في وقت حرج تعاني فيه مصر من أزمة اقتصادية خانقة، خرج رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي بتصريحات تتسم بالتناقض والوعود الزائفة. مدبولي، الذي يواصل تبرير فشل حكومته،
أعلن خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الإدارية أن البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي قد وُضع قبل عامين، حين كانت الظروف مختلفة عن الوضع الراهن. هذه العبارة ليست سوى محاولة للهروب من المسؤولية، خاصة مع تسارع التدهور الاقتصادي الذي يعيشه المواطن البسيط يومًا بعد يوم.
مدبولي يزعم أن حكومته لن تتخذ أي قرارات تزيد من أعباء المواطنين المالية، لكن الواقع يؤكد العكس تمامًا، إذ لا يكاد يمر أسبوع دون فرض زيادات جديدة على أسعار السلع والخدمات، متجاهلاً تمامًا ما يعانيه المواطنون من ضغوط مالية خانقة.
زيادات متتالية تُثقل كاهل المواطن
خلال أسبوع واحد فقط، شهدت مصر ثلاث زيادات كبيرة على الأسعار، كانت أبرزها الزيادة التي فرضتها وزارة البترول على أسعار الغاز الطبيعي للمنازل بنسبة تصل إلى 25%.
هذه الزيادة لا تعكس سوى عجز الحكومة الواضح عن تقديم حلول حقيقية لأزمة الطاقة المستفحلة، بل وتحميل المواطنين البسطاء عبء سياسات اقتصادية فاشلة.
ومع ذلك، تأتي هذه الزيادة في ظل تأكيدات مدبولي بأن حكومته تسعى لعدم تحميل المواطن أي أعباء إضافية، مما يبرز التناقض الواضح بين الأقوال والأفعال.
ولم تقتصر الزيادات على قطاع الطاقة فقط، بل شملت أيضًا قطاع السياحة والنقل. فقد وافقت غرفة السياحة على زيادة أسعار النقل بالحافلات والسيارات المملوكة للشركات بنسبة 15%، بدءًا من هذا الأسبوع.
يأتي ذلك في وقت يتزايد فيه الاعتماد على النقل الخاص بسبب تدهور خدمات النقل العام، مما يزيد من الضغوط على جيوب المواطنين.
السياحة والآثار: قطاع آخر يخضع للزيادة
وفي خطوة تعكس عدم اهتمام الحكومة بتحسين مستوى المعيشة، قامت وزارة السياحة والآثار برفع أسعار دخول المناطق الأثرية والسياحية بنسبة تصل إلى 25%.
هذه الزيادة، التي تم تطبيقها في جميع أنحاء البلاد، ليست سوى محاولة يائسة من الحكومة لزيادة الإيرادات على حساب المواطنين والسياح على حد سواء. وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد، كان من المفترض أن تسعى الحكومة إلى تشجيع السياحة بدلاً من فرض أعباء إضافية تُضعف من جاذبية مصر كوجهة سياحية.
الحكومة والصندوق: هل يتفهمون حقًا معاناة المواطن؟
مدبولي أشار في تصريحاته إلى أن صندوق النقد الدولي قد تفهم الوضع الحالي في مصر، وهو أمر يثير التساؤلات حول مدى هذا التفاهم.
هل حقًا يدرك الصندوق أو الحكومة حجم المعاناة التي يعيشها المواطن المصري العادي؟ فبينما تتفاهم الحكومة مع الصندوق حول “عدم تحميل المواطن أعباء إضافية”، نجد أن قراراتها تصب في اتجاه معاكس تمامًا.
يبدو أن التفاهم الذي يتحدث عنه مدبولي هو مجرد تفاهم شكلي، يخفي وراءه واقعًا مريرًا يُثقل كاهل المواطن ويزيد من معاناته اليومية.
تقاعس حكومي وفشل اقتصادي
الواضح أن الحكومة المصرية لم تتخذ حتى الآن أي خطوات جادة لمعالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. بل على العكس، تواصل فرض زيادات على أسعار الخدمات الأساسية والضرورية، دون النظر إلى تأثير هذه الزيادات على ملايين المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
وبدلًا من اتخاذ إجراءات إصلاحية حقيقية، نجد الحكومة تغرق في سياسات ترقيعية لا تسهم سوى في تعميق الأزمة.
الفشل الحكومي لا يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل يمتد إلى كافة القطاعات. فبدلًا من تحسين الخدمات العامة وتقديم حلول حقيقية للأزمات التي تواجهها البلاد، نجد الحكومة تتبنى سياسات قصيرة الأمد هدفها الوحيد هو تحقيق مكاسب مؤقتة دون النظر إلى المستقبل.
وبينما يواصل المسؤولون تقديم وعود فارغة، تستمر معاناة المواطن البسيط الذي لم يعد قادرًا على تحمل المزيد من الأعباء المالية.
مصير مجهول وأزمة بلا نهاية
مع تواصل السياسات الاقتصادية الفاشلة، يتزايد الشعور بالإحباط لدى المواطن المصري، الذي يجد نفسه في مواجهة مصير مجهول. فالزيادات المتتالية على الأسعار، التي لا يبدو أن لها نهاية في الأفق، تعكس غياب أي رؤية حكومية واضحة للتعامل مع الأزمة.
وفي ظل تقاعس الحكومة عن تقديم أي حلول حقيقية، يصبح السؤال الملح: إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ وما هو مستقبل مصر في ظل هذه السياسات التي لا تراعي احتياجات المواطن العادي؟
حكومة مدبولي في قفص الاتهام
لا يمكن إخفاء الحقائق بعد الآن. الحكومة المصرية، بقيادة مصطفى مدبولي، تقف اليوم في قفص الاتهام. فبينما تتحدث الحكومة عن التفاهم مع صندوق النقد الدولي، وعن حرصها على عدم تحميل المواطن أعباء إضافية، نجد الواقع مختلفًا تمامًا.
السياسات الاقتصادية الحالية ليست سوى وسيلة لزيادة الضغط على المواطن الذي أصبح يواجه تحديات يومية في سعيه لتأمين احتياجاته الأساسية.
إن الأزمة الاقتصادية الحالية ليست مجرد نتيجة لظروف خارجية، بل هي نتيجة مباشرة لفساد وتقصير الحكومات المتعاقبة التي فشلت في وضع خطط إصلاحية حقيقية، وأصبحت تركز فقط على الحلول السريعة والسطحية، مما يعمق من معاناة الشعب المصري.