عبدالجبار سلمان : عبدالجبار سلمان يكتب: تحالفات تهدد أمن وسلامة المنطقة
تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المقدم لمجلس الأمن في 11 أكتوبر 2024 يتناول بعمق العلاقة المتنامية بين ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران وتنظيمي “القاعدة” و”داعش”،
مسلطاً الضوء على المخاطر الجسيمة التي يشكلها هذا التحالف على الأمن والسلم الإقليمي والدولي. التقرير يثير القلق بشأن التنسيق الواضح والتخادم القائم بين الحوثيين وهذه الجماعات المتطرفة، مع دور إيراني حاسم في دعم وتعزيز هذه الروابط، مما يشكل تهديدًا خطيرًا لأمن واستقرار المنطقة. بحسب التقرير،
تبرز علاقة مقلقة بين الحوثيين وتنظيمي “القاعدة” و”داعش”، حيث يتم التنسيق بين الأطراف لتعزيز المصالح المشتركة وتبادل الخبرات والمعلومات الاستخباراتية. يظهر أن الحوثيين يقدمون تسهيلات لهذه التنظيمات في مناطق نفوذهم داخل اليمن، بما في ذلك توفير ملاذ آمن لعناصرهم،
الأمر الذي ساهم في تعزيز حضورهم وعملياتهم في المنطقة. كما أن هذا التعاون، وفقًا للتقرير، لا يقتصر على الجانب اللوجستي، بل يمتد إلى تنسيق العمليات العسكرية والتكتيكات القتالية.
وقد تم تسجيل حالات قام فيها الحوثيون بنقل معلومات حساسة وخبرات تقنية، مثل تكنولوجيا الطائرات المسيّرة وتقنيات تصنيع العبوات الناسفة، ما يُعد تطوراً خطيراً يعكس مدى عمق العلاقة بين الطرفين.
أشار التقرير إلى دور إيراني محوري في دعم هذه العلاقة الثلاثية، حيث تستخدم إيران الحوثيين كوسيلة لتحقيق أهدافها الإقليمية وممارسة نفوذها، ليس فقط في اليمن، بل في المنطقة ككل. توفّر إيران للحوثيين دعماً مالياً وعسكرياً ولوجستياً،
بما في ذلك إمدادات الأسلحة المتقدمة وتدريبات لمقاتليهم، وهو ما يساعدهم على تحسين تكتيكاتهم وزيادة قدراتهم القتالية. التقرير أوضح أن إيران تدرك الفائدة الاستراتيجية من تحالف الحوثيين مع “القاعدة” و”داعش”، حيث أن هذا التعاون يسهّل لها تنفيذ أجندتها الإقليمية، ويزعزع استقرار الحكومات المعادية لطهران، مما يمنحها أفضلية في الصراع الإقليمي.
من الواضح أن هذا التنسيق بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية يشكّل تهديدًا كبيرًا لأمن واستقرار دول المنطقة والمجتمع الدولي. حيث أن التخادم المتبادل بين الحوثيين و”القاعدة” و”داعش” يوسع من قدراتهم التنفيذية ويزيد من نطاق عملياتهم، ما يؤدي إلى تهديد مباشر لخطوط الملاحة الدولية والبنى التحتية الحيوية في دول الخليج.
علاوة على ذلك، فإن هذه العلاقة تعقّد الجهود الدولية في محاربة الإرهاب، حيث تتداخل التنظيمات الإرهابية المدعومة من الحوثيين مع مساحات نفوذهم، مما يعيق العمليات العسكرية ويمنح التنظيمات الإرهابية فرصاً للتوسع في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيا الحوثية. التقرير الأممي يبرز تحديًا كبيرًا أمام المجتمع الدولي،
حيث يتطلب التنسيق بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية مقاربة جديدة تتجاوز الحلول التقليدية لمكافحة الإرهاب. فالدعم الإيراني لهذه الشبكة يعزز قدراتها على التكيف مع الضغط الدولي ويسمح لها بالبقاء والانتشار. ويفرض هذا الأمر تحديات كبيرة على عمليات مكافحة الإرهاب، ويستدعي إعادة تقييم الاستراتيجيات المعتمدة حالياً.
ختاماً إن تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة حول العلاقة بين الحوثيين وتنظيمي “القاعدة” و”داعش” يكشف عن واقع مقلق يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي. يُظهر التقرير أن إيران تلعب دورًا حاسمًا في دعم وتعزيز هذه التحالفات، ما يزيد من خطورة الأوضاع في اليمن ويمد تأثيرها إلى مستوى دولي. بناءً على ما ورد،
فإن المجتمع الدولي بحاجة إلى توحيد الجهود لمواجهة هذا الخطر المتنامي من خلال وضع استراتيجية شاملة تراعي التعقيد السياسي والأمني الذي تمثله هذه الشبكة، والتي تعززها إيران كأداة لتحقيق نفوذها الإقليمي وزعزعة استقرار الدول المعادية لها.