تقاريرفتوى ودين

شيخ الأزهر يحذر من ضياع السلام ويصف ما يحدث في غزة بالمأساة غير المصدقة

أكد شيخ الأزهر أحمد الطيب خلال استقباله رئيس جمهورية استونيا ألار كاريس، أن السلام أصبح بعيد المنال بعد أن تعرض للعصف المستمر في ظل الأوضاع العالمية المشتعلة والصراعات المستمرة التي تبتلع الشعوب.

الطيب أشار إلى أن الأحداث الدامية في غزة تشهد فصولًا من المأساة التي يصعب وصفها أو حتى تصورها، موضحًا أن ما يحدث هناك يعكس واقعًا فاق كل التوقعات وأصبح التوصيف له أمرًا شبه مستحيل.

السلام في مهب الريح

لا يختلف اثنان في العالم اليوم أن السلام الذي كان يومًا أملًا مشتركًا بين الشعوب بات اليوم حلمًا مستحيلًا. فالحروب في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، والتي طالت الأرواح ودمرت المجتمعات، دفع شيخ الأزهر أحمد الطيب إلى إعلان تحذير صريح من أن السلام لم يعد مرئيًا في الأفق.

الطيب أعرب عن أسفه الشديد لما آلت إليه أوضاع العالم من أزمات وتوترات جعلت من السلام فكرة تقترب أكثر من الخيال وأبعد من الواقع.

الحديث عن السلام في هذا السياق لم يكن مجرد تلميح أو إشادة بآمال مفقودة، بل كان دعوة صريحة لإعادة النظر في السياسات العالمية التي يبدو أنها تسعى إلى أن تكون الحروب هي الحلول الوحيدة.

لم يتوقف الطيب عند مجرد الكلمات، بل توجه في حديثه إلى ضرورة أن يلتفت العالم إلى مسؤولياته الإنسانية في معالجة الأزمات التي تشعل نيران الحروب وتدمر البشر.

غزة وواقع مأساوي يفوق الخيال

أوضح شيخ الأزهر أن ما يحدث في قطاع غزة لا يمكن لعقل بشري أن يتخيله أو يصفه بالكلمات، مشيرًا إلى الأهوال التي يتعرض لها الأبرياء في هذا المكان من قصف وتدمير مستمر لا يتوقف.

الطيب أكد أن الدمار الذي تعيشه غزة يتخطى كل الحدود الممكنة لأي تفسير إنساني أو ديني أو أخلاقي. إنه وضع مأساوي يتجاوز مجرد الأرقام والإحصائيات، ويعكس واقعًا مؤلمًا لا يستطيع أي شخص أن يتخيل حجم المعاناة فيه.

في كل زاوية من غزة، هناك مأساة حية تترجم إلى جثث وأشلاء وآهات مستمرة. الطيب شدد على أن العالم مطالب اليوم بأن يدرك حقيقة ما يحدث في هذا المكان،

وأن يدرك أن السكوت عن هذه المجزرة هو بمثابة إدانة كاملة لكل من لا يحرك ساكنًا أمام ذلك الجحيم. إن المجازر التي تجري في غزة يجب أن تكون بمثابة دافع قوي للعمل الفوري من قبل جميع القوى الدولية.

المسؤولية الدولية والتخاذل العالمي

أثناء اللقاء، دعا شيخ الأزهر إلى ضرورة تدخل العالم بسرعة وبقوة لوضع حد لهذه المجزرة التي تحصد أرواح الآلاف دون أي رد فعل يوازي حجم الكارثة.

كما أبدى استغرابه الشديد من صمت المجتمع الدولي، مؤكدًا أن ما يحدث في غزة اليوم هو انعكاس لحالة من التخاذل العالمي وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة لإنقاذ الأرواح ووقف العدوان المتواصل.

هذه الحرب التي تقودها قوى الاستعمار والاحتلال تتطلب تحركًا فوريًا من جميع الجهات المعنية، سواء في المجال الدبلوماسي أو السياسي، لوقف هذه الفظائع.

وعلى الرغم من العديد من المنظمات الدولية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، إلا أن الجميع يواجه عجزًا غريبًا عن منع حدوث هذه الفظائع. وهذا يعكس، في نظر شيخ الأزهر، حقيقة مريرة مفادها أن القيم الإنسانية أصبحت مع الأسف رهينة المصالح السياسية والمادية.

تصريحات تهز الضمير العالمي

في إطار اللقاء، شدد شيخ الأزهر على ضرورة أن يستيقظ الضمير العالمي وأن يتحمل مسؤولياته تجاه ما يجري في غزة.

فهو لا يتحدث عن الحروب كأحداث عابرة يمكن التغاضي عنها، بل كتهديد لوجود الإنسانية نفسها. وأضاف أن غياب العدالة لا يتوقف عند حدود جغرافية، بل يمتد ليطال القيم التي يعتمد عليها العالم كله.

ورغم كل التحديات، فإن شيخ الأزهر بدا متفائلًا في موقفه، مؤكدًا على أن الوعي الشعبي والضغط الدولي يمكن أن يكون لهما دور حاسم في تغيير الوضع الراهن.

وفي ختام حديثه، دعا إلى ضرورة أن تقوم الحكومات والشعوب في كل مكان بالتحرك من أجل إعادة الحياة إلى السلام، الذي بات ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها.

رسالة إلى الإنسانية

فإن كلمات شيخ الأزهر أحمد الطيب خلال هذا اللقاء تحمل في طياتها رسالة قوية وواضحة: السلام أصبح بعيد المنال، وما يحدث في غزة لا يمكن تصوره أو وصفه، ولكنه واقع يعيشه ملايين البشر يوميًا.

العالم اليوم أمام اختبار حقيقي لا يمكن التهرب منه، والمجتمع الدولي مطالب بالتحرك قبل أن يصبح من المستحيل إيقاف دوامة الحروب والمجازر التي تهدد كرامة الإنسان وأبسط حقوقه في الحياة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى