فايننشال تايمز: كوشنر يغيب عن إدارة ترامب المقبلة
في ضربة قاسية ومفاجئة للجميع كشفت صحيفة “فاينانشال تايمز” عن أن جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لن يعود إلى البيت الأبيض في الإدارة المقبلة بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الثانية ورغم كونه جزءاً أساسياً من إدارة ترامب السابقة، إلا أن كوشنر ليس لديه أي نية للعودة إلى الساحة السياسية مباشرةً، على الرغم من الدعم الكبير الذي قدمه لترامب أثناء فترة حكمه.
الصحيفة البريطانية نقلت عن مصادر مطلعة أن كوشنر قد يقدم بعض المشورة فيما يخص سياسة الشرق الأوسط وربما يشرف على بعض الملفات المتعلقة بالمنطقة لكن العودة إلى البيت الأبيض ومناصب تنفيذية يبدو أمرا غير وارد حتى الآن تصريحات كوشنر الأخيرة تؤكد أن حياته السياسية لا تحتاج إلى التغيير من أجل مواصلة تقديم المساعدة لترامب حتى لو كان الأخير قد فاز بسباق الرئاسة مجددا
لكن الطامة الكبرى هي ما كشفته الصحيفة عن مواقف كوشنر التي تشكل صدمة حقيقية في التعامل مع القضية الفلسطينية وبحسب محاضرة ألقاها في جامعة هارفارد في مارس الماضي تحدث كوشنر عن حل كارثي وغير إنساني فيما يخص الفلسطينيين في قطاع غزة حيث طالب إسرائيل بنقل سكان غزة إلى صحراء النقب أو حتى إلى مصر وهو تصريح يعكس مدى القسوة واللامبالاة في التعامل مع المعاناة الفلسطينية في وقت يواجه فيه قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ المعاصر وأضاف كوشنر في تصريحاته أن إسرائيل يجب أن تبذل أقصى جهدها لتحقيق هذا الهدف دون أي اعتبار للحقوق الإنسانية أو العواقب التي قد تترتب على هذا الحل المزعوم
في حديثه عن هذه القضية قال كوشنر إنه سيكتفي بمهمة “تجريف شيء ما في النقب” في إشارة إلى عملية عسكرية في المنطقة وقال إنه من خلال هذا “التجريف” يتم إخراج أكبر عدد ممكن من المدنيين وفتح ممرات آمنة لنقلهم ثم يتم دخول القوات العسكرية لإتمام المهمة بنجاح وهذه التصريحات توضح مدى الانفصال التام عن الواقع الذي يعيشه سكان غزة سواء من حيث المعاناة الإنسانية أو حتى من خلال الواقع السياسي الذي يعاني منه الفلسطينيون
ولكن الأسوأ من ذلك هو إجابته على سؤال بشأن مصير الفلسطينيين بعد مغادرتهم قطاع غزة هربًا من الجوع والعنف حيث قال وبكل برود إن “غزة لن تبقى الكثير منها في أي حال” وهو تصريح يعكس مدى اللامبالاة بمصير مئات الآلاف من الأرواح التي تُلقى في المجهول بسبب سياسات تهجير قسرية وقرارات خطيرة تجهل معاناتهم وأحلامهم في العيش بسلام في وطنهم
هذه التصريحات تمثل تحولًا مخيفًا في التفكير السياسي الأمريكي حول القضية الفلسطينية وتعكس مدى الابتعاد عن الحلول العادلة التي تضمن حقوق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم وفي الوقت نفسه تتجاهل معاناتهم المتواصلة التي امتدت لعقود من الزمان
الجدير بالذكر أن جاريد كوشنر كان جزءًا من فريق إدارة ترامب الذي قاد العديد من التحركات المثيرة للجدل في الشرق الأوسط كان أبرزها “صفقة القرن” التي قوبلت بمعارضة شديدة من الفلسطينيين والعالم العربي بل وحتى من داخل المجتمع الدولي حيث كان هذا المشروع يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وفرض حلول أحادية الجانب لصالح إسرائيل دون أي اعتبار للحقوق الفلسطينية
أما على المستوى الداخلي فإن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة يعد أمرًا غير مستبعد حسب العديد من المحللين السياسيين فالرئيس الأميركي السابق يسعى لاستعادة السلطة بعد الهزيمة التي مني بها في انتخابات 2020 وهو يعد العدة للعودة مجددًا إلى البيت الأبيض مستعينًا بمجموعة من الاستراتيجيات السياسية التي تعتمد على استقطاب الولايات المتأرجحة التي كانت حاسمة في الانتخابات الماضية مثل بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن وكارولينا الشمالية
ترامب الذي يواجه منافسة شديدة من الحزب الديمقراطي بقيادة كامالا هاريس يراهن على فوز جديد يسعى من خلاله إلى تجديد ولايته ومواصلة تنفيذ سياساته الداخلية والخارجية التي تركز على تعزيز المصالح الأميركية على حساب باقي قضايا العالم وحتى لو كان ذلك على حساب القيم الإنسانية والمبادئ الدولية
في النهاية يبقى السؤال الأكبر هل سيكون جاريد كوشنر جزءًا من المشهد السياسي مرة أخرى في حال تولي ترامب الرئاسة مجددًا؟ وهل ستستمر السياسات المتبعة في المنطقة الشرق أوسطية على نفس المنوال الذي شهدناه في السنوات الماضية؟
وهل سيظل تجاهل حقوق الفلسطينيين سمة بارزة في سياسة الإدارة الأميركية القادمة؟ كل هذه الأسئلة ستظل عالقة في أذهان الجميع حتى تتضح ملامح المرحلة القادمة