تقاريرصحافة دولية

فايننشال تايمز: خفايا العلاقة المشبوهة بين كوشنر وترامب والبيت الأبيض القادم

في خطوة مفاجئة تخلط بين السياسة والأعمال والمصالح الشخصية تكشف صحيفة فايننشال تايمز عن حقيقة مثيرة تحمل في طياتها دلالات عميقة حول مستقبل صهر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب جاريد كوشنر في الإدارة القادمة وتحديداً فيما يتعلق بوضعه في البيت الأبيض

حيث يبدو أن كوشنر لن يكون جزءاً من طاقم إدارة الرئيس الأمريكي الجديد لكنه قد يستمر في تقديم المشورة للرئيس الجديد بشأن السياسة الخارجية وغيرها من الملفات الحساسة والأكثر جدلاً

هذا ما يؤكد حقيقة أنه لا يمكن تصوّر اختفاء هذه الشخصية المؤثرة من المشهد السياسي الأمريكي الذي لطالما ارتبطت به بشكل غير قابل للفصل.

كوشنر الذي احتفظ لنفسه بدور محوري في العديد من القرارات الكبرى أثناء فترة ولاية زوج والدته في البيت الأبيض بدءاً من عملية السلام في الشرق الأوسط وصولاً إلى صفقات مالية وعقارية مثيرة للجدل لا يبدو أنه يخطط للابتعاد عن الأضواء السياسية رغم غيابه الرسمي المتوقع عن أي منصب تنفيذي في الإدارة المقبلة هذا الغموض حول مستقبله في البيت الأبيض يكشف عن تحالفات شخصية ومصالح متشابكة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على السياسة الأمريكية والعلاقات الدولية على المدى البعيد.

العلاقة بين ترامب وكوشنر تجاوزت في العديد من المراحل حدود العلاقة المهنية لتصبح جزءاً من شبكة معقدة من المصالح التي قد تكون هي العامل الحاسم وراء هذا القرار الذي يعتبره البعض مفاجئاً ولكن الحقيقة أن هذه العلاقة هي بمثابة العمود الفقري للعديد من القرارات الاستراتيجية التي ارتبطت بمصير الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة حرجة من تاريخها بعد الانتخابات المثيرة للجدل لعام 2020. ويرى البعض أن قرار عدم العودة إلى البيت الأبيض لا يعني بالضرورة ابتعاد كوشنر عن تأثيره المستمر داخل دوائر صنع القرار في واشنطن.

يأتي هذا التحول في موقف كوشنر بعد سلسلة من الأحداث التي طالت شخصيات مقربة من ترامب عقب مغادرته للبيت الأبيض حيث يبدو أن بقاء بعض الأسماء البارزة في المعادلة السياسية رغم الخروج الرسمي عن الساحة السياسية ليس سوى محاولة للتمسك بمفاتيح النفوذ والقرار في محيط يعج بالتغيرات والتقلبات السياسية العميقة. فبالتوازي مع اختفاء عدد من الشخصيات التي شكلت الحاشية القديمة للرئيس ترامب تظهر بعض التكهنات حول عودة كوشنر بشكل غير رسمي من خلال مشاورات قد تضمن له وجوداً غير مرئي لكنه حاسم في العديد من الملفات ذات الصلة بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة خاصة في الشرق الأوسط وآسيا.

أما عن تأثيره في السياسة الأمريكية فالقضية تبدو أكثر تعقيداً من مجرد بقاء أو غياب اسم كوشنر في البيت الأبيض فالرجل الذي لعب دوراً بارزاً في مفاوضات السلام مع إسرائيل والدول العربية يعتبر حلقة وصل بين التيارات المحافظة في الولايات المتحدة والقوى الدولية التي تسعى للتمدد في المنطقة العربية وخاصة تلك الدول التي ارتبطت بسياسات ترامب في الشرق الأوسط. وبالرغم من انتهاء ولاية الرئيس السابق إلا أن كوشنر قد يظل أحد الأذرع التي تمد ترامب ونظامه ببعض الأوراق التي قد تلعب دوراً في تحديد شكل السياسة الأمريكية في المستقبل القريب.

لا أحد يمكنه أن يتجاهل أن وجود كوشنر في صلب الاستراتيجيات السياسية كان له أثر بالغ في سياسات الولايات المتحدة الخارجية وخصوصاً في مشروعات إعادة تشكيل العلاقات مع الدول التي كانت في مرمى الانتقاد اللاذع خلال إدارة أوباما مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إضافة إلى معاهدة أبراهام التي سمحت بتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. وفي الوقت الذي تتوقع فيه وسائل الإعلام أن يظل هناك تأثير مستمر لكوشنر على تلك السياسات لا يبدو أن ثمة علاقة متينة بينه وبين الإدارة الجديدة كافية لأن تضمن له دوراً أكثر رسمية في البيت الأبيض أو في مستشاري الإدارة القادمة.

وفي تحليل هذه المسألة من منظور أوسع لا يمكن أن ننكر أن صعود كوشنر كان بمثابة تجسيد لعلاقة تجارية مع السياسة حيث أظهرت تقارير متعددة أن خلف استراتيجياته كانت تكمن مصالحه الشخصية الخاصة التي قد تكون تجسيداً لما يمكن أن نطلق عليه “سياسة المال” حيث تمت علاقات تجارية وصفقات استثمارية كانت تهدف لتحقيق أرباح ضخمة سواء له شخصياً أو لعدد من الشركات المرتبطة به مباشرة. هذا التقاطع بين السياسة والأعمال لا يمكن أن يمر دون أن يترك أثراً عميقاً في التوجهات التي قد تسلكها الإدارة القادمة على كافة الأصعدة.

نظراً للتشعبات المعقدة التي تميز شبكة العلاقات التي بناها كوشنر وترامب أثناء فترة الرئاسة تثار العديد من الأسئلة حول الحدود التي قد يضعها كوشنر لنفسه في الفترة القادمة خاصة مع استمرار تأثيره غير الرسمي على السياسات الأمريكية سواء من خلال علاقاته الشخصية أو من خلال منصات استشارية أو حتى من خلال الاستثمار في قضايا معينة تهم الإدارة الجديدة.

المستقبل يبدو أكثر شراسة في ظل هذه الأوضاع حيث إن كوشنر الذي غادر البيت الأبيض قد لا يكون قد انتهى من لعب دوره بشكل كامل. إن عدم عودته إلى منصب رسمي لا يعني بالضرورة غيابه عن ممارسة النفوذ بشكل غير مباشر وهذا ما يجعل من هذه القضية واحدة من أبرز المسائل التي ستكون محل متابعة على الساحة السياسية الأمريكية في الأيام القادمة.

وتبقى علاقة كوشنر بالرئيس المنتخب ترامب محل تساؤل فهل سيكون الصهر السابق مجرد مستشار في الظل أم أن هناك خططاً أخرى لن تكون واضحة إلا في المستقبل القريب؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى