدة أبرزها جائزة الملك عبد العزيز للكتاب.
له العديد من الإصدارات التي تعكس تجربته الأدبية والفكرية الفريدة مثل “قصة صورة” (2018)، “غواية السهر ونداء الكتابة” (2019)، “حكايات على خارطة السفر” (2020)، “دول لا يزورها الغرباء” (2020)، و”لوحات على جدار الذاكرة” (2022). كتابه “فسيفساء المدن” يُعد استمرارًا لمشواره الأدبي، ولكنه يتميز بكونه توثيقًا عميقًا لتجربته الشخصية مع المدن التي زارها.
الأكاديميون والمثقفون عن “فسيفساء المدن”
الكتاب يعيد اكتشاف المدن
أشاد الدكتور أحمد شوقي، أستاذ جامعي في الأدب المقارن، بكتاب “فسيفساء المدن” قائلاً: “الكتاب يمثل رؤية فريدة للمكان والزمان، فهو يعيد اكتشاف المدن بطريقة لا تشبه الرحلات التقليدية.
الدغيري يُظهر قدرة مدهشة على التفاعل مع التفاصيل الصغيرة التي تشكل روح المدن. من خلال نصوصه، نرى المدن كمخلوقات حية تتنفس وتعيش، لها شخصيتها الفريدة وأمزجتها الخاصة. هذا الكتاب يُعتبر بحق إضافة قوية لأدب الرحلات العربي.”
الدهشة هي المحرك الأساسي
من جهته، قال الدكتور خالد عبد العزيز، أستاذ جامعي في الفلسفة “ما يعجبني في أسلوب الدغيري هو فلسفة الدهشة التي تسري في كل صفحة من صفحات الكتاب.
السفر بالنسبة له ليس مجرد انتقال من مكان إلى آخر، بل هو حالة من التفاعل الداخلي والخارجي مع المكان. المدن التي يصفها ليست مجرد مواقع جغرافية، بل هي كائنات تعيش داخل الإنسان وتؤثر فيه. هذا الطرح يجعله مختلفًا عن العديد من كتاب الرحلات الذين يهتمون فقط بالمظاهر السطحية.”
إضافة للأدب العربي
أما الدكتور عادل محمود، أستاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية، فأكد أن “فسيفساء المدن” يُعد مساهمة بارزة في الأدب العربي الحديث.
ويقول: “الدغيري يعيد لنا فكرة السفر كوسيلة للتواصل مع التراث والإنسانية. لا يكتفي بالسرد التقليدي للمشاهدات بل يغوص في عمق الثقافات والحضارات المختلفة. هذا الكتاب سيكون مرجعًا مهمًا للأجيال القادمة، خاصة لأولئك المهتمين بالتاريخ والثقافة.”
تجربة أدبية ممتعة
إيمان مصطفى، مهتمة بالقراءة والأدب، عبّرت عن إعجابها بالكتاب قائلة: “فسيفساء المدن هو كتاب يحمل بين صفحاته روح المغامرة والدهشة.
الدغيري يأخذنا في رحلة ليس فقط إلى أماكن جديدة، بل إلى أعماق النفس البشرية. الأسلوب الأدبي الذي استخدمه يضفي على النصوص جمالية مدهشة، تجعل من كل مدينة تحفة أدبية. إنه أكثر من مجرد أدب رحلات، هو تجربة فنية تستحق الاستمتاع.”
يوقظ فينا حب السفر
من جهتها، قالت الدكتورة مروة سامي، أستاذة جامعية في الأدب العربي “كتاب فسيفساء المدن يوقظ في القارئ حب السفر والاستكشاف.
النصوص مليئة بالتأملات العميقة حول الحياة والإنسانية، وتجعلك تشعر أن المدن ليست مجرد وجهات، بل أرواح تعيش فينا. هذا النوع من الكتابات ضروري في زمننا الحالي، حيث نحتاج إلى تذكر أهمية التواصل مع الآخرين ومع العالم من حولنا.”
عالم متكامل من الأحاسيس
أكد الدكتور أحمد نصر، أستاذ جامعي في النقد الأدبي بأن “فسيفساء المدن” يقدم تجربة أدبية متكاملة. ويضيف: “الكتاب ليس مجرد وصف للمدن والأماكن، بل هو سردية متكاملة تعبر عن مشاعر وأحاسيس عميقة.
الدغيري لا يكتفي بوصف المباني والشوارع، بل يغوص في أعماق التاريخ والإنسانية. هذا الكتاب هو دعوة للتأمل والتفاعل مع العالم من حولنا بطرق جديدة ومثيرة.”
الكتاب يجمع بين الأدب والفن
من جانبها، ترى هبة سعيد، كاتبة وناقدة أدبية، أن “فسيفساء المدن” هو تزاوج فريد بين الأدب والفن. وتقول: “النصوص في الكتاب ليست مجرد سرد لأحداث أو وصف لأماكن، بل هي لوحات أدبية مرسومة بالكلمات.
الدغيري يمتلك قدرة استثنائية على تحويل الأماكن العادية إلى مشاهد فنية. كل مدينة في الكتاب تصبح بطلة لقصة فريدة، وكل تفصيل صغير يصبح جزءًا من لوحة أكبر تعبر عن روح تلك المدن.”
السفر كحالة نفسية
وترى الدكتورة حنان خليل، أستاذة جامعية في علم الاجتماع بأن الكتاب يعكس مفهوم السفر كحالة نفسية وليس مجرد تجربة فيزيائية.
وتقول: “الدغيري يطرح في كتابه فكرة أن السفر ليس مجرد انتقال جسدي من مكان إلى آخر، بل هو رحلة داخلية في النفس البشرية.
كل مدينة تزورها تغيرك بطريقة ما، وتترك بصمتها في داخلك. هذا النوع من الطرح يعمق فهمنا للعلاقة بين الإنسان والمكان.”
إثراء للقارئ
الكاتب الصحفي محمود عوض أشار إلى أن “فسيفساء المدن” هو كتاب لا يقتصر على عشاق السفر، بل يثرى القارئ العام بفهم جديد للعالم من حوله.
وقال: “الكتاب يفتح أمام القارئ أبوابًا جديدة لرؤية المدن والثقافات بطريقة تختلف عن الرحلات السياحية المعتادة. إنه يحفزك على التفكير والتأمل في كل مدينة تزورها، ويمنحك إحساسًا بأنك تعيش تجربة حقيقية أثناء قراءة النص.”
كتاب يتجاوز الحدود الجغرافية
الناقدة الأدبية ناهد عادل ترى أن الكتاب “يتجاوز الحدود الجغرافية ليركز على الروابط الإنسانية والثقافية بين الشعوب”. وتضيف: “الدغيري يأخذنا في رحلة عالمية، لكنه لا يركز فقط على اختلافات الثقافات، بل يحاول أن يجد القواسم المشتركة بين البشر.
هذا الكتاب يجعلنا ندرك أن العالم أصغر مما نعتقد، وأن المدن ليست مجرد أماكن للزيارة بل هي روايات تنتظر من يكتبها.”
فسيفساء ثقافية بامتياز
وترى الدكتورة نورا مصطفى، أستاذة جامعية في الأدب الإنجليزي بأن “فسيفساء المدن” يقدم فسيفساء ثقافية بامتياز.
وتقول: “الدغيري يقدم لنا رؤية متعددة الثقافات للعالم. هذا الكتاب يجعلنا نرى المدن ليس فقط كمجرد أماكن للعيش، بل كلوحات متعددة الألوان تتفاعل مع بعضها البعض. إنه احتفال بالتنوع الثقافي والإنساني.”
فسيفساء المدن .. أكثر من مجرد رحلة
ويظل كتاب “فسيفساء المدن” للدكتور محمد بن إبراهيم الدغيري تجربة فريدة تجمع بين الأدب والفن والفكر. المدن في الكتاب ليست مجرد محطات على خارطة السفر، بل هي لوحات فسيفساء تحمل في طياتها تاريخًا وثقافة وروحًا إنسانية.
الكتاب يعد إضافة نوعية لأدب الرحلات العربي، ويلقى إعجاباً جماهيرياً كبيراً من الأكاديميين والمثقفين على حد سواء، ما يجعله عملاً أدبياً جديراً بالقراءة والنقاش.