في واقعة جديدة تعكس مدى التدهور والتردي الذي يشهده حزب الوفد تحت قيادة الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس الحزب وأستاذ كلية الحقوق بجامعة المنوفية، انفجر الوضع في مكتب رئيس الحزب خلال اجتماع عقده مع قيادات وأعضاء الحزب بمحافظة القليوبية.
هذه الحادثة لم تكن مجرد اختلاف وجهات نظر سياسية أو نقاش حاد بين أعضاء، بل تجاوزت ذلك إلى تبادل الشتائم والتشابك بالأيدي في حضور رئيس الحزب نفسه، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حول دور يمامة في هذه الفوضى والفساد الذي بات سمة من سمات إدارته للحزب.
تفاصيل الفضيحة
شهد مكتب رئيس حزب الوفد تصاعداً خطيراً في حدة التوتر عندما تدخل شريف عارف، المستشار الإعلامي لرئيس الحزب، والمعروف بلقب “ملقن عبدالسند يمامة”، في مشادة كلامية عنيفة مع شحتة أبوتريكة، القيادي في حزب الوفد بمحافظة القليوبية.
بدأت الأحداث عندما وجه شحتة أبو تريكة اللوم لرئيس الحزب بسبب السماح بتجاوزات مستمرة من قبل المقربين منه، حيث تتكرر الإهانات والشتائم البذيئة ضد أعضاء وقيادات الحزب بشكل غير مبرر.
إلا أن رد فعل شريف عارف كان عنيفاً وغير متوقع، حيث انفجر في وجه أبو تريكة بوابل من الألفاظ النابية، التي لا تليق بمكتب سياسي أو بحزب عريق كحزب الوفد، بل وفي حضور رئيس الحزب نفسه.
هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها في عهد عبدالسند يمامة، فقد شهدت فترة رئاسته للحزب عدة مشاجرات وإهانات علنية داخل مكتبه، مما جعل العديد من الوفديين يشعرون بالإحباط واليأس تجاه الأوضاع داخل الحزب.
فبينما كان من المتوقع أن يكون يمامة، كأستاذ جامعي، قادراً على إدارة الأمور بحكمة ورزانة، تفاجأ الجميع بصمته المريب في مواجهة هذه التجاوزات، وكأنه يبارك ما يحدث.
سوابق شريف عارف
شريف عارف، المستشار الإعلامي لرئيس الحزب، ليس غريباً عن هذه النوعية من التجاوزات، فقد سبق له الاعتداء اللفظي على محمد مجدي فرحات، الشهير بـ”محمد أرنب”، وهو أحد المقربين من يمامة.
حدثت هذه الواقعة في نفس المكتب وبحضور رئيس الحزب، إلا أن يمامة لم يحرك ساكناً لوقف هذه الإهانات، ما أعطى انطباعاً بأن التجاوزات باتت أمراً مألوفاً ومسموحاً به في عهد عبدالسند يمامة.
تصرفات عارف العدوانية باتت علامة سوداء على جبين الحزب، حيث تحولت الاجتماعات الداخلية إلى ساحة للتراشق بالألفاظ بدلاً من أن تكون منبراً للنقاش السياسي الجاد.
فضيحة أحمد الخطيب
لكن الفساد والفوضى لم يتوقفا عند شريف عارف فقط، فقد شهد حزب الوفد تحت قيادة يمامة حادثة أخرى لا تقل خطورة.
أحمد الخطيب، الذي كان يشغل منصب مساعد رئيس الحزب، تفوه بعبارات مسيئة بحق جميع الوفديين، ووصفهم بألفاظ مشينة يعاقب عليها القانون الجنائي، قبل أن يعاقب عليها النظام الداخلي للحزب.
تجاوزات الخطيب لم تقتصر على الألفاظ فقط، بل وصلت إلى الاعتداء الجسدي على أحد القيادات البارزة داخل الحزب، وأيضاً في مكتب رئيس الحزب وفي حضوره.
عندما رفضت هذه القيادة البارزة التنازل عن حقها أو قبول أي تسوية، حققت لجنة التنظيم المركزية في حزب الوفد وأثبت صحة الواقعة وقررت فصل أحمد الخطيب من الحزب، في محاولة لاحتواء الفضيحة المتفاقمة.
لكن هذه الخطوة جاءت متأخرة جداً، إذ كانت الأجواء داخل الحزب قد تلوثت بالفعل، والمصداقية باتت في مهب الريح.
فوضى داخل حزب الوفد
إن هذه الوقائع، وما سبقها من تجاوزات، تكشف عن حالة من الفوضى والانحدار داخل حزب الوفد تحت قيادة عبدالسند يمامة.
لقد فقد الحزب بريقه التاريخي وتاريخه العريق في الدفاع عن الديمقراطية والحرية، وأصبح مرتعاً للصراعات الشخصية وتصفية الحسابات.
الصمت المتكرر من جانب يمامة تجاه هذه الأحداث يجعل الكثيرين يتساءلون عن مدى تورطه أو تواطؤه مع هذه الشخصيات التي تعبث بسمعة الحزب.
المثير في الأمر أن عبدالسند يمامة، الذي يفترض أن يكون قائداً وقادراً على ضبط الأمور داخل الحزب، يبدو عاجزاً عن السيطرة على أعضائه ومستشاريه.
بل وأكثر من ذلك، بات الكثيرون يشككون في قدرته على إدارة الحزب من الأساس، حيث يشاع أنه لا يستطيع التحدث بشكل مؤثر في الاجتماعات دون الاستعانة بمستشاره الإعلامي شريف عارف، المعروف بـ”الملقن”.
هذه السمعة السلبية طالت حتى صورته كأستاذ جامعي، حيث كان من المتوقع أن يكون قادراً على التواصل بفاعلية وقيادة النقاشات، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك.
أزمة قيادة
ما يحدث داخل حزب الوفد اليوم ليس مجرد خلافات داخلية عابرة، بل هو انعكاس لأزمة قيادة حقيقية تعصف بالحزب.
فبدلاً من أن يقود يمامة الحزب نحو إصلاح داخلي واستعادة دوره الوطني، أصبحت الاجتماعات ساحة للمشاحنات والإهانات، وأصبحت شخصيات مثل شريف عارف وأحمد الخطيب تتحكم في مسار الحزب وسياسته، مما ينذر بكارثة محققة إذا لم يتم التدخل سريعاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
فإن حزب الوفد، الذي كان يوماً ما رمزاً للوطنية والحرية، قد وقع في قبضة فوضى وفساد غير مسبوقين في تاريخه.
وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن مستقبل الحزب سيكون على المحك، وربما لن يتمكن من استعادة مكانته في الحياة السياسية المصرية ما لم تتم مراجعة القيادة الحالية واتخاذ إجراءات جذرية لوقف هذا الانحدار.