تقاريرسياسة

الملك سلمان يرقص مع الرئيس الفائز بينما يدفع ثمن الحماية الأمريكية

في مشهد قد يراه البعض غريبًا لكنه يختزل واقعًا مريرًا يسيطر على العلاقة بين المملكة العربية السعودية وأمريكا، يتصدر الملك سلمان بن عبد العزيز، عاهل المملكة، كل الأنظار في مشهد مهيب يظهر فيه في حالة ترقب تام.

فكلما تنتهي الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، يظهر السؤال المحوري: كيف ستجدد السعودية اتفاقاتها مع الرئيس الفائز؟ هل ستظل رهينة تلك العلاقة الملتبسة التي تفرض على الرياض دفع الثمن لقاء الحماية من القوى الكبرى؟

في كل دورة رئاسية جديدة، يصبح الملك سلمان في مواجهة جديدة مع الرئيس الأمريكي الذي يتولى مقاليد السلطة، ومعه تأتي الوعود من الجانبين.

الملك سلمان يرقص مع الرئيس الفائز بينما يدفع ثمن الحماية الأمريكية

لكن في النهاية، لا يتغير شيء جوهريًا: الصفقة القديمة التي تم توقيعها منذ عقود لا تزال قائمة. يقدم النظام السعودي الدعم اللامحدود للمصالح الأمريكية في المنطقة مقابل حمايتها العسكرية المستمرة. هذا المزيج من السياسة والمال يظل هو القاسم المشترك الذي يعيد نفسه مع كل انتخابات أمريكية جديدة.

وفوق كل ذلك، هناك عرضة سعودية ترافق صفقات السياسة. يرقص الملك سلمان مع الرئيس الأمريكي الفائز في طقوس تقليدية يعكس فيها الولاء والدعم المتبادل.

وكأنها طقوس معترف بها في أنظمة الحماية الكبرى، حيث تتحول هذه العلاقة إلى نوع من الاستعراض الذي لا يعكس سوى حالة من الضعف السياسي المتبادل. فالسعودية تظل عالقة في دائرة هذه العروض بينما أمريكا تظل تراقب المشهد من بعيد.

وبينما تتحرك الأطراف السياسية داخل المملكة السعودية، يبقى الثمن الذي تدفعه البلاد للأمريكيين واضحًا. الحماية العسكرية مستمرة، لكن هل هي حقًا حماية أم مجرد صفقة تجارية باهظة الثمن؟

تجدد الاتفاقات كل أربع سنوات، مما يعكس هشاشة العلاقة التي تجعل الرياض دائمًا في موقف المتلقي للأوامر وليس المقرر. هل تملك السعودية حقًا القرار المستقل في هذا المشهد؟ أم أنها محكومة بخطوط حمراء فرضتها الصفقات السرية على مر السنين؟

المثير للاهتمام أن العلاقة بين المملكة وأمريكا ليست فقط علاقة سياسية بل هي أيضًا علاقة اقتصادية تتمحور حول المال. حروب الشرق الأوسط، خاصة في منطقة الخليج، كانت وما زالت مصدرًا رئيسيًا لهذه الصفقات.

السعودية تدفع أموالًا طائلة مقابل استمرار الدعم الأمريكي، وهو الدعم الذي كان حاسمًا في مختلف الأزمات الإقليمية التي شهدتها المنطقة في العقود الأخيرة. ففي كل مرة تشتعل الأزمة في المنطقة، تجد الرياض نفسها في حاجة ماسة لحماية واشنطن.

هذه المرة لم يكن التصريح الأخير من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سوى انعكاس لهذه الحقيقة المرة. ففي تصريح خطير، اعتبر ترامب أن “لولا السعودية لانتهت إسرائيل”.

تصريح أضاف مزيدًا من الدهشة حول العلاقة الخاصة بين البلدين. هل المقصود بذلك أن المملكة تمثل الدرع الحامي للوجود الإسرائيلي في الشرق الأوسط؟ أم أن هذا التصريح جاء في سياق تكريس الهيمنة الأمريكية على المنطقة؟

مما لا شك فيه أن التصريح لا يمر مرور الكرام. ففي الوقت الذي يعيش فيه العالم حالة من الاستنفار السياسي، يبدو أن العلاقة السعودية الأمريكية باتت أكبر من مجرد تحالف سياسي.

أصبح من الواضح أن المنطقة تشهد تغييرات في توازنات القوى، لكن هل ستظل السعودية في هذا المربع الذي لا يخرج منه؟ وهل ستظل معادلة الحماية مقابل المال هي السائدة؟

هذه الأسئلة لا تجد لها إجابات واضحة في الوقت الحالي. لكن الثابت أن الوضع السياسي في المنطقة يتجه نحو مزيد من التعقيد.

في ظل تزايد الحديث عن صفقة القرن، والتطورات الجديدة على الساحة الفلسطينية، تبقى السعودية طرفًا أساسيًا في تلك المعادلات التي تتحكم في مصير المنطقة بأسرها.

وفي الوقت الذي تقف فيه الرياض على مفترق طرق، يتأكد للجميع أن مشهد الملك سلمان في استقبال الرئيس الأمريكي الفائز ليس مجرد رقصة تقليدية، بل هو احتفال بصفقة سياسية قديمة جديدة. صفقة قد تدوم أربع سنوات أخرى قبل أن يتم تجديدها، ولكن المضمون لا يتغير.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى