تقاريرعربي ودولى

إقالة جالانت: بداية لعصر جديد من الفوضى والصدامات الداخلية في إسرائيل

في تطور خطير ومثير للجدل، أصبحت إسرائيل على حافة الهاوية إثر قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإقالة وزير جيش الاحتلال يوآف جالانت.

هذا القرار الذي جاء في ظل خلافات حادة حول قانون التجنيد وإعادة الأسرى أثار عاصفة من الاحتجاجات العنيفة وأشعل فتيل اشتباكات غير مسبوقة بين المستوطنين وقوات الأمن في قلب تل أبيب.

المشهد الحالي في إسرائيل يكشف عن انقسامات عميقة ليس فقط بين النخبة السياسية ولكن أيضًا بين مختلف قطاعات المجتمع.

قرار الإقالة لم يكن مجرد خطوة عابرة بل كان شرارة فتحت بابًا جديدًا للفوضى، وهذا ما يجعل المراقبين يتساءلون إلى أين تتجه إسرائيل في هذا المنعطف الحرج من تاريخها.

يوآف جالانت، الذي كان يعتبر أحد أبرز قادة الجيش الإسرائيلي، خرج عن صمته ليعبر عن رأيه الصادم حيال إقالته مؤكدًا أن هذه الخطوة جاءت بعد خلافات حادة حول عدة ملفات استراتيجية. قال جالانت بوضوح إن قانون التجنيد الذي كان على رأس تلك الملفات الشائكة قد أثار انقسامًا كبيرًا داخل الحكومة، بالإضافة إلى ملف إعادة الأسرى الذي أصبح مسألة بالغة الحساسية.

لكن الأمر الذي زاد الطين بلة هو المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية حول إخفاقات الجيش الإسرائيلي، وهي خطوة قوبلت برفض واسع داخل الحكومة.

جالانت لم يكتفِ بالتعبير عن خيبة أمله بل ذهب إلى حد التحذير من أن إسرائيل قد تكون على أعتاب مرحلة طويلة من عدم الاستقرار.

وأضاف بصراحة قاسية أن المجتمع الإسرائيلي سيضطر للتعايش مع حالة الحرب هذه لسنوات قادمة، وهو تصريح يعكس مدى تعقيد الأوضاع الحالية والتحديات التي تواجه الحكومة في التعامل مع ملفات حساسة تمس الأمن القومي الإسرائيلي.

رد الفعل على إقالة جالانت لم يقتصر على النخبة السياسية بل امتد إلى الشارع الإسرائيلي حيث اندلعت اشتباكات عنيفة في مناطق مختلفة من الداخل المحتل. فقد شهدت المدن الكبرى وعلى رأسها تل أبيب والقدس اندلاع احتجاجات واسعة شارك فيها آلاف الإسرائيليين، الذين رأوا في قرار نتنياهو ضربة قاضية لاستقرار البلاد. تل أبيب، التي كانت دائمًا مركزًا للمعارضة السياسية، أصبحت الآن بؤرة للاشتباكات بين المتظاهرين الغاضبين وقوات الشرطة. وفي القدس، تصاعد التوتر إلى درجة خطيرة حيث اقتحم محتجون حواجز حول منزل عائلة نتنياهو، في مشهد يعكس حالة الغضب العارم التي تجتاح الشارع الإسرائيلي.

المتظاهرون الذين خرجوا بالآلاف لم يعبروا فقط عن رفضهم لإقالة جالانت، بل أيضًا عن غضبهم المتزايد تجاه سياسات نتنياهو بشكل عام. هذه الاحتجاجات التي انطلقت على نطاق واسع في تل أبيب كانت بمثابة إنذار جديد للحكومة التي تواجه الآن أزمة ثقة غير مسبوقة. البعض يرى أن قرار الإقالة كان القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث جاء في وقت تتزايد فيه الانتقادات الموجهة لنتنياهو وحكومته بسبب فشلهم في معالجة العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية. الأوضاع المتفجرة في الشارع الإسرائيلي تعكس حجم الانقسام الداخلي الذي بدأ يتفاقم بشكل خطير.

الاشتباكات لم تكن مجرد مواجهات بين متظاهرين وقوات الشرطة، بل شهدت بعض المناطق اشتباكات عنيفة بين المستوطنين أنفسهم. في تل أبيب، حيث التوتر كان في ذروته، اندلعت مواجهات بين مجموعات من المستوطنين وقوات الأمن التي حاولت تفريق التظاهرات بالقوة. بعض التقارير أشارت إلى أن قوات الأمن استخدمت وسائل قمعية شديدة لتفريق المتظاهرين، ما زاد من حدة الاشتباكات التي استمرت لساعات طويلة. هذه التطورات غير المسبوقة تسلط الضوء على خطورة الوضع الداخلي في إسرائيل، حيث أصبحت الحكومة تواجه تحديًا مزدوجًا: من جهة، التعامل مع التظاهرات الغاضبة، ومن جهة أخرى، محاولة إعادة فرض النظام والسيطرة على المستوطنين الغاضبين.

وبينما تشتعل الاحتجاجات في الشوارع، فإن الطبقة السياسية تبدو منقسمة بشكل عميق حيال قرار نتنياهو. بعض الأوساط السياسية في إسرائيل ترى أن قرار إقالة جالانت كان خطأً استراتيجيًا، حيث إنه جاء في وقت كانت فيه البلاد بحاجة إلى استقرار سياسي وأمني. في المقابل، يرى آخرون أن جالانت كان يمثل عقبة أمام التقدم في بعض الملفات الهامة مثل قانون التجنيد، الذي يعتبر قضية حساسة داخل إسرائيل، حيث يرفض العديد من الفئات الخضوع له لأسباب دينية أو سياسية. هذا الانقسام السياسي يعكس حالة التخبط التي تعيشها الحكومة الحالية، والتي تبدو غير قادرة على إيجاد حلول للأزمات المتراكمة التي تواجهها.

ويبقى السؤال المطروح هو إلى أين تتجه إسرائيل في ظل هذه الفوضى الداخلية المتصاعدة. القرار الذي اتخذه نتنياهو بإقالة جالانت قد يكون بداية لعهد جديد من الصراعات الداخلية، حيث إن الاحتجاجات المتزايدة والاشتباكات العنيفة في الشوارع تشير إلى أن الأمور قد تتجه نحو مزيد من التصعيد. ومع تزايد الضغوط على الحكومة من قبل الشارع والأوساط السياسية، فإن التحديات التي تواجهها إسرائيل في المرحلة المقبلة قد تكون الأكبر في تاريخها الحديث.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button