شهدت البورصة المصرية اليوم واحدة من أسوأ الجلسات في تاريخها الحديث حيث أنهت تعاملات اليوم بخسارة فادحة وصلت إلى 4 مليارات جنيه مصري وسط تراجع جماعي لجميع المؤشرات الرئيسية
هذا الانهيار المدمر ليس إلا نتيجة مباشرة للتخبط الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد والممارسات الفاسدة للحكومة المصرية التي تسببت في ضرب استقرار السوق وتهديد مستقبل الاستثمارات
المؤشرات الرئيسية للبورصة تأثرت بشكل حاد حيث تراجع مؤشر EGX30 بنسبة 1.5% وهو المؤشر الرئيسي الذي يعكس أداء أكبر 30 شركة مدرجة في البورصة المصرية في حين انخفض مؤشر EGX70 الذي يقيس أداء الأسهم الصغيرة والمتوسطة بنحو 2% كما سجل مؤشر EGX100 انخفاضاً بنسبة 1.8% هذه التراجعات لم تكن مفاجئة في ظل الضغوط الهائلة التي فرضتها الحكومة على السوق من خلال سياسات اقتصادية متخبطة وغير مدروسة
ما زاد من خطورة الوضع هو أن هذه الخسائر جاءت نتيجة ضغوط بيع مكثفة من المتعاملين خاصة المستثمرين الأفراد الذين فقدوا الثقة في الاقتصاد المصري نتيجة الفساد الواضح في تعاملات الحكومة مع السوق البورصة أصبحت ساحة معركة للمضاربة العشوائية والقرارات غير المدروسة ما أثار حالة من الهلع بين المستثمرين الذين سارعوا إلى التخلص من أسهمهم خوفاً من مزيد من الخسائر
الحكومة المصرية التي تدّعي حماية مصالح المستثمرين لم تقم بأي خطوات جدية لوقف هذا النزيف المالي المستمر بل على العكس تماماً فقد ساهمت سياساتها الاقتصادية الفاشلة في تفاقم الأزمة
فمنذ أن بدأت الحكومة في تنفيذ سلسلة من الإجراءات التقشفية ورفع الدعم عن السلع الأساسية والأسعار في ارتفاع مستمر مما أثقل كاهل المواطن العادي وأدى إلى تراجع قدرته الشرائية وهو ما انعكس سلباً على الأسواق المالية
الفساد المستشري في أروقة الحكومة المصرية لعب دوراً كبيراً في هذا الانهيار البورصوي حيث تم الكشف عن صفقات مشبوهة وعقود غير قانونية تم إبرامها بين الحكومة وبعض الجهات المتنفذة ما أدى إلى تحويل السوق إلى مسرح لعمليات النهب والفساد بشكل غير مسبوق التقارير تشير إلى تورط مسؤولين كبار في الحكومة المصرية في صفقات فساد تتعلق ببيع وشراء أسهم شركات مملوكة للدولة بأسعار غير عادلة بهدف تحقيق مكاسب شخصية على حساب المال العام
الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الأخيرة لم تكن إلا غطاءً للفساد المستمر حيث استغلت بعض الشركات الحكومية الأوضاع لتمرير صفقات مشبوهة بعيدا عن أعين الرقابة المالية مما ساهم في انهيار ثقة المستثمرين الأجانب والمحليين على حد سواء السوق المصري أصبح بيئة طاردة للاستثمار بسبب السياسات الحكومية الفاسدة وعدم وجود أي إجراءات رادعة للمتورطين في قضايا الفساد
الأرقام الكارثية التي شهدتها البورصة اليوم ليست إلا انعكاساً لأزمة أعمق بكثير من مجرد تعاملات يومية في السوق إنها أزمة نظام اقتصادي كامل تتلاعب فيه فئة قليلة من المتنفذين بمصالح الشعب المصري دون رادع أو محاسبة فقد تجاوزت خسائر البورصة خلال الشهر الماضي حاجز الـ20 مليار جنيه وسط تراجع مستمر في جميع المؤشرات ما يطرح تساؤلات حقيقية حول مدى جدية الحكومة في معالجة الأزمة الاقتصادية
وبينما تستمر الحكومة في تجاهل الأزمة وتصدر بيانات شكلية لا تعكس حجم الكارثة الاقتصادية يتساءل المواطنون والمستثمرون عن مستقبل الاقتصاد المصري هل ستستمر الحكومة في ترك السوق عرضة للانهيار دون تدخل حقيقي أم أن هناك خطوات جذرية ستتخذ لإصلاح الأوضاع المتدهورة الإجابة تبدو بعيدة في ظل استمرار الفساد وغياب الرقابة المالية الفعالة
النظام المالي في مصر بات بحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة وعاجلة فالأزمة الحالية لم تعد مقتصرة على المستثمرين في البورصة فقط بل امتدت لتشمل كافة القطاعات الاقتصادية في البلاد من زراعة وصناعة وتجارة وحتى السياحة التي تعتبر أحد أهم مصادر الدخل القومي لم تسلم من تأثيرات الانهيار الاقتصادي
ما تشهده البورصة المصرية اليوم ليس مجرد أزمة عابرة بل هو مؤشر على انهيار اقتصادي شامل لا يمكن إغفاله أو تجاوزه إلا بإجراءات حقيقية لمحاربة الفساد وإعادة الثقة في السوق وإصلاح السياسات الاقتصادية التي أضرت بمصالح الشعب