الحكومة المصرية تغرق في الفساد وتستغل اللاجئين للحصول على مساعدات دولية
في خضم الأزمات الاقتصادية المتفاقمة التي تعصف بالشعب المصري، تكشف التصريحات الأخيرة لمايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، عن جوانب خطيرة من تلاعب الحكومة المصرية بالقضايا الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية ومالية.
تأتي تصريحاتها حول تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في ظل دعم سياسي واضح، كجزء من الخطاب الرسمي الذي يحاول تلميع صورة الحكومة.
ولكن خلف هذا الواجهة المثالية، تكمن حقيقة مفزعة عن استغلال أزمة اللاجئين في مصر للحصول على مساعدات دولية، في حين تعاني مصر من فساد مؤسسي يعيق تحسين أوضاع مواطنيها ويحول دون تحقيق العدالة الاجتماعية التي تدّعي الحكومة الترويج لها.
في سياق آخر، تحدثت مرسي عن الدعم الذي تقدمه الدولة المصرية للاجئين الذين زادت أعدادهم بسبب الحروب والأزمات الإقليمية. إذ تدّعي الحكومة المصرية تبني حقوق هؤلاء الوافدين وتقديم أفضل الخدمات لهم في مختلف قطاعات الدولة، زاعمة أنهم يتلقون نفس معاملة المواطنين المصريين. هذا الادعاء يصطدم بحقيقة أن أوضاع اللاجئين في مصر ليست سوى جزء من المخطط الحكومي الأوسع لاستغلال القضية الإنسانية لتلقي مساعدات مالية ضخمة من المجتمع الدولي، بينما يبقى المصريون أنفسهم يعانون من تدهور معيشي غير مسبوق.
تصاعد الكراهية تجاه اللاجئين وسط فساد الحكومة
في ظل التوترات الإقليمية والحروب المستمرة في المنطقة، شهدت مصر مؤخرًا تصاعدًا غير مسبوق في حملات الكراهية تجاه اللاجئين. هذه الحملات، التي ظهرت بشكل متزايد عبر منصات التواصل الاجتماعي، رافقتها تصريحات رسمية تستغل هذه الظاهرة لتعزيز خطاب الكراهية والترويج لمفاهيم عنصرية. بل وصل الأمر إلى تحريض المواطنين على مقاطعة الأعمال التجارية التي يديرها اللاجئون، وخاصة المطاعم السورية الشهيرة ببيع الشاورما. بدلاً من اتخاذ إجراءات جادة لحماية اللاجئين من هذا الهجوم العنصري، لجأت الحكومة المصرية إلى صب الزيت على النار بإعلانها عن رسوم جديدة تُفرض بالدولار على المقيمين الأجانب، في خطوة واضحة لاستغلال وجود اللاجئين كأداة لجمع الأموال.
هذه الظاهرة لم تقتصر فقط على الهجمات الإلكترونية، بل امتدت لتشمل مطالبات بطرد اللاجئين من البلاد بحجة أن وجودهم يسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يمر بها المصريون. ووسط هذا المناخ العدائي، جاءت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي برفض استقبال الفلسطينيين المهجرين نتيجة الحرب في غزة وتحويل سيناء إلى ملاذ لهم، مما عزز من الحملة المعادية للاجئين وجعلها جزءًا من الخطاب الرسمي.
إحصائيات مثيرة حول الهجوم على اللاجئين
الأرقام الأخيرة تكشف عن تصاعد مقلق في حجم الحملات المعادية للاجئين على منصات التواصل الاجتماعي. في الفترة من 1 أكتوبر 2023 إلى 7 يناير 2024، تم الإشارة إلى أكثر من عشرة وسوم معادية للاجئين أكثر من 238 ألف مرة على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بمعدل يزيد عن 2500 تدوينة يوميًا، فيما شوهدت هذه التدوينات أكثر من 37 مليون مرة. وتعتبر هذه الأرقام غير مسبوقة، إذ أنها تعكس حجم الكراهية المتزايدة التي يروج لها داخل مصر ضد اللاجئين. هذه الإحصاءات تؤكد أن هناك نشاطًا مكثفًا ومنسقًا يستهدف اللاجئين بشكل متعمد، مما يعكس الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة التي تغض الطرف عن هذا الهجوم أو ربما تشجعه من خلال تصرفاتها وسياساتها.
الأموال الأوروبية التي لا يستفيد منها الشعب
وسط هذا الهجوم الممنهج ضد اللاجئين، تأتي الحقيقة المرة التي تكشف عن نفاق الحكومة المصرية. فبينما تستغل الحكومة اللاجئين كذريعة للحصول على مساعدات دولية ضخمة، يظهر تقرير مؤتمر بروكسل في مايو الماضي أن مصر حصلت على تعهدات مالية وقروض تقدر بـ1.28 مليار يورو (ما يعادل 1.4 مليار دولار) لصالح اللاجئين السوريين على أراضيها خلال عام 2023. هذا المبلغ الهائل، الذي كان من المفترض أن يستخدم لتحسين أوضاع اللاجئين وتخفيف العبء عن المصريين، لا يظهر له أي أثر حقيقي على أرض الواقع.
وفي حين حصلت مصر على منح بقيمة 82 مليون دولار لمساعدتها على مواجهة التحديات الناتجة عن توافد اللاجئين، فإن الحقيقة المؤسفة هي أن هذا المبلغ لم يصل إلى مستحقيه، وإنما ذهب إلى جيوب الفاسدين داخل الحكومة. الأرقام تتحدث عن نفسها، حيث أن مصر حصلت على قروض بقيمة 1.2 مليار يورو، صرف منها 1.1 مليار يورو عبر بنك الاستثمار الأوروبي حتى نهاية عام 2023. هذا يكشف عن حجم الفساد الذي ينخر في جسد الحكومة المصرية، حيث يتم تحويل القروض والمنح إلى مصالح خاصة بدلًا من استخدامها لتحسين الأوضاع الإنسانية أو الاقتصادية.
استغلال اللاجئين لتحقيق مكاسب سياسية
ما يجري في مصر من استغلال واضح لأزمة اللاجئين ليس سوى جزء من مخطط أوسع لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية على حساب حياة البشر. ورغم أن الحكومة المصرية لم تكن من الدول التي تعهدت الدول المانحة في مؤتمر بروكسل بإقراضها في إطار مبادرة مستقبل سورية والمنطقة، إلا أنها تمكنت من الاستفادة من هذا المؤتمر بشكل يفوق التوقعات، حيث حصلت على 56% من تعهدات القروض الميسرة الصادرة عن المؤتمر السابع.
الأمر الأكثر فظاعة هو أن جزءًا كبيرًا من هذه المساعدات كان مخصصًا للأمن الغذائي، حيث بلغت نسبة منح الأمن الغذائي نحو 10% من إجمالي المنح المقدمة لمصر خلال عام 2023. ومع ذلك، لا تزال معدلات الفقر في مصر تتفاقم ولا يبدو أن هناك أي تحسن يذكر في مستوى معيشة المواطنين. هنا، يتضح أن الحكومة تستخدم اللاجئين كورقة ضغط للحصول على الأموال من المجتمع الدولي، بينما تظل الأوضاع الداخلية كارثية بلا حلول.
فساد الحكومة واستغلال الأزمات
في نهاية المطاف، يكشف الوضع في مصر عن حكومة غارقة في الفساد، تستغل الأزمات الإنسانية لتحقيق مصالحها السياسية والمالية. بدلاً من معالجة المشكلات الحقيقية التي يعاني منها الشعب المصري أو تحسين أوضاع اللاجئين، تستمر الحكومة في التلاعب بالقضايا الإنسانية للحصول على مساعدات دولية لا يستفيد منها إلا القلة المتحكمة في السلطة.