مع إغلاق باب الترشح لانتخابات اتحاد كرة اليد المصري بعد توقف طويل دام ثماني سنوات بلا أي انتخابات حقيقية، بدأت ملامح الحرب الانتخابية الكبرى تتشكل على ساحة الرياضة المصرية.
الوضع ليس مجرد منافسة رياضية تقليدية بل بات صراعًا مكشوفًا على النفوذ والسيطرة بين أكبر الشخصيات في عالم كرة اليد المصرية، ملامح هذا الصراع تتخطى الأبعاد الرياضية إلى أبعاد سياسية واجتماعية خطيرة، فالتحدي أصبح حول من يستطيع فرض سطوته على الاتحاد خلال الفترة القادمة.
مع الإعلان عن إغلاق باب الترشيحات، بدأت تتضح معالم الحرب الانتخابية بين عدة أقطاب، أبرزهم محمد الأمين الذي يتولى رئاسة اللجنة المؤقتة لاتحاد اليد، والذي يعتمد على دعمه الواضح من الدكتور حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد.
في المقابل يقف هادي فهمي الذي له تاريخ طويل في الاتحاد وتجارب انتخابية سابقة، ويعتمد على نفوذ شقيقه وزير البترول السابق سامح فهمي، الذي كان له دور محوري في تعزيز مواقعه داخل الأندية المصرية.
محمد الأمين: حصان حسن مصطفى الرابح
محمد الأمين، الذي يتصدر المشهد الانتخابي بفضل الدعم القوي الذي يتلقاه من الدكتور حسن مصطفى، يسعى بكل قوته للحفاظ على سيطرته الحالية على الاتحاد.
علاقاته المتشابكة مع أقطاب كرة اليد خلال السنوات الثلاث الأخيرة تمثل عنصر قوة له، حيث استطاع تكوين شبكة دعم قوية بين أفراد الأسرة الرياضية في اللعبة.
الدكتور حسن مصطفى، الذي يتمتع بنفوذ هائل في كرة اليد العالمية والمحلية، أظهر دعمه المطلق للأمين من خلال إزاحة العديد من الأسماء الكبيرة التي كانت تنافسه، مثل هشام نصر نائب رئيس نادي الزمالك الحالي.
حسن مصطفى لا يخفي نيته في إبقاء الاتحاد تحت سيطرة حلفائه، وتأييده العلني للأمين يؤكد أن هذه الانتخابات ليست فقط منافسة محلية بل اختبار لنفوذ الدكتور مصطفى نفسه داخل مصر.
إنه يرغب في استمرار سيطرته على اتحاد كرة اليد المصري من خلال محمد الأمين، الذي يرى فيه امتدادًا طبيعيًا لسياساته.
هادي فهمي: الورقة التي لم تُحرق بعد
على الجبهة المقابلة يقف هادي فهمي، الذي لم يستسلم للعبة النفوذ هذه، فهو يعتمد على تاريخ طويل من العلاقات مع المسئولين في الأندية المختلفة، بالإضافة إلى الدعم الخفي من شقيقه سامح فهمي الذي كان له نفوذ كبير في الوسط الرياضي بفضل دوره في إطلاق ناديي إنبي وبتروجت.
ورغم أنه قد يكون الوجه الأقل بروزًا في الأوساط الإعلامية، إلا أن هادي فهمي يمتلك قوة ناعمة قد تؤثر بشكل كبير على مسار الانتخابات. علاقاته التاريخية مع الأندية تظل عاملًا لا يمكن تجاهله، حيث يمكن أن يُحدث تأثيرًا مفاجئًا في لحظة التصويت.
سامح فهمي، رغم خروجه من الصورة السياسية مؤخرًا، إلا أن يده لا تزال تصل إلى أعماق الوسط الرياضي، حيث استطاع من خلال سنوات من النفوذ الشخصي بناء شبكة دعم خفية، قد تقلب الموازين لصالح شقيقه هادي.
خالد فتحي: المفاجأة التي تنتظر التصعيد
بجانب الأمين وهادي، هناك مرشح ثالث يظهر بقوة وهو خالد فتحي، الذي قدم أوراق ترشحه بكل هدوء. ورغم أنه لا يمتلك نفس الثقل الإعلامي أو الدعم الظاهر مثل الأمين أو فهمي، إلا أنه قد يكون الحصان الأسود في هذه المعركة الانتخابية.
وجوده قد يخلق توازنًا جديدًا في السباق، خاصة إذا استطاع اجتذاب الأصوات التي قد تكون محايدة أو غير راضية عن الهيمنة المتوقعة من طرفي الصراع.
القائمة النهائية: مواجهة ملتهبة بين الأسماء
ومع إغلاق باب الترشح تم الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين التي ضمت عددًا من الأسماء البارزة على مختلف المناصب. فقد شهدت قائمة المرشحين لمنصب الرئيس تنافسًا بين محمد الأمين، خالد فتحي، وهادي فهمي.
أما منصب نائب الرئيس فيتنافس عليه ياسر الرملي، جابر سعيد، وخالد ديوان، بينما يتنافس على منصب أمين الصندوق عمرو صلاح ونبيل خشبة. أما مجلس الإدارة فيضم أسماء مثل محمد فتحي، جمال القليوبي، عبير عقيل، وتامر العناني، وغيرهم من الأسماء التي تسعى لشغل مناصب متنوعة داخل الاتحاد.
نظام الانتخابات: صراع مفتوح وقواعد مشددة
الانتخابات ستقام وفقًا للائحة النظام الأساسي المعتمدة عام 2017، والتي تم نشرها في الجريدة الرسمية، حيث تنص على إقامة انتخابات مفتوحة على المناصب الرئيسية في الاتحاد، بما فيها منصب الرئيس، نائب الرئيس، أمين الصندوق، بالإضافة إلى 6 أعضاء في مجلس الإدارة على أن تكون واحدة منهم سيدة على الأقل.
هذه القواعد تجعل من المعركة الانتخابية أشبه بصراع مفتوح بدون حدود، حيث يعتمد كل مرشح على كل ما يملك من نفوذ وشبكات علاقات لتحقيق الانتصار.
النتيجة النهائية: كرة يد مصرية أمام مفترق طرق
ولا يمكن تجاهل أن هذه الانتخابات هي لحظة مفصلية في تاريخ اتحاد كرة اليد المصري. الصراع هنا ليس فقط على منصب رئيس الاتحاد، بل هو صراع على مستقبل كرة اليد في مصر وكيفية إدارة اللعبة في السنوات المقبلة.
مع دعم قوي من الدكتور حسن مصطفى لمحمد الأمين وتاريخ طويل لهادي فهمي في أروقة الاتحاد ووجود خالد فتحي كلاعب غير متوقع، تبدو هذه المعركة الانتخابية أكثر تعقيدًا مما قد يبدو على السطح.
أيًا كانت النتيجة النهائية، فإن الصراع الحالي يعكس تنافسًا حادًا بين القوى التقليدية الجديدة في الوسط الرياضي، ويمهد الطريق لمستقبل قد يحمل الكثير من التغييرات الجذرية في كرة اليد المصرية.
ولكن في ظل هذا الصراع الشائك، يظل السؤال الأهم: هل ستحقق هذه الانتخابات التغيير المطلوب أم ستظل كرة اليد المصرية رهينة لمعارك النفوذ والسيطرة؟