يعيش النادي الأهلي المصري في حالة غضب وسخط غير مسبوق بسبب المستوى المتواضع الذي ظهر به اللاعب القطري ذو الأصول المصرية يوسف أيمن المدافع الجديد للفريق الأول لكرة القدم، والذي انضم إلى الأهلي على سبيل الإعارة من نادي الدحيل القطري لموسم واحد مع إمكانية الشراء النهائي.
هذا اللاعب الذي تكلف الأهلي من أجله مبلغا ماليا كبيرا، بلغ 500 ألف دولار، تسبب في فتح باب الجدل والنقاش داخل أروقة النادي حول قيمة الصفقة وأثرها على الفريق.
خلال مباراة الأهلي الأخيرة أمام سيراميكا، والتي شهدت مشاركة يوسف أيمن في الشوط الأول لمدة 45 دقيقة، ظهر اللاعب بمستوى باهت للغاية، حيث ارتكب العديد من الأخطاء الدفاعية الفادحة التي تسببت بشكل مباشر في اهتزاز شباك الأهلي.
هذه الأخطاء أدت إلى موجة من الانتقادات اللاذعة وأثارت تساؤلات حادة حول جدوى التعاقد مع يوسف أيمن في ظل المستوى الذي ظهر به، خصوصا بعد أن كان المدير الفني للأهلي، السويسري مارسيل كولر، قد أعرب عن تحفظاته الشديدة بشأن إتمام الصفقة، إلا أنه اضطر للقبول بها تحت ضغط لجنة التخطيط.
اليوم، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة داخل النادي الأهلي وبين جماهيره: هل يوسف أيمن “صفقة سوبر” قادرة على إحداث الفرق في خط دفاع الأهلي، أم أنه مجرد “مقلب” آخر يُضاف إلى سلسلة الصفقات الفاشلة التي أرهقت خزينة النادي في السنوات الأخيرة؟
هذه التساؤلات تُغذّي المخاوف المتزايدة من أن يكون الأهلي قد وقع في فخ جديد، خاصة بعد أن دفع نصف مليون دولار مقابل استعارته.
سلسلة الصفقات العربية الفاشلة في الأهلي
ليس يوسف أيمن وحده هو ما يثير القلق داخل الأهلي، فالنادي مر في السنوات العشر الأخيرة بالعديد من التجارب غير الناجحة مع لاعبين عرب لم يحققوا الطموحات المرجوة منهم ورحلوا دون أن يتركوا بصمة تذكر، على الرغم من التكاليف الكبيرة التي تكبدها النادي من أجل التعاقد معهم.
من بين أبرز هذه الصفقات كانت صفقة التونسي محمد كريستو الذي انضم للأهلي من النجم الساحلي التونسي مقابل مليون و300 ألف دولار، وشمل ذلك جزءًا من الغرامة المفروضة على الأهلي بسبب قضية سليماني كوليبالي.
ورغم هذا المبلغ الكبير، لم يظهر كريستو بالشكل المطلوب وقضى معظم وقته على دكة البدلاء قبل أن يتم إعارته إلى نادي الصفاقسي التونسي.
أيضا كانت هناك تجربة المدافع السوري عبدالله الشامي الذي انضم للأهلي في 2017 بهدف دعم خط الدفاع. ورغم الآمال الكبيرة التي عُلّقت عليه، إلا أنه لم يحصل على فرصة كبيرة للمشاركة، حيث وضعه حسام البدري المدير الفني آنذاك على مقاعد البدلاء بشكل دائم، ما أدى إلى رحيله سريعاً دون أن يترك أي أثر.
أما الآن، فإن أزمة جديدة تواجه الأهلي مع الجزائري أحمد قندوسي، الذي انضم إلى صفوف سيراميكا على سبيل الإعارة، بعدما فشل في التأقلم مع الأجواء داخل النادي الأهلي، وباتت الإدارة تفكر جدياً في بيعه نهاية الموسم وفقاً لما جاء في البيان الرسمي للنادي، لتتفاقم بذلك قائمة الأزمات التي يواجهها الأهلي مع لاعبيه العرب في الآونة الأخيرة.
صفقات إفريقية ولاتينية فاشلة
إلى جانب الإخفاقات مع اللاعبين العرب، عانى الأهلي من صفقات فاشلة أخرى مع لاعبين من إفريقيا وأمريكا اللاتينية. وفي مقدمة هذه الصفقات يأتي البرازيلي برونو سافيو، الذي كلف الأهلي مليون و500 ألف دولار في صيف 2022، لكنه لم يحقق الإضافة المطلوبة ورحل عن الفريق بسرعة.
هذا بالإضافة إلى صفقة البرازيلي الآخر هيندريك التي تمت في عام 2015، وكلفت الأهلي مليون دولار دون أن يترك اللاعب بصمة تذكر.
ولم تكن صفقة الفرنسي أنتوني موديست استثناءً في موسم 2024/2023، حيث تكبد الأهلي بسببها مليون و500 ألف دولار دفعت كرواتب للاعب قبل أن يتم الاستغناء عنه بعد فترة قصيرة من انضمامه.
وفي إطار الصفقات التي أضرّت بخزينة الأهلي دون مردود فعلي، تأتي صفقة المدافع السنغالي ساليف كيتا الذي ضمه الأهلي مقابل 150 ألف دولار بناءً على توصية من الفرنسي باتريس كارتيرون المدير الفني السابق للفريق، ولكنه لم يكن سوى ثغرة كبيرة في الدفاع خاصة خلال منافسات دوري أبطال إفريقيا 2018.
قائمة ممتدة من الإخفاقات
لم تتوقف سلسلة الصفقات الفاشلة عند هذا الحد، حيث شهدت السنوات الأخيرة في الأهلي فشل العديد من الصفقات التي كلفت النادي أموالاً طائلة دون مردود يُذكر.
من بينها صفقة الكونغولي والتر بواليا الذي انضم من الجونة مقابل 2 مليون دولار ولم يحقق النجاح المنتظر. وكذلك السنغالي بادجي الذي استقدمه الأهلي من رابيد فيينا النمساوي مقابل 2 مليون دولار ولم يقدم الإضافة المطلوبة.
ولا يمكن إغفال صفقة الأنجولي جيرالدو داكوستا الذي كلف الأهلي 825 ألف دولار ورحل بعد عامين فقط دون أن يترك بصمة، بالإضافة إلى صفقة الجنوب إفريقي باكاماني التي كلفت النادي مليون دولار ولم تُثمر عن أي نجاح يُذكر. أما الموزمبيقي لويس ميكيسوني فقد كبد الأهلي 800 ألف دولار، ورحل هو الآخر بعد أن فشل في تحقيق المطلوب منه.
مصير الأهلي ومستقبله
اليوم، بات الأهلي يواجه تحدياً كبيراً في كيفية إدارة ملف التعاقدات بشكل أفضل، فالنادي الذي يُعَد من أكبر أندية القارة الأفريقية وأكثرها تحقيقاً للبطولات، أصبح مهدداً بفقدان بريقه إذا استمرت هذه الإخفاقات في الصفقات.
وبالنظر إلى الأموال الضخمة التي يُنفقها الأهلي على اللاعبين دون تحقيق العائد المرجو، يصبح السؤال الأكثر إلحاحاً: كيف سيتعامل الأهلي مع هذه الكارثة، وهل سيكون قادراً على تجاوزها أم أن الأزمة ستزداد تعقيداً؟
الأيام القادمة ستكون حاسمة للنادي الأهلي، ولجماهيره التي تنتظر رؤية أفعال حقيقية وليس مجرد وعود، فالوقت لم يعد في صالح النادي إذا استمر في هذه الدوامة