في لحظة لن تُنسى سجلت جماهير باريس سان جيرمان موقفًا تاريخيًا في مسار دعمها للقضية الفلسطينية وتحديدًا لقطاع غزة المحاصر عندما رفعت لافتة ضخمة خلال المباراة المثيرة التي جمعت الفريق الفرنسي بنظيره أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا
أثناء سير المباراة وبينما كانت أعين جماهير الملاعب مشدودة نحو المستطيل الأخضر كان هناك مشهد آخر في المدرجات جذب الانتباه وأثار العديد من التساؤلات فبينما كان الفريقان يتصارعان من أجل النقاط كانت جماهير باريس سان جيرمان تتبنى قضية أكبر بكثير من كرة القدم وكان ذلك في صورة لافتة ضخمة حملت شعارًا واضحًا لا لبس فيه التأكيد على دعم الشعب الفلسطيني في غزة وتوجيه رسالة قوية إلى العالم أجمع بأن المساندة لفلسطين ليست مجرد موقف سياسي بل قضية إنسانية لا يمكن تجاهلها
في تلك اللحظات الحاسمة داخل ملعب بارك دي برانس في العاصمة الفرنسية كان الفارق بين كرة القدم والسياسة يذوب تمامًا وبدت الرسالة جلية تمامًا أن جمهور باريس سان جيرمان ليس مجرد مشجعين في المدرجات بل هم مناصرين لقيم إنسانية سامية وواقفين في صف العدالة ضد الظلم والقمع فكانت اللافتة بمثابة صرخة تطالب العالم بالتحرك نحو غزة وحمايتها من المجازر التي تلتهم الأبرياء يومًا بعد يوم
وبعد أن كانت المدرجات مليئة بالألوان الزاهية والأهازيج الحماسية أخذت ألوان أخرى تتسلل إلى هذا الفضاء الرياضي ليس فقط من خلال العلم الفلسطيني الذي رفعه المشجعون ولكن عبر رسالة لا تخطئها العين أيًا كانت مواقف القوى السياسية المتباينة حول هذا الملف فهذه الحركات تأتي من جماهير ليست عابرة في مشهد الرياضة بل من “ألتراس” باريس سان جيرمان الذين اشتهروا بمواقفهم الحادة تجاه القضايا الكبرى وهم اليوم يرفعون أصواتهم في ملعبهم مطالبين بوقف آلة القتل الإسرائيلية التي تستهدف الأطفال والنساء والشيوخ دون رحمة أو شفقة
في هذا السياق يجد البعض أن هذا الموقف من ألتراس باريس سان جيرمان يتجاوز حدود كرة القدم ليدخل في معترك القضايا الاجتماعية والإنسانية إذ أن الجماهير لم تكتفِ بالتشجيع والفرح بفوز فريقها وإنما استغلت هذه المناسبة الدولية لتوجيه رسالة لا تقبل التأويل أو المجاملة بأن غزة يجب أن تحظى باهتمام العالم ولن يتم السكوت عن المعاناة الفلسطينية التي امتدت لعقود دون حلول حقيقية جذرية
ومن المؤكد أن هذا الموقف من الجماهير يأتي في توقيت حساس وفي مرحلة يشهد فيها العالم العربي والغربي صراعات متشابكة حول ملف فلسطين في وقت يشعر فيه الفلسطينيون أن صوتهم مغيب على الساحة الدولية ووسط هذا الجدل كانت اللافتة التي رفعتها جماهير باريس سان جيرمان بمثابة جسر للمطالبة بالعدالة ووضع القضية الفلسطينية في قلب الأحداث الدولية من جديد خصوصًا في وقت يعاني فيه أهل غزة من حصار خانق وظروف إنسانية بالغة الصعوبة
ألتراس باريس سان جيرمان الذين طالما عرفوا بمواقفهم الجريئة لم يترددوا في تبني القضية الفلسطينية بشكل علني ومباشر رغم التحديات السياسية التي قد يواجهونها بسبب هذا الموقف وقد يكون البعض قد توقع أن يكون هذا التصرف مجرد دعاية أو موقف عابر لكن يبدو أن جماهير الفريق قد قررت أن تكتب تاريخًا جديدًا في العلاقة بين كرة القدم والسياسة بحيث تصبح الملاعب ليس فقط مكانًا للتنافس الرياضي بل أيضًا منبرًا للتعبير عن القضايا العادلة التي تحتاج إلى صدى عالمي
ورغم الضغوطات التي قد تواجهها جماهير باريس سان جيرمان من مختلف الأطراف لا يبدو أن هذا الموقف سيخضع لأي نوع من التراجع أو التخفيف فقد أكد العديد من مشجعي الفريق أنهم يرون في دعم فلسطين قضية لا تحتمل المساومة مشيرين إلى أن ما يحدث في غزة هو أبشع أنواع القمع الإنساني وأن التضامن مع الفلسطينيين هو واجب أخلاقي وإنساني قبل أن يكون سياسيًا في الوقت الذي يشهد فيه العالم تصاعدًا في الانقسام حول هذه القضية
وفي خضم ذلك جاء رد فعل أتلتيكو مدريد وجماهيره ليؤكد أن الملعب كان يشهد لا فقط مباراة رياضية بل صراعًا أوسع من ذلك فأجواء المباراة نفسها لم تكن لتغطي حقيقة ما يحدث على الأرض في غزة بل على العكس كانت تلك اللافتة بمثابة تذكير للجميع بأن الرياضة ليست بمعزل عن قضايا الإنسان وأن الملاعب هي مكان للتعبير عن المواقف والشجاعة