مخاوف من تسليم معارض مصري: انتهاك صارخ للحقوق ومخاطر تهدد حياته
في تطور يثير القلق الشديد ويدق ناقوس الخطر حول مستقبل حقوق الإنسان في المنطقة جددت منظمات حقوقية مطالباتها بوقف تسليم المعارض المصري عبدالباسط الإمام للسلطات المصرية وذلك بعد توقيفه في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء استنادًا إلى مذكرة طلب تسليم من السلطات المصرية يأتي هذا الحدث وسط تخوفات متزايدة من تعرضه لمخاطر جسيمة نتيجة الحكم عليه بالسجن المؤبد بسبب معارضته الصريحة لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين المعروفة بـ”همم” كانت أول من أصدر بيانًا عاجلاً حول هذا الموضوع محذرة من خطورة تسليم الإمام إلى مصر وأشارت الهيئة إلى أن هذه الخطوة تمثل تهديدًا حقيقيًا لسلامة المعارض المصري وأضافت الهيئة أن عملية التسليم المرتقبة تتعارض بشكل واضح مع التزامات المغرب القانونية والإنسانية على المستوى الدولي وهو ما قد يؤدي إلى انتهاك صارخ لحقوقه الأساسية التي كفلتها المواثيق الدولية.
التحذيرات بشأن تسليم الإمام لم تتوقف عند هذا الحد بل جاءت مدعومة بمواقف منظمات دولية بارزة إذ طالبت منظمة “إفدي” الحقوقية التي تتخذ من بلجيكا مقرًا لها بالإضافة إلى مؤسسة “عدالة” لحقوق الإنسان التي تنشط من إسطنبول بضرورة إطلاق سراح الإمام على الفور وأكدت المنظمتان في بيانين متزامنين أن الإمام الذي دخل المغرب بجواز سفر تركي بنية السياحة يواجه احتمالًا كبيرًا بالتعرض لانتهاكات حقوقية جسيمة حال تسليمه للسلطات المصرية.
العواقب الوخيمة التي حذرت منها الهيئة المغربية والمنظمات الدولية ترتكز بشكل أساسي على ما وصفته تلك الجهات بالانتهاكات الموثقة في حالات مشابهة لمعارضين سلمتهم دول أخرى للسلطات المصرية وشددت الهيئة على أن تسليم الإمام سيضع أمنه الشخصي في خطر بالغ خاصة في ظل القمع الوحشي الذي يعاني منه أصحاب الآراء المعارضة في مصر إذ يعاني هؤلاء من تضييق مستمر واعتقالات تعسفية وأحكام قاسية تصل إلى الإعدام والسجن مدى الحياة.
القلق الدولي من احتمال تسليم الإمام لمصر ينبع من سجل الحكومة المصرية المعروف في التعامل مع المعارضين إذ تعتبر مصر تحت قيادة السيسي واحدة من أكثر الدول التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي وبحسب تقارير منظمات حقوقية دولية فإن النظام المصري يعتمد على أدوات القمع لإسكات أي صوت معارض حيث يتم استخدام القضاء كأداة سياسية لمعاقبة الناشطين السياسيين والمعارضين تحت غطاء القانون وتحت مسمى “محاربة الإرهاب” أو “حماية الأمن القومي” وهي ادعاءات تخفي وراءها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
عبد الباسط الإمام ليس حالة فردية فهناك آلاف من المعارضين المصريين الذين فروا من البلاد خوفًا من الملاحقة والقمع وهم اليوم يعيشون في منفى اضطراري بينما تصدر ضدهم أحكام قضائية غيابية بالإعدام أو السجن مدى الحياة وتتم مطاردتهم في دول أخرى من خلال مذكرات تسليم مثل الحالة الحالية التي نراها مع الإمام الذي كان يعمل أستاذًا بكلية الطب بجامعة الأزهر ورفضه العلني لسياسات نظام السيسي جعله هدفًا للسلطات المصرية.
إن تسليم عبد الباسط الإمام سيشكل سابقة خطيرة في العلاقات بين المغرب ومصر خاصة إذا ما تم تجاهل التحذيرات الدولية التي تدعو إلى احترام حقوق الإنسان والالتزامات القانونية الدولية للمغرب إذ أن المغرب كدولة وقعت على معاهدات واتفاقيات دولية ملزمة لحماية حقوق الإنسان لا يمكنها قانونيًا وأخلاقيًا تبرير تسليم معارض سياسي لنظام يُعرف بانتهاكاته الصارخة لحقوق معارضيه.
الأمر لا يتعلق فقط بسلامة الإمام الشخصية بل يمتد ليشمل التزام المغرب بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وسمعته الدولية فإذا ما أقدم المغرب على تسليمه فإنه يعرض نفسه لانتقادات دولية واسعة كما يضع مصداقيته على المحك أمام المجتمع الدولي خاصة في وقت أصبحت فيه قضايا حقوق الإنسان تحت مجهر الإعلام العالمي والمنظمات الحقوقية الدولية التي لن تتهاون في توثيق ونشر كل ما يتعلق بهذه القضية.
الواقع المأساوي الذي يواجهه المعارضون المصريون في الخارج والذين لا يجدون ملاذًا آمنًا حتى في دول تحترم حقوق الإنسان كالمغرب يعكس حجم المأزق الذي تعيشه الحريات في العالم العربي فالحكومات القمعية لا تكتفي بملاحقة المعارضين داخل حدودها بل تواصل مطاردتهم أينما ذهبوا في محاولة لإسكاتهم للأبد ويبدو أن النظام المصري قد أصبح نموذجًا صارخًا لهذه الممارسات التي تهدف إلى خنق أي نفس من الحرية أو النقد البناء.
الدعوات المطالبة بعدم تسليم الإمام ليست فقط واجبًا قانونيًا أو حقوقيًا بل هي رسالة واضحة إلى جميع الحكومات التي تفكر في التعاون مع الأنظمة القمعية في قضايا تسليم المعارضين يجب أن يكون هناك موقف واضح وقوي من المجتمع الدولي ضد أي محاولة لتسليم شخص إلى دولة معروفة بانتهاكها الصارخ لحقوق الإنسان وإذا لم يتم الوقوف بحزم أمام هذه الحالات فإن العالم سيشهد مزيدًا من انتهاكات حقوق الإنسان وسيصبح تسليم المعارضين أمرًا عاديًا يحدث دون عقاب أو ردع.