احتجاجات عارمة تدفع سيديكو لمنح إجازة إجبارية والحكومة تتجاهل معاناة العمال
في حدث غير مسبوق يعكس تدهور الأوضاع الاقتصادية والفساد المستشري في المؤسسات الحكومية قررت شركة سيديكو للصناعات الدوائية في 6 أكتوبر منح إجازة إجبارية لعمالها لمدة ثلاثة أيام ابتداءً من يوم الثلاثاء
وذلك بعد الاحتجاجات العارمة التي شهدتها الشركة والتي طالب فيها العمال بزيادة رواتبهم بنسبة 60% بالإضافة إلى منحة غلاء معيشة عاجلة لتخفيف معاناتهم الاقتصادية فهل ستمضي الحكومة المصرية قدماً في تجاهل مطالب هؤلاء العمال؟
خلال حديثهم لموقع المنصة عبر عمال سيديكو عن استيائهم من قرار الإدارة حيث اعتبروا أن هذا القرار هو محاولة مكشوفة من الإدارة لتفادي اندلاع إضراب عام قد يشل الشركة.
فتأثيرات ارتفاع أسعار الوقود وانخفاض القدرة الشرائية جعلت من المستحيل على العمال الاستمرار في العمل في ظل هذه الظروف القاسية، مما دفعهم للتعبير عن غضبهم من خلال الوقفات الاحتجاجية.
إدارة الشركة حاولت التخفيف من حدة الأزمة من خلال زيادة مقدارها 1000 جنيه لمن يقل راتبه الشامل عن 10 آلاف جنيه. لكن هذه الزيادة الهزيلة قوبلت برفض قاطع من جميع العمال حتى من شملتهم الزيادة.
فهل من المنطقي أن تكون الاستجابة لمطالب العمال عبارة عن زيادة لا تتناسب مع الارتفاع المذهل في الأسعار والذي يشهده السوق المصري؟ يبدو أن الحكومة وشركاتها الكبرى تتجاهل تماماً واقع العمال ومطالبهم المشروعة.
وتظهر تصريحات عمال الشركة أنهم كانوا يتداولون فعلاً فكرة الدخول في إضراب شامل كوسيلة للضغط على الإدارة لتنفيذ مطالبهم العادلة.
وأكد أحد العمال أن إدارة الشركة تعرف تماماً أنها لن تستطيع تحمل إيقاف الإنتاج لأكثر من ثلاثة أيام نظراً لوجود التزامات تعاقدية مع شركات أخرى. ولكن هل ستستمر هذه الإدارة في تجاهل حقوق العمال حتى تصل الأمور إلى مستوى كارثي؟
التاريخ يشهد على أن الاحتجاجات في شركة سيديكو ليست بجديدة حيث شهدت الشركة في عام 2012 إضراباً دام شهرين كاملين من أجل المطالبة بزيادة الرواتب وتثبيت العمال المؤقتين.
ورغم صعوبة تلك الفترة إلا أن العمال تمكنوا من تحقيق بعض مكاسبهم، حيث تم تثبيت جميع العاملين الذين قضوا أكثر من خمس سنوات في الشركة وزيادة رواتبهم بالإضافة إلى إنشاء صندوق معاشات. لكن اليوم يبدو أن تلك المكتسبات مهددة بسبب تجاهل الحكومة لمطالب العمال.
تتبع شركة سيديكو مجموعة أكديما للصناعات الدوائية التي تملك 16 شركة في مجالات إنتاج وتجارة الدواء. ورغم ما يبدو من صحة الأرقام المتداولة عن أداء الشركة إلا أن الواقع يشي بأن هناك فساداً مستشرياً في هيكل الإدارة.
ففي يوليو الماضي، أعلنت الدكتورة ألفت غراب، رئيسة مجلس إدارة أكديما، عن زيادة رأس مال سيديكو بمقدار 200 مليون جنيه، مما يثير تساؤلات حول أولويات هذه الزيادة وأين تذهب أموال الشعب.
يتحدث العمال عن حجم الإنتاج الضعيف في المخازن وحاجتهم الماسة لتحقيق مطالبهم الإنسانية والاجتماعية، ولكن الحكومة المصرية التي تملك القدرة على التدخل لفرض نظام عادل وشفاف تبدو غير مكترثة بمصالح مواطنيها.
كيف يمكن لحكومة تدعي أنها تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية أن تتجاهل صرخات عمال سيديكو الذين يمثلون شريحة كبيرة من العمالة المصرية التي تعاني من الفقر والحرمان؟
إن الوضع الراهن في شركة سيديكو يسلط الضوء على عدم جدوى السياسات الحكومية في تحسين الظروف الاقتصادية.
فالعمال ليسوا مجرد أرقام في ميزانية الدولة بل هم شريحة من المجتمع تساهم في بناء الاقتصاد المصري. إلا أن الحكومة تواصل تجاهل احتياجاتهم وتحويلهم إلى ضحايا لسياساتها الفاشلة.
في الوقت الذي تجتمع فيه الإدارة العليا لشركة سيديكو للتخطيط للمستقبل، يعيش العمال في قلق دائم من عدم قدرتهم على توفير لقمة العيش لعائلاتهم.
يتساءل العمال ماذا لو تم تعليق العمل بشكل نهائي بسبب الإضرابات المحتملة؟ هل ستتحرك الحكومة لإنقاذ الوضع أم ستستمر في تجاهلهم كما فعلت من قبل؟
فمآسي عمال سيديكو ليست حادثة فردية بل هي جزء من أزمة أكبر تواجهها الطبقة العاملة في مصر. يجب على الحكومة أن تستمع لصوت هؤلاء العمال وأن تعمل على تحقيق مطالبهم بدلاً من التعامل معهم كأرقام في نظام بيروقراطي عتيق.
وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة فإن المعركة من أجل حقوق العمال في سيديكو هي معركة من أجل جميع المصريين الذين يعانون من الفساد والتجاهل.