تقاريرعربي ودولى

تعيين يسرائيل كاتس وزيرًا للدفاع .. خطوة خطيرة تُعيد تشكيل المشهد السياسي الإسرائيلي

في خطوة مفاجئة أثارت دهشة المراقبين داخل إسرائيل وخارجها أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعيين يسرائيل كاتس وزيرًا للدفاع خلفًا ليوآف جالانت الذي تمت إقالته بشكل غير متوقع

هذه الخطوة تأتي في وقت بالغ الحساسية مع اتساع رقعة الحرب على أكثر من جبهة مما يجعل اختيار كاتس لهذا المنصب تحديًا كبيرًا وربما يعكس تغييرات عميقة في استراتيجية الحكومة الإسرائيلية تجاه الأزمات المتزايدة في المنطقة

قرار نتنياهو بتعيين يسرائيل كاتس الذي كان يشغل حقيبة وزارة الخارجية جاء نتيجة لما وصفه المراقبون بصرامته وقدرته على اتخاذ قرارات واضحة وحاسمة وهي السمات التي لطالما تميز بها كاتس

حيث وصفه نتنياهو نفسه بـ”البلدوزر” وهي إشارة إلى طبيعته الجارفة والمصممة على فرض رؤيته السياسية دون تردد وقد قال نتنياهو إن يسرائيل كاتس أثبت مرارًا قدراته في مختلف المناصب الحكومية التي شغلها على مدار سنوات طويلة

فقد شغل مناصب وزارية رئيسية منها وزارة الخارجية والمالية والاستخبارات وأظهر تفوقًا في إدارة الملفات الأمنية والاقتصادية كما كان عضوًا فاعلًا في المجلس السياسي الدفاعي لعدة سنوات مما يجعله محصنًا بتجربة واسعة وخبرة غنية في الشؤون الاستراتيجية والأمنية

كاتس الذي تطوع في جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1973 وشارك في لواء المظليين حتى أصبح ضابطًا للمشاة عام 1976 يتمتع بخلفية عسكرية قوية

وهو ما جعله يحظى بدعم بعض الأوساط العسكرية والسياسية خاصة مع تجربته العسكرية التي استمرت حتى عام 1977 وبعد إنهاء خدمته العسكرية برز دوره السياسي حينما كان طالبًا في الجامعة العبرية أوائل الثمانينيات

حيث بدأت تتبلور ملامح توجهاته القومية المتطرفة وقد لعب دورًا رئيسيًا في أنشطة طلابية عنيفة ضد وجود الطلاب العرب بالحرم الجامعي تلك الأنشطة التي أدت إلى إيقافه عن رئاسة اتحاد الطلاب لمدة عام كامل وهو ما شكل بداية مسيرته السياسية المثيرة للجدل

في عام 1996 دخل كاتس عالم السياسة الإسرائيلية من بوابة حزب الليكود حيث خاض انتخابات الكنيست للمرة الأولى ورغم عدم نجاحه في الوصول إلى البرلمان حينها إلا أنه استطاع لاحقًا دخول الكنيست عام 1998 بعد أن خلف إيهود أولمرت وقد تميزت مسيرته السياسية بمواقفه اليمينية المتشددة

حيث أعيد انتخابه لعضوية الكنيست أكثر من مرة وتولى عدة مناصب وزارية هامة منها وزارة الزراعة والتنمية الريفية في حكومة أرييل شارون عام 2003

لكن مسيرة كاتس لم تخل من الفضائح ففي مارس 2007 أوصت شرطة الاحتلال الإسرائيلي بتوجيه تهم الاحتيال وخيانة الأمانة إليه وذلك بعد قيامه بتعيينات مبنية على المحاباة السياسية والعائلية في وزارة الزراعة وهي نفس التهم التي وجهت لاحقًا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتورطهما في قضايا تتعلق بالفساد والتربح واستغلال النفوذ

رغم هذه التهم ظل كاتس لاعبًا سياسيًا قويًا إذ تم تعيينه وزيرًا للمواصلات عام 2009 وظل يشغل هذا المنصب حتى عام 2015 عندما أصبح وزيرًا للاستخبارات إلى جانب مهامه في وزارة المواصلات

في عام 2019 تولى كاتس وزارة الخارجية ونجح في إدارة هذا المنصب في ظل تحديات دولية وإقليمية كبرى وقد أثار تعيينه حينها موجة من الانتقادات الدولية نظرًا لتاريخه السياسي الحافل بالمواقف المتطرفة تجاه القضية الفلسطينية ولم تتوقف مسيرة كاتس المثيرة للجدل عند هذا الحد

ففي عام 2020 وأثناء جائحة كورونا تولى حقيبة المالية حيث واجه انتقادات حادة بسبب السياسات الاقتصادية التي انتهجها والتي اعتبرها البعض غير كافية للتعامل مع تداعيات الأزمة الصحية العالمية على الاقتصاد الإسرائيلي

وفي يناير 2023 تولى كاتس وزارة الطاقة والبنية التحتية حيث أشرف على قطاعات حساسة مثل الطاقة والكهرباء والغاز والمياه إلا أن عودته إلى وزارة الخارجية في يناير 2024 أثارت الجدل مجددًا خاصة وأنه يقف خلف مبادرة مثيرة للاستفزاز تتعلق بإنشاء جزيرة صناعية قبالة سواحل قطاع غزة

وهي فكرة قديمة سعى كاتس لتمريرها منذ أكثر من عشر سنوات تهدف هذه المبادرة إلى بناء جزيرة صناعية في البحر المتوسط على بعد خمسة كيلومترات من ساحل غزة وربطها بالقطاع عبر جسر وهو ما يراه كاتس حلاً اقتصاديًا وإنسانيًا للفلسطينيين في غزة رغم أن المشروع قوبل بالتجاهل من قبل الأوروبيين والأمريكان على حد سواء حيث يرون فيه محاولة إسرائيلية للتهرب من مسؤوليتها تجاه القطاع المحتل

ورغم الجدل الذي يحيط بشخصيته وآرائه السياسية المتشددة لا يمكن إنكار أن يسرائيل كاتس يمثل شخصية قوية ومؤثرة في المشهد السياسي الإسرائيلي اليوم وقدرته على المناورة والبقاء رغم الفضائح المتكررة تشير إلى أن حضوره سيكون محوريًا في تحديد مسار السياسات الإسرائيلية في الفترة المقبلة سواء على مستوى التعامل مع التحديات الأمنية المتفاقمة أو فيما يتعلق بالصراعات الداخلية في الحكومة الإسرائيلية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى